قلم الإرادة

في مرمى السياسة (الرياضة والسياسة: اتفاق غير ممكن)

الرياضة والسياسة: اتفاق غير ممكن

إذا كنا نتابع تطور الرياضة على مستوى العالم، فسنلاحظ أن السياسة باتت تشكل جزء محوري منها بالرغم من تباين الرؤى حول هذا الموضوع. هل يمكن أن تتفق الرياضة والسياسة؟ أو هل يجب أن تكون متجانسة حتى لا تؤثر سلباً على الرياضة؟ هذا السؤال الذي دائمًا ما يغذي النقاشات والمحادثات العالمية، والإجابة ليست بالأمر السهل.

في الأساس، الرياضة هي متعة وحرية، تتطلب المهارة، القوة، والتحدي، وتعظم حب الحياة والصحة ،كما ان الرياضة تعتبر رابطاً مشتركاً وعالمياً يجمع الناس من مختلف الثقافات والأديان والأجناس.

أما السياسة تعتبر مجالاً تحكمه الانقسامات والخلافات، ما يمكن أن يؤدي إلى تقسيم وتوتر بدلاً من الاتحاد والانسجام.

على الرغم أن السياسة قد تؤثر أحياناً بطرق إيجابية، مثل دعم الحكومة للرياضة أو تحسين البنية التحتية الرياضية أو تعزيز المشاركة الرياضية، إلا أن غالبية الأحيان، تداخل السياسة في الرياضة بطرق سلبية تسبب الأذية والفتنة.

فعلى سبيل المثال، استخدام الرياضة آلة لتعزيز الأجندات السياسية، أو حظر بعض الدول من المشاركة في الألعاب الرياضية الدولية بسبب نزاعات سياسية، كلها طرق تؤدي إلى تقليل الغاية الأصلية للرياضة التي تتعلق بتعزيز الوئام والتفاهم بين الشعوب.

حينما يتم فرض أجندات سياسية على الرياضة، فمن المحتمل أن يتسبب ذلك في تقليل قيمة الرياضة كوسيلة للتواصل والوحدة بين الشعوب المختلفة؛ بل قد يؤدي أيضاً إلى استغلال الرياضة كأداة لتحقيق أهداف سياسية، مما يمكن أن يتسبب في القليل من الإلتباسات، وقد يضر بالروح الرياضية النقية.

الموقف الأخلاقي يقتضي أن الرياضة يجب أن تظل بعيدة عن أي تأثير سلبي يمكن أن ينجم عن ازدحام السياسة. يجب أن تكون الرياضة دائماً مكاناً للتنافس النزيه والروح الرياضية، وتجنب أي تعصب أو تمييز يمكن أن ينشأ عن الميل السياسي المتعمد.

تحقيق هذا الهدف يتطلب مجهوداً نشطاً من جانب الفاعلين في الرياضة: الرياضيين، المدربين، الإدارات الرياضية، والمشجعين. كل هؤلاء يلعبون دوراً في الحفاظ على الرياضة كمساحة للتنافس النزيه والألعاب الرياضية النقية، بعيدة عن التوترات والتأثيرات السياسية.
هذا جزء مهم من أخلاقيات الرياضة الدولية.

عندما تقام المباريات الدولية أو الإقليمية في بلد معين، فإن الفرق واللاعبين وجميع الحضور يجب عليهم احترام القوانين والأعراف الثقافية في البلد المضيف ،هذا يعكس الأحترام للتنوع والروح الرياضية العالمية. الرياضة، بما فيها من شغف وتنافس، توفر أيضاً فرصة للتعلم والتقدير للثقافات والقوانين الأخرى. في هذا السياق، يمكن للرياضة أن تعزز الفهم المتبادل والاحترام بين الأمم.

المشهد الرياضي الحالي يحتاج إلى تقدير أعمق لفضاء الرياضة كمنطقة خالية من السياسة، حيث يمكن للأفراد الاستمتاع بها والمشاركة فيها، بغض النظر عن خلفياتهم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية. بينما يمكن أن تتفق الرياضة والسياسة في بعض الأمور، مثل تعزيز التنمية البشرية والاستدامة، فإن غالبية الأحيان، يكون الفصل الواضح بينهما هو الحل الأمثل للحفاظ على الحرية والنزاهة الرياضية.

وفي النهاية، الاحتفاظ بواقع الرياضة كمحايد ومستقل يضمن للاعبين والمشجعين مجالاً خالياً من القلق السياسي، وهو مكون أساسي للتواصل البشري والكيان الاجتماعي. تأتي الرياضة كأداة للتواصل والتفاهم في العديد من الأحيان حيث أنها تتجاوز اللغات وتضم الثقافات المتعددة. الألعاب الأولمبية، على سبيل المثال، تعد تظاهرة رياضية عالمية تجمع البلدان المختلفة حول نفس الهدف: تعزيز الروح الرياضية ورابطة الإنسانية.

••

سامي بن أورنس الشعلان – أكاديمي

X: @soalshalan

‏Email: sshalan@alerada.net

مقالات ذات صلة