إقليمي وعالمي

تايوان تدعو الصين إلى احترام نتائج الانتخابات الرئاسية

حثت تايوان الصين الأحد على “مواجهة الواقع” واحترام نتائج الانتخابات الرئاسية التي أسفرت عن فوز لاي تشينغ-تي المؤيد لاستقلال الجزيرة المتمتعة بحكم ذاتي والتي تعتبرها بكين جزءا من أراضيها. هذا، وكان لاي تشينغ-تي، مرشح الحزب الديمقراطي التقدمي ونائب الرئيسة المنتهية ولايتها تساي إنغ وين، قد تعهد السبت بالدفاع عن الجزيرة في مواجهة “تهديدات الصين المستمرة وترهيبها”.

حضت تايبيه بكين على “احترام نتائج الانتخابات الرئاسية”. ودعت في بيان الأحد “سلطات بكين إلى احترام نتائج الانتخابات ومواجهة الواقع والتخلي عن قمع تايوان، من أجل عودة التفاعلات الإيجابية عبر المضيق إلى المسار الصحيح”.

هذا، وكانت الصين قد اعتبرت أن الرئيس المنتخب لاي تشينغ-تي “خطر جسيم” بسبب مواقفه المؤيدة للاستقلال. وبعد فوزه السبت، شددت بكين على أن “إعادة التوحيد” مع تايوان “حتمية”.

ويأتي هذا، فيما يصل وفد أمريكي إلى تايوان الأحد في زيارة غير رسمية، على ما أعلن مكتب التمثيل الأمريكي في تايبيه.

وسيجري الوفد المكلف من إدارة جو بايدن محادثات مع “عدد من الشخصيات البارزة” الاثنين، على ما قال المعهد الأمريكي في تايبيه في بيان.

وإلى ذلك، يُتوقع أن تثير الخطوة امتعاض الصين التي تحذّر من أي تقارب دبلوماسي مع تايوان، خصوصا من قبل واشنطن.

ويعتبر وضع تايوان من أكبر القضايا الخلافية بين الصين والولايات المتحدة الداعم العسكري الرئيسي للجزيرة.

ويذكر أن بكين كانت قد انتقدت بشدة تهنئة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لاي على انتخابه رئيسا. إذ قال متحدث باسم الخارجية الصينية الأحد إن البيان “يرسل إشارة خاطئة جدا إلى القوى الانفصالية المطالبة ’باستقلال تايوان‘”. وأضاف “إننا نأسف بشدة لذلك ونعارضه بشدة، وقدمنا احتجاجات قوية لدى الجانب الأمريكي”.

“بين الديمقراطية والاستبداد”… نختار “الديمقراطية”

كما اعتبر أن البيان “ينتهك بشكل خطير مبدأ صين واحدة” وتعهُد واشنطن إبقاء علاقات غير رسمية فقط مع تايوان.

وتغلب لاي على أقرب منافسيه وهو يو-إيه مرشح الحزب القومي (كومينتانغ) بأكثر من 900 ألف صوت، بعد حملة انتخابية طغت عليها ضغوط دبلوماسية من بكين واختراقات شبه يومية لمقاتلات صينية.

وقال لاي لمناصريه بعد الفوز “إننا مصممون على حماية تايوان من تهديدات الصين المستمرة وترهيبها”، مهنئا الشعب بـ”نجاحه في مقاومة جهود قوى خارجية للتأثير على هذه الانتخابات”.

وشدد على أنه “بين الديمقراطية والاستبداد، سنكون إلى جانب الديمقراطية”، مؤكدا أنه “يعود للشعب التايواني وحده الحق في اختيار رئيسه”. في حين تعهد “مواصلة التبادلات والتعاون مع الصين”.

هذا، وسيتولى لاي منصبه في 20 أيار/مايو المقبل مع نائبه هسياو بي-خيم، وهو الممثل السابق لتايوان في الولايات المتحدة.

أما الصين فتعتبر تايوان جزءا لا يتجزأ من أراضيها، وتعهدت إعادتها إلى كنفها، بالقوة إن لزم الأمر.

ورأت الصين في لاي “عاملا عنيدا” من أجل استقلال تايوان، و”مخربا للسلام” وحذرت من أنه سيكون سبب “الحرب وانحدار” الجزيرة. وفي الأيام التي سبقت الانتخابات، دعت الصين التايوانيين لاتخاذ “الخيار الصائب”.

وخلال يوم الاقتراع، أعلنت وزارة الدفاع التايوانية أنها رصدت أربع سفن عسكرية صينية في المياه المحيطة بالجزيرة، إضافة إلى تحليق منطاد على علو مرتفع فوق أراضيها. فيما أظهرت نسبة الاقتراع التي بلغت 72 بالمئة، حماسة الناخبين على التصويت.

وقالت سيندي هوانغ (58 عاما) إن لاي فاز لأنه “يمثل إيمان الشعب وتطلعاته… لا نريد العودة إلى الوضع السابق. لا نريد بعد الآن أن نكون مرتبطين بالصين”.

ترحيب وتهاني الدول الغربية

وتواصلت الأحد تهاني الدول الغربية، على غرار فرنسا التي قالت على لسان وزارة خارجيتها “نتوجه بالتهنئة إلى كل الناخبين والمرشحين الذين شاركوا في هذه الممارسة الديمقراطية، إضافة إلى من تم انتخابهم”، من دون ذكر لاي بالاسم.

وشددت على “الطابع الحيوي للسلام والاستقرار في مضيق تايوان”، داعية إلى “احترام الوضع القائم من قبل كل الأطراف، ونأمل في استئناف الحوار بين ضفتي المضيق”.

ومن جانبها، دعت برلين إلى الإبقاء على الوضع القائم في الجزيرة، مشددة على أن أي تغيير فيه يجب أن يتم بشكل “سلمي وباتفاق بالتراضي”.

أما الرئيس الأمريكي جو بايدن فكان قد شدد السبت على أن بلاده لا تدعم “استقلال” تايوان، وذلك ردا على سؤال بشأن فوز لاي. بينما هنأ وزير خارجيته أنتوني بلينكن لاي بفوزه، وأشاد بـ”صلابة النظام الديمقراطي وبالعملية الانتخابية” في تايوان. كما صدر ترحيب من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا واليابان وأطراف أخرى.

ومن جانبها، شددت الصين على أن “إعادة التوحيد” مع تايوان “حتمية”. وقال المتحدث باسم المكتب الصيني المسؤول عن العلاقات مع تايوان تشين بينهوا إن التصويت “لن يعوق التوجه الحتمي لإعادة التوحيد مع الصين”، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء الصين الجديدة.

وأكد المتحدث أيضا التزام بلاده بـ”توافق العام 1992 الذي يكرس مبدأ الصين الواحدة ومعارضتها بشدة الأنشطة الانفصالية الرامية إلى استقلال تايوان وكذلك التدخل الأجنبي”.

ويشار إلى أن الصين قطعت كل الصلات الرسمية مع الرئيسة تساي وحزبها في 2016، ولا يتوقع أن تغير من نهجها مع خلفها لاي، ما يرجح أن يستمر الجفاء بين الطرفين خلال الأعوام الأربعة المقبلة من ولايته.

وأوضحت الباحثة في العلاقات الصينية التايوانية بوني غلايرز أن “فوز الحزب الحاكم غير المسبوق بولاية رئاسية ثالثة تواليا سيخيب آمال الصين، لكن من غير المرجح أن يحصل أي تغيير في استراتيجية إعادة التوحيد الصينية”.

ويبقى السؤال في الأيام المقبلة بشأن ما سيكون عليه الرد الصيني على فوز لاي، وما إن كان سيبقى في إطار التعليقات السياسية والدبلوماسية، أو يتخطاها إلى عرض كبير للقوة العسكرية.

ويبلغ عدد سكان تايوان 23 مليون نسمة وهي تبعد 180 كيلومترا عن الساحل الصيني. وستكون لأي نزاع في مضيق تايوان انعكاسات كارثية على الاقتصاد. فالجزيرة تؤمّن سبعين بالمئة من أشباه الموصلات في العالم بينما يمر أكثر من خمسين بالمئة من الحاويات المنقولة في العالم عبر هذا المضيق.

مقالات ذات صلة