قلم الإرادة

سر الوجود

هناك وقبل ولادة التاريخ وفي زوايا أزمنة غابرة خارجة عن إدراك وعي الوجود، وفي حينٍ من الدهر لم نكن شيئاً مذكوراً، كنا نعم .. كنا تراباً تذروه الرياح، حتى سافرت ذرات الرمل إلى السماء بقبضة الملك
فتكون أصلنا بأمر الإله خلقاً سوياً، وفي ذلك الزمن السحيق عاد أبينا إلى الأرض وقد علق في ذاكرته سجود الملائكة ونعيم الجنة وذنب مكفن في غفران، قد أغوى إبليس أبينا آدم بالخلود ليخرجه من الجنة، وبعد هبوطه إلى الأرض بدأت الحياة بعد معركة خاسرة بالسماء، ومُنحنا فرصه إلهية جديدة، فمنا من سوف يكسب المعركة الثانية ويعود إلى الجنة، ومنا من سوف يستحوذ عليه الشيطان ويغويه ويحمله معه إلى النار، لكل منا حياته،  نخرج من غياهب الرحم إلى الدنيا بنوبات من البكاء ونستنجد من حولنا وهم يضحكون، آه ما أجمل أيام الطفولة والبراءة تكتسي أرواحنا، كانت السعادة تغمرنا في لحظات اللعب، تشهد المراجيح والضحكات التي لا زالت عالقة هناك، تنقلها لنا تحديثات الذاكرة كل حين، نلتهم النهار باللعب ويلتهمنا الليل بالنوم العميق، نجهل كل ماهو في انتظارنا في عيون المستقبل ولا نعلم أن لكل منا له مسار حياة مختلف عن الآخر.

ما إن ينزل القلم ليكتب كل ما نقترفه من أقوال وأفعال إلا وقد أنغمسنا في معارك الحياة بالبحث عن لقمة العيش وبنفس الوقت ننزحم بكم هائل من الشهوات والمغريات وغفلة تعمي أبصارنا عن الهدف المنشود في الانتصار في هذه المعركة الثانية لكي نعود إلى الجنة، أجزم أن الهدف السامي في أسرار الوجود قد غاب عن أبصار قلوبنا بالرغم من معرفتنا التامة بذلك، إلى المتأملون في فلسفة الحياه الغامضة، انغمسوا بالتفكر فإنه النور الذي سوف يخرجكم من ظلمة الغفلة، إلى أولئك الذين تاهت بهم الأفكار ولا يعرفون إلى أين الانتماء؟ كونوا إلى الله أقرب تكونوا الاتقياء وتتخلصوا من فقر الانتماء.

إلى من جرّحتهم الحياة ولا يواسيهم سوى الملح وأصبح اليأس مأواهم الأخير، ابتسموا فالحياة أجمل ورحمة الله أوسع وأحسنوا الظن برب العالمين، إلى من شرب الظلم واعتلاه القهر وحارت الدمعة الحارقة بعينه؛ اعلم أن فلسفة الأقدار سوف تبهج صدرك لأنها كُتبت بحبر العدل الإلهي، ولسوف يرتضي قلبك من أقدار الله والأيام خير شاهد على ذلك، إلى من دمرت أعماقه صدمة وتصدعت حياته بالذهول وأدرك معنى الخذلان؛ كن قوياً ولا تكترث، فما كان هو درس في فصول الحياة، غادر الماضي وانظر إلى المستقبل بنظرة الأمل وبيقين التفاؤل، إلى كل من يحب الشر ويتلذذ في انتهاكه، وعشقه يكمن في إيذاء الآخرين، إلى كل من يجيد المكر ويتلذذ بالغيبة ويسفك أعراض الغافلين ولا يبالي بالأرواح الغافلة، لكل مسار نهاية، ولكل ذنب حساب، واعلم أن هناك لحظة يرد فيها كل حق لصاحبه ولا تكن من المفلسين، واعلم أن العقاب في الدنيا قبل الآخرة، وللسماء عدالة تنتقم لكل أولئك المظلومون بجنايتك.

وقفة:

قبل أن نعود إلى التراب مرة أخرى؛ لنتذكر أنّا سوف نرحل إما في ابتسامة راضية، أو بدمعة تحرق آخر ما تبقى من المشاعر والإحساس بنار الندم قبل مغادرة الروح.

أما بعد..

تساؤلات إلى قلب الحياة قبل الأفول
هل يُقبل عذر الظلام ونزوة الليل البهيم؟
هل يعذر القلب الجسور تحت النصيئة الخاطئة؟
هل ينفع الأسف السقيم أعماق روحاً جازفت بالثواني الباقية؟

افشِ لنا سرك قبل أن ترحلين

قالت بابتسامة..
الحياة تعني أن تعيش في خطر!

صدقني إن السر الذي يجعل الوجود ممتعاً ومثمراً هو أن تعيشوا في خطر! فلتبنوا مدنكم تحت بركان فيزوف! ولترسلوا سفنكم إلى البحار المجهولة! ولتعيشوا في حرب مع أندادكم ومع أنفسكم! ولتكونوا غزاةً مالكين.

آه حتى إجابتها غواية دفنت بالأدب

وفي الختام:

استثمروا لحظة العمر ببناء الآخرة، وكونوا كما تطمحون. دمتم بود.

••

فريح محمد الرويلي – كاتب في صحيفة الإرادة

Twitter: @foraihalrowaily