قلم الإرادة

الأزمة السياسية في السودان

مع انفصال جنوب السودان عام 2011 بعد حرب أهلية طويلة، امتلك الجنوب معظم احتياطات النفط المشتركة سابقاً ما تسبب في تقلص عائدات السودان بشكل كبير، وتفاقم الأزمة الاقتصادية في سبتمبر 2013م احتجاجات شعبية واسعة ضد حكم البشير، بسبب ارتفاع أسعار المحروقات والمواد التموينية وسوء الأوضاع المعيشية عامة، وقد قتلت فيها قوات الأمن الحكومية ما لا يقل عن 200 متظاهر، بالإضافة إلى اعتقال وتعذيب الكثير من العمال والطلاب، ومن أجل احتواء الأزمة أعلن البشير وقتها لشعبه عن عدم رغبته في الترشح لمنصب الرئاسة في الانتخابات القادمة لكنه لم يفِ بوعده.

 

في ظل هذه الأزمات اندلع غضب السودانيين في ديسمبر 2018م؛ فخرجوا احتجاجاً على ارتفاع الأسعار ونقص السيولة المالية، صاحبت بعض الاحتجاجات أعمال عنف أدت إلى سقوط قتلى وجرحى، وأطلقت الاحتجاجات المستمرة حراكًا سياسيا واسعاً على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، مع ارتفاع مطالب المحتجين إلى إسقاط نظام الرئيس عمر البشير.

 

وأعلنت أحزاب سياسية تأييدها للمحتجين، مطالبة البشير الذى كان يحكم منذ 29 عامًا بالتنحي، وتشكيل حكومة انتقالية و لم يجد الجيش السوداني بديلاً سوى التدخل لحل الأزمة السياسية فى البلاد، وفى 11 إبريل 2019م أعلن  وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف في بيان بث التلفزيون الرسمي اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير، وبدء فترة انتقالية لعامين، كما أعلن أيضاً إعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر وحظر التجوال لمدة شهر.

 

إلا أن هذا الاجراء لم يكن كافياً لإنهاء الاحتجاجات إذ استمرت مطالب الثوار بإنهاء الحكم العسكري، وأعلنوا استمرارهم فى الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش، وإثر سلسلة من المفاوضات الفاشلة بين المجلس العسكري وتحالف الحرية والتغيير الذي يقود الاحتجاجات فى السودان، قام المجلس العسكري فى يونيو 2019م بفض الاعتصام بالقوة، وأسفر ذلك عن تدهور الأوضاع السياسية في السودان فأعلن الثوار العصيان المدني، ومنحت حادثة فك الاعتصام المحتجين قوة إضافية، وعاقب الاتحاد الأفريقي الدولة، وعلق عضويتها، وهدد بمعاقبة مسؤولين في المجلس، كما أن الدعم الخارجي مشروط بانتقال سلس للسلطة، والدعوات لإنجازه تتوالى سريعاً.

 

ومن الواضح أن مستقبل الانتقال السياسي في السودان لم يعد مجرد قضية حراك جماهيري أطاح بديكتاتور مستبد، ولكنه تحول إلى جولة جديدة في اللعبة الكبرى لمراكز القوى في العالم والقرن الأفريقي مع التمسك العسكري بالسلطة، وهذا يؤكد أن الأزمة في السودان ستستمر لفترة طويلة.

 

**

شباب عبد الله الهاجري – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية

Twitter: @ALrashedshbabb

مقالات ذات صلة