قلم الإرادة

أردوغان ومغازلة القاهرة

تلوح في الأفق ملامح تقارب بين مصر وتركيا بعد سنوات من الخصام والحرب الإعلامية، حيث أظهر تركيا تحولاً كبيراً تجاه مصر، وأكد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو “أن الجهود الدبلوماسية جارية لإصلاح العلاقات” وبعد ماحاولت تركيا التودد في أكثر من تصريحات المتحدث باسم الرئاسة، إبراهيم قالن، والمتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، عمر جليك.

من بعد مواجهة بين القوتان الاقليميتان في ملفات كثيرة، أهمها لجوء عدد كبير من المعارضين المصريين المؤيدين للإخوان المسلمين إلى تركيا، والصراع حول ليبيا حيث ساندت تركيا حكومة طرابلس، فيما دعمت مصر السلطة الموازية في شرق البلاد، وأخيراً توقيع اتفاق ترسيم الحدود المصرية اليونانية، وما هو موقف المصالحة من المشروع الإسرائيلي مد خط أنابيب شرق المتوسط “إيست ميد”، لنقل الغاز الطبيعي من فلسطين إلى أوروبا، كأطول وأعمق مشروع في العالم يبنى تحت البحر، كبديل عن اعتماد أوروبا على استيراد الغاز من روسيا، وهو ما يدعم العقوبات الغربية ضد روسيا.

صرح أردوغان في مؤتمر صحفي عن أزمة بلده مع اليونان بشأن التنقيب في شرق البحر المتوسط، قال: “إجراء محادثات استخباراتية مع مصر أمر مختلف وممكن وليس هناك ما يمنع ذلك، لكن اتفاقها مع اليونان أحزننا”، لكن وزارة الخارجية المصرية أبدت تحفظا على “المبادرة” التركية، وقالت في بيان إن “نهج” تركيا يفتقر إلى “المصداقية”.

وتعتقد الأحزاب المعارضة التركية في أهمية التقارب السياسي مع مصر، وفي مقابل ذلك تندد بعلاقة الرئيس رجب طيب أردوغان بجماعة الإخوان المسلمين وإيواء تركيا بعض أفرادها على أراضيها.

وتبدو تركيا متحمّسة لعودة العلاقات من خلال تصريحاتها العلانية حول مد جسور العلاقة بين البلدين، فيما تريثت مصر من أجل تحضير الرأي العام المصري لهذه الخطوة العلانية، وتحتاج مصر إلى دعم تركيا فى أزمة تمسّ أمنها القومي والمائي، تتمثل بسد النهضة، وتراجع الدور المصري على الصعيد الإقليمي والعربي نتيجة المصالحة الخليجية ومسار التطبيع العربي مع “دولة” الاحتلال، بما في ذلك منافسة خطّ إيلات – عسقلان لقناة السويس، وسقوط رهانها على عودة الإدارة الأميركية السابقة، ووجود إدارة جديدة تتمسك بسيف حقوق الإنسان والديمقراطية لبلوغ أهدافها، وهي بحاجة إلى انتهاج سياسة تراعي مصالحها أيضاً، إذ إنها غيّرت تعاملها مع الملف الليبي وحكومة الوفاق الوطني، وعلى وجه الخصوص ملف شرق المتوسط، وهما سببان كفيلان بفتح صفحة جديدة بينها وبين تركيا.

وشهدت الأشهر القليلة الماضية تعاوناً كبيراً بين البلدين في عدد من الملفات، فتعاون البلدان في الملف الليبي، بما في ذلك انتخابات المجلس الرئاسي، ودخلا في مرحلة تهدئة منذ مدة، ويقول المراقبون أن تركيا تريد التوصل لاتفاق مصري – تركي حول المياه الاقتصادية بين الدولتين في شرق المتوسط، وأوضح المراقبون أن تركيا تريد استقطاب مصر من التحالفات القائمة في منطقة شرق المتوسط، وذلك لأن مصر تمثل ثقلاً، وستحقق تركيا مكسباً إذا نجحت في كسر هذا التحالفات.

هناك تهدئة إعلامية بين البلدين حيث طلبت الحكومة التركية من القنوات الموالية للإخوان، والتى تبث من تركيا، تخفيف الانتقادات الموجهة ضد الحكومة المصرية، وفى المقابل بدأت القنوات والصحف المصرية في تهيئة الرأي العام المصري لتقبل المصالحة مع تركيا، ومن المنتظر تعاوناً يصب في مصلحة الأمة الإسلامية في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية من ما تملكه من مقومات بشرية وطبيعية
والسؤال: هل الخارجية التركية أدركت أن عودة الإخوان إلى السلطة انتهت وأصبحت من الماضي؟

••

شباب عبد الله الهاجري – باحث سياسي

Twitter: @ALrashedshbabb

مقالات ذات صلة