الحل بنزع الشرعية لا بفرض الإرادة
علينا أن نميز بشكل واضح بين ما يُعتبر إضراراً بالموقف السياسي الحكومي للإطاحة بالحكومة، وبين ما يُعتبر إضراراً بالموقف العام للدولة كدولة، حتى نتمكن من تقييم إجراءات المخاصمة السياسية التي نخوضها ضد الحكومة الفاسدة سياسياً لمحاربة فسادها، وبين ما يعتبر إضراراً بالموقف العام للدولة كدولة، لذا يمكن تفهم مخاصمة الحكومة الفاسدة سياسياً لفسادها، ولكن لا يمكن تفهم مخاصمة الدولة سياسياً بسبب فساد حكومتها، والمظاهرات في حالتنا الكويتية تضرب اعتبارات الدولة بنفس الوقت الذي تضرب به اعتبارات الحكومة، وبالتالي لا يجوز الانتقام من الحكومة بالوسائل التي تعتبر إضراراً باعتبارات الدولة.
وبناءً على هذا الفصل الواضح الذي نتبنّاه في تعاملنا وعلاقتنا مع الدولة كدولة جامعة ودائمة، ومع الحكومة كحكومة مؤقتة ووظيفية، فإننا نرفض قطعاً أي إجراء يُضر بالدولة كالمظاهرات أو التدويل، فقط من أجل الانتقام من الحكومة الوظيفية والمؤقتة، وبالنهاية هناك الكثير من إجراءات التخاصم التي بإمكانها الإطاحة بالحكومة وعزلها من موقعها بشكل يجعل ضرر المخاصمة محدوداً بالإضرار بالموقف السياسي الحكومي، دون الإضرار بالموقف العام للدولة، وأبرز هذه الاجراءات التي نعتقد أن أثرها سيكون بالغاً جداً وسيغير مسار الأحداث بشكل جذري هو استقالة الأغلبية النيابية “استقالة جماعية” بعد تقديمهم لكتاب عدم التعاون مع شخص الشيخ صباح الخالد كشخص إلى المقام السامي ورفضهم الاستمرار بالعمل النيابي ممثلين بذلك إرادة الأغلبية العامة من الشارع الكويتي ما دام موجوداً على رأس الحكومة شخص الشيخ صباح الخالد.
وفي حال ارتأت القيادة رعاها الله استمرار الشيخ صباح الخالد لأسباب اجتماعية مثلاً، فعندها تمتلك الاغلبية النيابية حق الاستقالة الجماعية بعد ذلك لنزع كافة اشكال الشرعية المنتخبة من مجلس الامة الحالي وتحويله لنموذج مجلس وطني جديد، وبالتالي تنقيص شرعية الحكومة مع تنقيص شرعية نشاطها، وفي هذه الحالة، نعتقد أن الحس الجامع للدولة الذي يعتري القيادة السياسية رعاها الله، على الأرجح سيدفع باتجاه حل البرلمان والدعوة لانتخابات جديدة، مع حل الحكومة وتكليف رئيس وزراء جديد، هذه هي المقاربة الداخلية التي نتبناها، والتي نعتقد بفاعليتها بشكلٍ كبير في الفترة القادمة في ظل الظروف الموضوعية الراهنة.
وعلى ذلك، نؤكد على ما دعونا له بعد جلسة الميزانيات في 2021م التي اعتمدت بها الحكومة الميزانيات عند ابواب مداخل قاعة عبد الله السالم:
بأنه لا حل عملي للحالة العامة سوى الاستقالة الجماعية التي يُقدم عليها كل نائب يدعي أنه من الأغلبية النيابية الإصلاحية لنزع الشرعية الانتخابية بشكل كامل من الوضع القائم.
••
عبد الله خالد الغانم – محلل سياسي كويتي
Twitter: @akalghanim11