قلم الإرادة

كسرُ القلب: المفاهيم الطبية والعامية

في هذا المقال سأخرج عن نمط كتاباتي وساخط بعض السطور من أجل طلب خاص من ابن عم لي طلبني أنْ أكتب عن انكسار القلب.

إذا كنت تستمع إلى الأغاني أو تقرأ الأدب، فمن الرائج أن تجد مصطلح “كسر القلب” يتكرر بشكل متقن. إنها صورةٌ بلاغية تُستخدم لوصف الألم الشديد الذي يمكن أن يشعر به الإنسان عند التعرض لحالة من الاضطراب العاطفي، مثل الخيانة أو الفقد. ولكن هل يمكن أن يُكسَر القلب فعلياً؟ يبدو أن الطب يقول بوضوح: نعم، يمكن.

في الطب، يتم استخدام مصطلح “متلازمة القلب المكسور” أو “كارديوميوباتيا تاكوتسوبو” للإشارة إلى حالة حقيقية ومادية للقلب، وقد تمت مشاهدتها في أول مرة في اليابان في التسعينات، حيث يتحدث اسم “takotsubo” عن الأوعية الفخارية التي يُستخدمها الصيادون اليابانيون لصيد الأخطبوط، والتي تشبه شكل القلب في هذه الحالة.

تتسبب متلازمة القلب المكسور عند حدوثها في تغير كبير في الشكل والوظيفة الطبيعية للقلب. وهذا التغير يرجع عادةً إلى الإجهاد الناجم عن حالة من الضغط العاطفي أو الجسدي الشديد، مثل فقدان حبيب أو المرض الجسدي الخطير. بالرغم من أن هذه الحالة تختلف كثيراً عن الذبحة الصدرية، فيمكنها أن تشمل أعراضاً مشابهة، مثل الألم في الصدر وصعوبة التنفس.

على الرغم من الفهم العام لكسر القلب كمشاعر من الخيبة والألم، يبقى كسر القلب في مقاييسه الطبية قادر على الإحداث بالفعل في تغييرات جسدية ملموسة ومرئية. ومع ذلك، الجدير بالذكر أن “متلازمة القلب المكسور” عادة ما تكون مؤقتة، ويمكن أن تستعيد القلوب صحتها بالكامل بالراحة والعلاج الطبي المتابع.

تذكر، على الرغم من أن “كسر القلب” قد يبدو مفهوماً رومانسياً أو فنياً، إلا أنه يحمل دلالات طبية حقيقية قد تتطلب الرعاية الطبية.

بغض النظر عما إذا كان ألمك ناجم عن الخسارة الرومانسية أو من متلازمة القلب المكسور، فمن المهم الاعتناء بنفسك والسعي للحصول على الدعم الذي تحتاجه، سواء كان ذلك دعماً عاطفياً أو طبياً.

بالإضافة إلى المفاهيم الطبية، يجدر بنا التطرق لمفهوم “كسر القلب” في الثقافات العامية ونظرة المجتمع له. في الحقيقة، فإن “كسر القلب” في العامية يشير عادة إلى نوع عميق من الحزن والألم، وغالبا مؤلم بشكل معنوي وليس بالضرورة بالشكل الجسدي.

ففي الأدب والفن والموسيقا، يتم استخدام مصطلح “كسر القلب” لوصف الألم العميق الناجم عن فقدان عاطفي، سواءً كان ذلك عبر الطلاق أو الانفصال أو حتى الوفاة. الحالة المزاجية للشخص الذي تألم بهذه الطريقة يمكن أن تكون شديدة وقاسية، وربما تؤدي إلى اضطرابات في النوم والشهية والطاقة والتركيز.

وفي الثقافات العامية، يشترك أيضاً في الشعور بالوحدة والرغبة في العزلة، يمكن أن يكون مصدراً لها العلاقات الفاشلة والتجارب العاطفية السلبية. يتوجه البعض في هذه الفترات إلى الأنشطة الفنية كمصدر للتعبير عن مشاعرهم وتجاربهم.

عند الحديث عن “كسر القلب”، لا يمكننا تجاهل الأثر الذي يمكن أن يكون للعواطف القوية والإجهاد النفسي على الصحة البدنية. فالبحوث الحديثة تشير إلى وجود ارتباط بين الصحة العقلية والجسدية، وأن الإجهاد والألم العاطفي يمكن أن يكون لهما تأثيرات بدنية واضحة.

في النهاية، إذا كنت تشعر بـ”كسر القلب” أو تعاني من الألم العاطفي، من المهم التذكر أن هناك دعماً متاحاً سواءً من خلال الأصدقاء وأفراد العائلة، أو المحترفين مثل الأطباء والأخصائيين النفسيين. تذكر دائماً أن الوقت والعلاج يمكنهما الشفاء وأن “كسر القلب”، حتى في أصعب الأوقات، ليس دائماً.

••

سامي بن أورنس الشعلان – أكاديمي

X: @soalshalan

‏Email: sshalan@alerada.net

مقالات ذات صلة