قلم الإرادة

الحزام والطريق الصيني بين ثلاث قمم

تنطلق القمة الخليجية الصينية بالمملكة العربية السعودية، ضمن ثلاث قمم خليجية وعربية، الأولى “سعودية -صينية”، والثانية “خليجية- صينية”، والثالثة “عربية – صينية” باسم “قمة الرياض العربية- الصينية للتعاون والتنمية”، وبحضور أكثر من ثلاثين قائد دولة ومنظمة دولية.

وتأتي هذه القمم في خضم اضطرابات دولية “سياسية واقتصادية”، من أبرزها: الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الدولية، والتضخم الاقتصادي، بالإضافة إلى اضطراب العلاقات السعودية الأمريكية.

لوحظ بشكل عام أن استقبال الرياض للرئيس الصيني كان أكثر دفئاً من استقبال الرئيس الأمريكي بايدن في يوليو من هذا العام، كما وصف مسؤولين صينيين للقمم بأنها تاريخية، وصرحت الخارجية الصينية بأن القمة التي ستعقد في الرياض بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين ستدفع العلاقات بين الجانبين إلى مستوى جديد، أوضحت المتحدثة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ أن الرئيس الصيني سيتبادل وجهات النظر مع قادة مجلس التعاون بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك.

هذا التحول في العلاقات الخليجية الصينية ليس وليد اللحظة، فقد دفعت التحولات السياسية الدولية في السنوات الأخيرة هذه العلاقات نحو التطور، ففي عام 2012م اقترح الرئيس الأمريكي باراك أوباما سياسة تحويل مركز الدبلوماسية الأمريكية، والانتقال من الشرق الأوسط إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بينما تحولت الصين إلى المنطقة خاصة بعد إطلاق الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة الحزام والطريق في سبتمبر وأكتوبر 2013م، كما ألقت الصين بثقلها العسكري في المنطقة، من خلال تأسيس أول قاعدة عسكرية للبحرية الصينية وراء البحار في جيبوتي، وهي ليست بعيدة عن دول الخليج، بالإضافة إلى أن الصين تعد أكبر مستورد للنفط الخليجي، كما أنها أكبر مصدر لدول الخليج.

هذه التحولات فرضت على قادة مجلس التعاون الخليج تبني نهج دبلوماسي جديد، من خلال فتح طرق دبلوماسية جديدة مع الصين مع الحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وتجدر الإشارة إلى أن دولة الكويت كانت من أوائل الدول الخليجية التي تبنت هذا النهج، خاصة وأن رؤيتا الكويت والصين قد تقاطعتا استراتيجياً حول مبادرة الحزام والطريق ورؤية الكويت 2035 “كويت جديدة”، مما اسهم في تطوير العلاقات الاقتصادية، وفي شهر يوليو 2018 قام صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح -رحمه الله- بزيارة دولة للصين تلبية لدعوة الرئيس شي جين بينغ، وتم الاتفاق على إقامة شراكة استراتيجية بين البلدين، وفي الوقت نفسه حرصت الكويت على العزيز العلاقات الكويتية – الأمريكية.

ومن المرجح أن التحرك الخليجي نحو الصين قد يدفع الولايات المتحدة إلى تغيير سياستها، وتبني نهج أكثر اعتدلاً تجاه قضايا المنطقة، ويدلل على ذلك تعليق المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي للصحفيين إنه من المؤكد أن جولات الرئيس الصيني ليست مفاجئة، لكن الولايات المتحدة تركز على شراكتها في المنطقة.

وأخيراً، فإن إصرار دول مجلس التعاون الخليج، على إنجاح القمة سوف يؤتي ثماره، ومن المنتظر أن تناقش القمة الخليجية- الصينية القضايا الدولية والإقليمية، وبخاصة الحرب الروسية – الأوكرانية، وقضية فلسطين، وستناقش بالطبع قضايا الطاقة وضمان سلمية برنامج إيران النووي، وتطلعات الشعب العراقي في الأمن والاستقرار والتنمية، وتكثيف الجهود للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يحفظ وحدة سوريا وسلامة أراضيها، والحوار والتشاور بما يضمن تجاوز لبنان لأزمته، ولحد من تدهور الوضع الإنساني في أفغانستان، ومن المتوقع أن تسهم هذه القمة في تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري بين الجانبين.

هناك مثل إفريقي يقول: “عندما لا يكون هناك عدو في داخلك، العدو في الخارج لا يستطيع إيذائك”.

••

شباب عبد الله بن نحو – باحث سياسي

Twitter: @ALrashedshbabb