إقليمي وعالمي

آمال بنجاح قمة بايدن وشي في وقف التصعيد بين واشنطن وبكين

يلتقي الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي يحكم لولاية ثالثة القوة العالمية الثانية، نظيره الأميركي جو بايدن على هامش قمة مجموعة العشرين في بالي بإندونيسيا، الأسبوع المقبل. وسيكون هذا أول اجتماع بين الزعيمين منذ تولي بايدن الرئاسة في الولايات المتحدة. وكان جو بايدن وشي جينبينغ أجريا محادثات خمس مرات عبر الهاتف أو عبر الفيديو، لكن لقاءهما المقبل سيكون الأول حضورياً منذ يناير (كانون الثاني) 2021.

ومن المقرر أن يجتمع الزعيمان، الاثنين، لمناقشة «الجهود الرامية إلى المحافظة على خطوط التواصل بين البلدين وتعميقها، وإدارة المنافسة بشكل مسؤول، والعمل معا حيث تلتقي مصالحنا»، بحسب البيان الصادر عن البيت الأبيض. ويضيف البيان أن المناقشات ستتناول أيضاً «التحديات العابرة للحدود التي تؤثر على المجتمع الدولي، ومجموعة من القضايا الإقليمية والدولية».

ولا شك أن الجانبين يُقبلان على المحادثات الثنائية بسقف توقعات منخفض، لا يشمل تحقيق اختراقات في القضايا الخلافية الكثيرة بين البلدين، أو حتى أمل تخفيف التوترات بشكل كبير. إلا أن الجانب الأميركي يأمل، وفق تصريحات مسؤول كبير في إدارة بايدن للصحافيين، أن يتمكن الرئيس الأميركي من «بناء الأرضية» لعلاقة ثنائية تمنع تحول الخلافات إلى صراع، وتسمح بالتعاون المثمر في مجالات مثل المناخ والتهديد الكوري الشمالي.

وحتى من دون تنازلات حقيقية من أي من الجانبين، فإن هذه القمة تعد فرصة نادرة لبحث القضايا ذات اهتمام مشترك بين واشنطن وبكين. فالاقتصاد العالمي الذي يواجه ارتفاعاً غير مسبوق في الأسعار وتدهوراً في الدخل الحقيقي، يعمق من الأزمات المتزامنة على خطوط الصدع الجيوسياسي جراء تداعيات الحرب الأوكرانية، والتوترات في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، والتجارب الصاروخية لكوريا الشمالية وتهديداتها النووية.

غير أن العديد من المحللين يعتقدون أن النجاحات قد تكون في القضايا الجانبية، حيث يشكل لقاء بايدن وشي، فرصة لتقييم كل طرف موقف الطرف الآخر، بشأن القضايا الرئيسية. ويلفت هؤلاء إلى أن موقف بايدن يبدو أكثر قوة اليوم، بعد نجاحه وحزبه في تفادي «هزيمة كبيرة» في الانتخابات النصفية. في المقابل يأتي شي إلى الاجتماع متسلحاً بحزب ملتف حول قيادته.

ومع ذلك، فإن المشاكل المطروحة لا تزال مستعصية على الحل، بعد أن زادت الصين من ضغوطها على تايوان منذ زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي في أغسطس (آب) الماضي، وتفاقم الخلاف التجاري، حيث فرضت الولايات المتحدة قيوداً جديدة على بيع الرقائق المتقدمة.

في المقابل، يواجه بايدن «صقوراً» من المتشددين من الحزبين، الأمر الذي من شأنه أن يبعد أي تغيير في موقف واشنطن من بكين، ويقلص بالتالي من مساحة المناورة بين الرجلين. فالصين التي قطعت المحادثات حتى بشأن قضايا مثل التحقيقات الجنائية والمناخ بعد زيارة بيلوسي، قد تجد نفسها مضطرة إلى إيجاد خطاب آخر غير التصعيد مع واشنطن. ومع تعهد البلدين بالعمل على وقف الاحتباس الحراري والاستثمار في الاقتصاد الأخضر، قد تتيح المحادثات الجديدة بين بايدن وشي فرصة استئناف للحوار بين البلدين في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ الجاري في شرم الشيخ.

ويقول بعض مسؤولي إدارة بايدن إنهم يبحثون عن مجالات الاهتمام المشترك التي يمكن أن تؤدي إلى مناقشات ودية ومثمرة، وقد يكون تغير المناخ إحدى القضايا القليلة التي يمكن الاتفاق عليها. وهو ما عبر عنه الإعلان الأخير عن نية المسؤولين عن ملف المناخ في البلدين، العودة إلى المفاوضات قريباً. كما عدت تصريحات القيادة الصينية خلال مؤتمر الحزب الشيوعي، التي ورغم أنها حملت «لغة قوية»، لكنها كانت تشير إلى الاستعداد للتواصل، بعيداً عن التهديدات. وهو ما قد يجد ترجمته في تخفيف حدة التوتر، على الأقل مع أستراليا، كاختبار أولي عن رغبة الصين في الحد من التوترات في المنطقة.

وأكد مستشار الأمن القومي جيك سوليفان أن إدارة بايدن اتبعت نهجاً تجاه الصين يقوم على الأساسيات نفسها: «الاستثمار في أسس قوتنا هنا في أميركا، ومواءمة جهودنا مع شبكة من الحلفاء والشركاء، والتنافس بمسؤولية للدفاع عن مصالحنا ومصالح الدول ذات التفكير المماثل وتعزيزها». وأضاف أن الاجتماع بين الرئيسين سيكون فرصة «متعمقة وموضوعية لفهم أولويات ونيات بعضنا البعض بشكل أفضل، ومعالجة الاختلافات، وتحديد المجالات التي يمكننا العمل فيها معاً؛ لأن العمل معاً لمعالجة المشكلات المشتركة هو لفائدة المنطقة، وهذا ما يتوقعه العالم من القوى المسؤولة».

مقالات ذات صلة