ضعف وجود الحكومة اليمنية أدى لتهاوي الريال اليمني وارتفاع كبير في الأسعار
عبد الرب الفتاحي – الإرادة:
انهارت العملة اليمنية بشكل كبير وذلك بعد سلسة من حالات الانخفاض وتراجع قيمتها أمام الدولار، وزاد هذا التراجع بعد الإطاحة بنظام علي عبد الله صالح، وتولي معارضيه الحكم لفترة قصيرة في 2011 ومع مجيئ الحوثيين عملوا على تدمير الاقتصاد اليمني بشكل كلي.
شكل انهيار العملة اليمنية المتسارع في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، ليمثل فشل كبير من قبلها في الحفاظ على الاقتصاد اليمني، ومنعه من الانهيار ومع وجود انقسام بين منظومتين اقتصاديتين، وبنكين أحدهم لدى الحوثيين في صنعاء والآخر في عدن، فإن ذلك ساهم في اللحاق الضرر بالاقتصاد اليمني وكذلك استنزاف الموارد ووضعها في اطار غير منظم، كما أن التفكك الذي يشهده الاقتصاد اليمني من حيث السياسات والإجراءات المختلفة عزز من تفاقم الأزمة الاقتصادية ووصولها لمستوى الانهيار.
مارست الحكومات التي تولت إدارة المناطق المحررة اجراءات فاشلة وغير مدروسة، وهذا خلق واقع فوضوي لم يساهم في تصحيح المسار الاقتصادي، كما أن غياب التخطيط وانعدام الرؤية والفساد الذي تعانيه المنظومة السياسية المتحكمة بواقع كل الحكومات، أدى ذلك كله إلى تشكل اقتصاد شكلي لا يمارس دوره ولا يؤدي أي وظيفة حقيقية، ولم يساهم في تحقيق توازن يعمل على خلق تراجع للتضخم والعجز واستنزاف الاقتصاد، وهناك من يرى أن تضارب المصالح داخل واقع تشكيلات الحكومة الحالية والمتعاقبة عزز من فشل كل المساعي، للتعاطي مع واقع الحرب وانقاذ الاقتصاد ومنع تدهور قيمة العملة.
غياب السياسات الاقتصادية
الدكتور محمد قحطان أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز أرجع التدهور الحاصل في العملة، إلى غياب حكومة السلطة الشرعية واستقرار الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته في الخارج، وهذا حسب رأيه أدى إلى استمرار انفلات مؤسسات الدولة ومنها وزارة المالية والبنك المركزي اليمني.
عدم تفعيل الجهاز المصرفي وانفلات السوق النقدية وفق ماتطرق إليه الدكتور محمد، ساعد في انعدام الضوابط لحماية العملة من التلاعب والانهيار.
واعتبر أن تدفق العملات الأجنبية إلى خارج المناطق المسيطر عليها من الشرعية والى العالم الخارجي، بحكم الإنفاق الخارجي المتصاعد من قبل مسئولي السلطة الشرعية.
وأشار أن هناك محدودية في التدفقات للعملات الأجنبية من الخارج، بسبب غياب السياسات الكفيلة بالسيطرة على ميزان مدفوعات الدولة.
كما أن الدكتور كشف عن وجود حركة للتدفق النقدي تعمل بعيدة عن السيطرة ، وهذا ساهم في انفلات سوق الصرافة مع استمرار بقاء الجهاز المصرفي منهاراً وبعيداً عن ممارسة مهامة المصرفية المعتادة ورافق ذلك شيوع أعمال التلاعب بأسعار العملات الأجنبية.
وقال: “اتخذت الحكومة الشرعية سياسات تضخمية من خلال إصدار طبعات جديدة بمواصفات مختلفة عن مواصفات الطبعة القديمة وبنفس الوقت بقاء الطبعات القديمة بما فيها التالفة معمول بها في التداول”.
وأضاف أن الحوثيين في صنعاء احتفظوا بكميات من الطبعات القديمة، وفرض تداولها في مناطق نفوذهم ومنعوا تداول الطبعات الجديدة.
وهذا ساهم حسب ما وضحه دكتور الاقتصاد في جامعة تعز في تبلور مفهوم وجود عملتين في اليمن، الطبعة القديمة المعمول بها في مناطق سيطرة الحركة الحوثية والطبعة الجديدة المعمول بها من قبل الشرعية والمقر تداولها إلى جانب الطبعة القديمة من حكومة عدن.
حكومة مشلولة
مصطفى نصر خبير اقتصادي ورئيس مركز الدراسات والإعلام الإقتصادي، وصف الحكومة بالعاجزة ومكتوفة اليدين وأرجع ذلك لأسباب موجودة داخل الحكومة نفسها وأسباب خارج عن سيطرتها.
وقال رئيس مركز الدراسات: “الحكومة بحاجة إلى دعم من قبل التحالف والدول الصديقة لليمن، في هذه المرحلة لأن مواردها لا تغطي النفقات، فهناك شح في النقد الأجنبي جراء تعطيل كثير من مصادر النقد الأجنبي.
وأضاف أنه من غير المعقول أن تطالب الحكومة بعمل شيء وهي غير قادرة على العودة إلى اليمن لممارسة عملها، والمشكلة التي تعانيها اليمن حسب حديثه سياسية وأمنية ثم اقتصادية.
تحرير سعر الصرف
في 15 أغسطس 2017 أتخذت الحكومة اليمنية التي كان يرأسها أحمد عبيد ابن دغر إجراء ساهم في الاخلال بقيمة الريال بعد تعويمه.
وقتها قرر البنك المركزي اليمني تعويم الريال وأمر البنوك بالتعامل بسعر السوق، في خطوة تهدف لدعم النظام المالي الذي أضرت به الحرب.
خبراء اقتصاديين أعتبروا ذلك اعترافاً باتساع الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وقيمة العملة في السوق السوداء في ظل تداعي الاقتصاد.
وبناءً على هذا التوجة تخلي البنك عن سعر الصرف الرسمي البالغ 250 ريالا مقابل الدولار الواحد لصالح السعر السائد في السوق وفقاً لقوائم سعر الصرف التي يصدرها البنك المركزي.
وجرى تداول الريال بعد فترة قصيرة عند حوالي 350 ريالاً مقابل الدولار في السوق السوداء.
البنك المركزي في صنعاء رفض تطبيق قرار سعر الصرف، بحسب ما ذكره مصدر مسؤول لرويترز في ذلك الوقت، واعتبر أن من شأن هذه الخطوة تعميق المعاناة الاقتصادية في بلد يعاني من الجوع والمرض.
وأضر تحرير سعر الصرف في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وأدت تلك الخطوة لزيادة المضاربة في العملة الصعبة ، والتي تحولت لتكون مصدر لربح الكثير من مراكز الصرافة، والتي عززت من زيادة مخزونها من العملات الأجنبية لفرض السعر الأعلى.
ويرى خبراء اقتصاديين أن التعويم عادة يجري في ظل الاستقرار الاقتصادي والسياسي للدول، لكن اتخاذ القرار في اليمن كان مجازفة ودفع لخلق تهاوي واسع للعملة اليمنية وتدمير ممنهج للاقتصاد.
واعتبر الخبراء أن ظروف الحرب وضعت واقع الاقتصاد اليمني على منحنى الهاوية، ومع استنزاف للاقتصاد لصالح الحرب وقلة توفر العملات الأجنبية فإن قرار التعويم فرض إجراءات ساعدت على عدم تحكم الدولة بواقعها النقدي، حيث ساعد ذلك من قدرة القطاعات النقدية الخاصة في استثمار ذلك لزيادة حصتها من الفائدة من خلال احتكار للعملة في السوق.
أسعار مرتفعة
خلق الانهيار الكبير للعملة اليمنية إلى زيادة السلع أضعاف مضاعفة عما كانت عليه خلال السنوات السابقة.
وزاد ارتفاع السلع الغذائية والوقود والأجهزة الكهربائية إلى عشرات الأضعاف، وتردت قدرة الموظفين الشرائية فبعد أن كان اليمنيون يستطيعون توفير احتياجاتهم قبل 12 عام براتب ستين ألف ريال، لكنهم في الوقت الراهن يصعب عليهم توفير متطلباتهم الغذائية، ومع تدني المرتبات وانقطاعها فإن اليمنيين مهددون بالمجاعة وانهيار واقعهم الاجتماعي.
في ظل واقع الحرب أصبح اليمنيين يعانون من واقع صعب في ظل فشل الحكومة وانهيار العملة اليمنية، وغياب الحلول التي تعزز استقرار حياتهم وأمنهم الغذائي.
وارتفع سعر الدقيق 50 كيلو في السنة الحالية إلى ثلاثة وعشرين ألف ريال بعد أن كان في 2010 سعره لا يتجاوز ثلاثة ألف ريال كما أن الزيت الذي كان سعته 4 كيلو في 2010 لا يتعدى 800 ريال وصل في الفترة الحالية في اليمن إلى مايقارب 6500 ريال.
ومع عدم ثبات العملة اليمنية فإن معظم الشركات والمؤسسات، اختارت التعامل بالريال السعودية، وعليه يتم تحديد الزيادات وقيمة المشتريات وسعر البيع.