قلم الإرادة

هل اقترضت الجن أشيائي

بعدما تمزق شرود ذهني بصرامة الانتباه قررت أن أُجري اتصالاً على صديقٍ لي فمددت يدي لألتقط الهاتف وأجري الاتصال ولكن الغريب أنني لم أجد هاتفي بجواري بالرغم أنني متأكد أنه كان موجود على رف الطاولة بجانبي، فهرعت بالبحث عنه ولكني لم أجده
أستنفرت كل الاستنفار بالبحث عن الهاتف أنا وأفراد الأسرة، ولكن دون جدوى والغريب إنه بعد مضي مدة من الوقت رجعت إلى مكاني الذي كنت به، والأغرب أنني وجدت هاتفي بالمكان الذي افتقدته فيه.

قد أنتابني الذهول من هذه الحادثة، لكن بعد البحث والتقصي بهذه المسألة وجدت أنها ظاهرة غريبة تمر على الكثير منا، وأسهبت بالبحث الاستطلاعي لمعرفة أسرار هذه الظاهرة، وخلصت إلى عدة أسباب:

فمنذ بداية التاريخ البشري لوحظت هذه الظاهرة الغريبة، وكل الحضارات التي مرت بها البشرية خرجت بنظريات وتفسيرات لاختفاء الأشياء وعودتها، وكان الاتهام دائماً موجه للأرواح الشريرة أو الجن ومن الطريف أن البعض يضع حليب أو حلوى لإرضاء تلك الأرواح، وفي عام 1952م نشرت كاتبة الأطفال الإنجليزية (ماري نورتون) رواية بعنوان (المقترضون) والتي صورت كفيلم فيما بعد، حيث تحكي الرواية قصة عائلة أفرادها صغار الحجم (الأقزام) يختبئون في منزل إنجليزي ويقومون باستعارة الأغراض من المنزل ثم إعادتها في وقت لاحق، وجعلت الكاتبة المقترضون هم أبطال الرواية، فتدور صراعات بينهم وبين أصحاب المنزل.

الكل نظر أن هذه الرواية إنها من وحي الخيال، لكن هذه الرواية أثارت تساؤلات من الذي يقترض أغراضنا ومن ثم يعيدها، إلى أين تذهب الأشياء وكيف تعود؟! وقد أحتار الباحثون والدارسون بإيجاد تفسير منطقي لهذه الظاهره بدءاً، من القول أنها أسباب نفسية وصولاً إلى الحديث عن خوارق وغرائب، والبعض قال إنها تحدث بسبب شرود ذهن الشخص والبعض قال إنها مزحة من المقربين.

هناك عدة تحليلات لفقدان هذه الأشياء سوف أذكرها بعدة نقاط، فقدان الأشياء على نوعين:

النوع الأول: فقدان طبيعي على محمل النسيان أو السرقة أو ما شابت ذلك، أما الثاني يتمركز على عدة نقاط:

1- في بعض الأحيان تسبب الانفعالات النفسية للإنسان بوضع أشياءه بأماكن غير معتادة دون أن يشعر فلا يبحث إلا بالأماكن المعتادة ويصيبه الذهول فيما بعد، عندما يجده في مكان غير معتاد، هذا ما يسمى بالفقدان المؤقت.

2-  ما يسمى في انتقال الأبعاد.. من وجهة نظر علمية أن الأشياء ممكن أن تنتقل من زمن إلى زمن آخر من الماضي إلى المستقبل.

تعتبر هذه نظرية غريبة لكن العلماء أكدوا إمكانية حدوثها، منهم الكاتب (ستيفن هوكنغ) والدليل أنها موجودة في بحوث فيزيائية الكم
تقول النظرية أن المكان والزمان ثلاث أبعاد مرئية للإنسان وأخرى غير مرئية.

والأشياء بطبيعة الحال تنزلق من بعد زمني إلى بعد زمني آخر لتعود من جديد بعد فترة إلى مكانها الأول لكن بزمن قريب بالمستقبل العاجل بنفس المكان الذي تُركت فيه، وهذا يعني أن الأشياء تنتقل بين الماضي والمستقبل.

3- الاختفاء المؤقت: يقول هذا التفسير أن بعض الأشياء قد تصبح غير مرئية ولا يعود بإمكان الشخص ملاحظة وجودها من ناحية علمية يرتبط هذا التفسير بنظرية العمى المؤقت ومن ناحية يربطها البعض بالاختفاء المؤقت الذي لم يجد له تفسير علمي حتى الآن!

4- وجود المقترض.. والأغلب يعتقد أن بقدرة الجن اقتراض الأشياء ثم إعادتها بوقت لاحق، لكن السؤال هل الجن تستطيع اقتراض الأشياء

قد ثبت بالتاريخ استطاعة الجن اختطاف البشر كما حدث مع خرافة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما خرافة؟ اختطفته الجن وأسرته دهراً ثم عاد إلى قومه وزعم أن الجن استهوته وخطفته فأصبح يحدثهم بأغرب ما رأى فسمي بحديث خرافة ونسبت كلمة خرافة باللغة إلى اسم هذا الرجل.

إذا كانت الجن بقدرتها خطف البشر كيف لا يكون بقدرتها أن تقترض بعض الأشياء من البشر، تبقى المسألة عائمة على عدة احتمالات إلى هذه اللحظة لا يعترف بها المنطق.

في الختام إن فقدت شيء ابحث، وأنت تردد لا حول ولا قوة إلا بالله، أو قل دعاء فقدان الضالة: (يا هادي الضالة وراد الضالة أردد علي ضالتي بعزتك وسلطانك فإنها من عطائك وفضلك).

••

فريح محمد الرويلي – كاتب في صحيفة الإرادة

Twitter: @foraihalrowaily