من يصفّي لبنان في المزاد العام لصالح من؟
حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يفترض إحالته للنيابة للتحقيق بشأن إجراءات مصرف لبنان الاحترازية التي كان يفترض عليه تنفيذها بعد انفجار مرفأ بيروت، فمثلاً أن يغض مصرف
لبنان النظر عن بيع بنوك لبنانية مديونات الحكومة اللبنانية لأطراف خارجية دون أن يكون هناك إجراءات مانعة في ظل الظروف التي تمر فيها لبنان بعد انفجار المرفأ، يعتبر جريمة بحق الاقتصاد اللبناني.
كما يفترض إحالة الإدارات التنفيذية ومجالس إدارات البنوك اللبنانية التي قامت ببيع مديونات الحكومة اللبنانية لصالح بنوك خارجية “بنوك غير لبنانية” حيث يجب التدقيق على حساباتهم الشخصية داخل وخارج لبنان وتقييم انتفاعهم من عدمه من الحالة التي أدخلوا بها الاقتصاد اللبناني، فعندما تبيع البنوك اللبنانية مديونات الحكومة اللبنانية لصالح بنوك خارجية بنسبة 70 % من قيمة الدين، يترتب على ذلك الضغط على مالية الدولة اللبنانية مما يُعجزها عن إعادة جدولة السداد بالشروط المناسبة لها، فتضطر للضغط على نفسها حتى لا تضع البنوك الدولية يدها على أصول لبنان من الذهب، فيتم بناء على ذلك تقليص المصروفات الحكومية الداخلية من خلال تعويم العملة اللبنانية لتخفيض تكلفة المصاريف الداخلية الحكومية بالدولار على الدولة، فيتم توفير الفارق لسداد المديونيات والأقساط الخارجية التي حل وقت سدادها لصالح بنوك أجنبية بعد أن باعتها عليها بنوك لبنانية.
ويأتي شكل الإنتفاع في أن البنوك اللبنانية حصلت سيولة بالدولار بقيمة 70 % من إجمالي المديونات التي كانت تطلبها الحكومة، فتحتفظ البنوك وكذلك ملاكها بتلك السيولة بالعملة الصعبة حتى يتم تعويم الليرة وانخفاض قيمة الأصول العقارية والأسهم اللبنانية والشركات المحلية الرئيسية.. إلخ، ثم يشتريها ملاك البنوك بأقل من قيمتها العادلة بكثير.
وفي هذه الحالة تكون الإجراءات التي كان يفترض أن يتخذها حاكم مصرف لبنان بشكل استباقي هي منع بيع المديونيات الحكومية لأطراف أجنبية، حتى لا تبتز البنوك الأجنبية حكومة لبنان وتعرّض أصولها من الذهب للخطر في حالة عجز الحكومة اللبنانية عن السداد وفقاً للجدول الزمني المفروض بعد انفجار المرفأ، ولكن حاكم مصرف لبنان في تلك الفترة غض النظر عن معظم البنوك اللبنانية التي باعت مديونيات الحكومة لبنوك أجنبية، وعليه من الواجب أن يتم التحقيق مع حاكم مصرف لبنان ومعرفة هل انتفع انتفاع غير مباشر من ملاك البنوك مقابل غض النظر عن بيعهم لمديونيات الحكومة للخارج، أم لا؟؟ وهل أعضاء مجالس إدارات البنوك اللبنانية هم ذاتهم الساسة اللبنانيون؟؟ فإذا كان الساسة اللبنانيون هم ذاتهم ملاك البنوك اللبنانية التي باعت مديونيات الحكومة اللبنانية لبنوك أجنبية، فذلك يعني أن من يبيع لبنان ويصفيها في المزاد العام هم ذاتهم ذاتهم ساسة لبنان ومسؤولوها.
وأخيراً أوصي بالآتي:
من الواضح أن المصالح المتداخلة في دولة مثل لبنان تجعل من الأفضل لها ألا يرأس حكومتها أي شخصية تجارية. والأفضل برأيي تكليف شخصية فنية متخصصة بالاقتصاد ولا تمتلك مصالح تجارية مباشرة أو غير مباشرة مع أسواق لبنان، حتى لا يتكرر سيناريو غض النظر عن بيع مديونات الحكومة لصالح بنوك أجنبية.
••
عبد الله خالد الغانم – كاتب ومحلل سياسي
Twitter: @akalghanim11