لقاءاتنا

في لقاء خاص | أ. د. محمد السيد سليم: الولايات المتحدة الأميركية سعت لتفتيت سورية لدويلات

ـ أوكرانيا ذات أهمية استراتيجية فهي الخط الدفاعي الأخير عن روسيا.

 

ـ ما يتم في أوكرانيا هو الرد الغربي على الدور الروسي والصيني في الأزمة السورية.

 

ـ الغرب يريد أن يتوازن مع روسيا في القضية السورية بخلق أزمة أخرى في أوكرانيا.

 

ـ الولايات المتحدة الأميركية سعت لتفتيت سورية لدويلات.

 

ـ روسيا لن تذهب إلى حد القبول بتغيير نظام الأسد والولايات المتحدة تعلم هذه الحدود.

 

ـ القرم تاريخياً كانت جزء من روسيا ولم تكن من أوكرانيا.

 

ـ لن تكون هناك حرباً في الأزمة الأوكرانية.

 

ـ سبب عودة القطبية الثنائية يعود لحقبة بوش الابن في الحزب الجمهوري؛ لأنه هو الذي أدخل الولايات المتحدة لحروب خارجية أضعفت من القوى الأميركية.

 

ـ العالم العربي من مصلحته أن يتخذ موقف الحياد المشوب بالعطف تجاه المصالح الروسية في أوكرانيا.

 

ـ عانينا كعرب من “التوحش” في الأحادية القطبية.

 

ـ فكرة إن الإسلام عدو للغرب جاءت بعد القطبية الأحادية.

 

ـ ما نراه في الأزمة الأوكرانية هو “لعبة شطرنج عالمية”.

 

ـ على العالم العربي أن يتكيف مع الثنائية القطبية الجديدة القادمة.

 


 

 

*ما هي أسباب الأزمة الأوكرانية؟

 

 

 

ـ الأزمة الأوكرانية لها العديد من الأسباب فإن كنت تتحدث عن الأزمة الراهنة التي تتمثل بإقصاء الرئيس السابق يانوكفتش وما ترتب عليه من تداعيات، الجذر الحقيقي للأزمة الأوكرانية هو الصراع الروسي – الغربي حول الهيمنة على أوكرانيا، أوكرانيا ذات أهمية استراتيجية فهي الخط الدفاعي الأخير عن روسيا في مواجهة دول أوروبا الغربية. تاريخياً كانت مرتبطة بروسيا، والغرب يعمل على زيادة نفوذه في أوكرانيا؛ فأوكرانيا بها أهم قاعدة بحرية روسية، فإذا كانت جزء من الاتحاد الأوروبي فلا شك بأنه سيؤثر على روسيا باستعمال هذه القاعدة؛ إذن الصراع موجود منذ استقلال أوكرانيا 1991 م، كذلك أوكرانيا هي معبر “ترانزيت” لنقل الغاز الروسي إلى كل أوروبا، فحرص دول مثل ألمانيا وفرنسا على ضمان استقرار الأوضاع في أوكرانيا بحيث أن يكون في كييف حكومة صديقة تضمن استمرار هذه الخطوط من الغاز إلى الدول الأوروبية.

 

 

 

*بمناسبة هذا الموضوع ذكرت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية السابقة في مقال لها في “الواشنطن بوست” أنه وفي لقاء سابق لها بالرئيس بوتين في عام 2004 ظهر الرئيس الأوكراني المعزول حالياً في روسيا من خلف ستار وأشار إليه بوتين وقال هذا هو الرئيس الأوكراني القادم،  وأشارت إلى أنه يشير إلى التحكم الروسي المستقبلي في أوكرانيا.. ما هو تعليقك؟

 

 

 

ـ هذه مسائل واردة.. لكن لا تنسى بأن الغرب أيضاً له سياسته وله موالوه في أوكرانيا وفي مقدمتهم السيدة “تومشنكو” فالغرب يدعمها ويعمل على أن تكون هي الرئيسة القادمة وصاحبة الحكومة والسلطة؛ كل قوى كبرى لها رجالها داخل أوكرانيا؛ لا شك أن يانكوفتش من الأقليم الشرقية الأوكرانية الموالية لروسيا وعنده توجه روسي، ولهذا من المنطقي أن روسيا تدعمه، كما هو الحاصل بالدعم الأميركي لكرزاي في أفغانستان فإن روسيا تدعم يانكوفتش في أوكرانيا.

 

 

 

*هل هذا حق مشروع للروس في مواجهة التمدد الأميركي في المنطقة؟

 

 

 

ـ بكل المعايير وليس لروسيا فقط؛ بل لكل الدولة، فكل دولة تعمل على أن يكون أصدقاؤها قريبين في السلطة أو في السلطة، فهذه مسألة مشروعة في العلاقات الدولية، فمثلاً يانكوفتش عندما وصل السلطة روسيا خفضت سعر الغاز الطبيعي الذي يعطى لأوكرانيا مجاملة ليانكوفتش، فهذه مسائل معروفة وتقليدية في العلاقات الدولية ولا تشكل عيباً، وسأعود هنا لسؤالك عن أسباب الأزمة الأوكرانية؛ فهناك سبب آخر يتعلق بالصراع العالمي ليس فقط في أوكرانيا منذ 2012 م حتى اليوم، فأنا أعتقد بأن الأزمة الأوكرانية مرتبطة بحد كبير بالأزمة السورية؛ لأن ما يتم في أوكرانيا هو الرد الغربي على الدور الروسي والصيني في الأزمة السورية، فكما أن روسيا أفشلت المخطط الغربي في سورية فإن الغرب يريد أن يفشل المخطط الروسي في أوكرانيا، ومن ثم فإن ذلك ضربة بضربة.

 

 

 

*ألا تعتقد بأن الولايات المتحدة الأميركية تريد نقل المعركة في سورية إلى محطة قريبة من موسكو لإزالة القوة الروسية في الفترة الأخيرة ومحاولة عودتها للثنائية القطبية؟

 

 

 

ـ أنا أنظر إليها بشكل مختلف؛ أن الغرب يريد أن يتوازن مع روسيا في القضية السورية بخلق أزمة أخرى في أوكرانيا، وبالتالي هذا يمهد لصفقة عالمية لحل المشكلتين في آنٍ واحد.. أميركا كان لها مشروع في سورية وهذا المشروع كان “تفتيت سورية إلى دويلات” ولكنه يبدو بأنه لن يتحقق نتيجة الدور الروسي والصيني ومن ثم ما يتم في أوكرانيا هو عبارة عن محاولة للمناورة مع روسيا للتنازل في جنيف 3 إن عقد ومن ثم الوصول لصفقة عالمية وهذا يحصل كثيراً في العلاقات الدولية.

 

 

 

 

*من تأثر بالآخر.. ثورات الربيع تأثرت بالأزمة الأوكرانية أم الأزمة الأوكرانية ستؤثر من جديد على الوطن العربي؟

 

 

 

ـ الربيع العربي في الحقيقة لم يؤثر على الأزمة الأوكرانية؛ فقد سبق حصول ربيع أوكراني قبل الربيع العربي، الثورة البرتقالية التي حدثت في أوكرانيا والتي حدثت قبل الربيع العربي، فهي أتت بـ “توموشنكو” فيما سبق في عام 2007 تقريباً ثم “تومشنكو” سقطت وأتى “يانوكفتش” ثم سقط هو؛ إذن الربيع العربي ليس هو السبب؛ بالعكس ما حدث في أوكرانيا وقبلها جورجيا وقرقيستان سابق للربيع العربي.. أيضاً ما حدث في أوكرانيا لا أعتقد بأنه سيؤثر على الربيع العربي؛ لأن الشعوب العربية منشغلة بأجنداتها الداخلية انشغالاً شديداً وهي قوة الدفع نحو التطور الثوري والإصلاح؛ فهي متشبعة به، ولكن التأثير سيكون إذا حدث فسيكون بالملف السوري، فروسيا قد تتراجع بحد ما إلى الأزمة السورية.

 

 

 

*يؤدي إلى سقوط نظام الأسد؟

 

 

 

ـ لا أتصور بأن روسيا ستسمح بذلك، ولكن أتصور بأن روسيا قد تسارع بإزالة الأسلحة الكيميائية السورية وتقديم تنازلات أكبر للمعارضة السورية، لكن روسيا لن تذهب إلى حد القبول بتغيير نظام الأسد والولايات المتحدة تعلم هذه الحدود.

 

 

 

*في ظل ما نشهده من تغيرات في العالم حالياً، هل عادت القطبية الثنائية أم ما نشهده اليوم هو التعددية القطبية في العالم؟

 

 

 

ـ لا.. نحن في مرحلة التحول إلى القطبية الثنائية، فهناك قطبية ثنائية جديدة، ليست القديمة “كتلة شرقية ضد كتلة غربية” لكن هناك قطبية ثنائية حديثة، وهي القطب الروسي والصيني بمواجهة القطب الأوروبي الأميركي، هذا أعتقد بأنه بدأ يتكون جنينياً من عام 2012 م مع احتدام الأزمة السورية ومع اتضاح بأن الأزمة لا يتم حلها بالشكل الذي يتصوره الحلف الأطلنطي، ومع صعود الدور الصيني واستعمال “الفيتو” في مجلس الأمن ضد المشروعات الغربية في الأزمة السورية أتصور بأن ذلك كان بداية التحول نحو القطبية الثنائية؛ الأزمة الأوكرانية أكدت هذا التحول، ومن هنا أؤكد على العالم العربي بوجوب قراءة هذا التحول نحو الثنائية القطبية، الكل اليوم يتحدث عن حرب باردة جديدة وأنا لا أرى ذلك، فهي قطبية ثنائية، وهناك فرق بين القطبية الثنائية والحرب الباردة، فالقطبية الثنائية ذات تكوين لتوازن القوى العالمية، أما الحرب الباردة فهي عمليات سياسية، فقد تنشأ القطبية الثنائية دون نشوء حرب باردة بالضرورة.

 

 

 

*خلال العقد المقبل هل سنشهد تعددية الأقطاب أم سنبقى على القطبية الثنائية؟

 

 

 

ـ سأخذ ذلك وقتاً طويلاً، فعندما نشأ نظام القطبية الأحادية عام 1991 م، كان السؤال إلى أي مدى سيستمر هذا النظام؟ ونحن قلنا وكتبنا بأن هذا النظام سيستمر من 20 إلى 25 سنة لكنه لابد أن يتغير، لماذا؟ لأنه غير متوازن، وهذا ما حدث.. اليوم في 2014 م أنا أستطيع أن أقول بأنه ومع الأزمة الأوكرانية إن استطاعت روسيا الصمود واستعادة القرم بالشكل الذي يرضيها فتأكد بأننا أصبحنا حينها في نظام ثنائي القطبية.

 

 

 

*في حال استعادة القرم إلى روسيا، ما هي الاحتمالات التي ستتخذها الولايات المتحدة الأميركية في هذه المسألة؟

 

 

 

ـ لن تستطيع فعل الكثير؛ لأنك تتكلم عن منطقة الإقليم المباشر للدولة الروسية الكبرى، فأنت هنا لا تتحدث عن منغوليا أو عن تشاد أو السنغال! أنت تتحدث عن “بطن روسيا”، ولا تنسى بأن القرم تاريخياً كانت جزء من روسيا ولم تكن من أوكرانيا، والذي أعطاها لأوكرانيا “خرتشوف” لماذا؟ لأنه كان أوكرانياً فهو لمجاملة أبناء وطنه الروس وافقوا على ذلك باعتبار أن أوكرانيا ظلت في الاتحاد السوفيتي؛ لن يتصور الروس أبداً بأن الاتحاد السوفيتي سيتفكك، الأخطر من ذلك بأن شبه جزيرة القرم بها قاعدة سباستيفول التي بها الأسطول الحربي الروسي، 800 سفينة روسية بها، فهل الغرب مستعد بأن يذهب إلى تحدي روسيا بهذا الموضوع؟ أنا لا أعتقد هذا الأمر، وسأضرب هنا مثال.. من جمهوريات الاتحاد السوفيتي المستقلة هناك جمهورية اسمها مولدوفا تجاور أوكرانيا ورومانيا، مولدوفا بها إقليم إلى الشرق به روس، وأرادوا الانفصال والانضمام إلى روسيا، وأعلنوا الانفصال بالفعل، ورسيا من تديره والكل صامت اليوم عن هذه المسألة، أوروبا صامتة، الولايات المتحدة صامتة! أنا أتصور بأن هذا السيناريو سيتكرر في شبه جزيرة القرم، روسيا لن تضم شبه جزيرة القرم على الأقل في المدى المباشر إلا إذا تأكدت بأن الحكومة القادمة في كييف ستكون حكومة معادية.. يانكوفتش عندما جاء إلى السلطة أول عمل عمله هو تأجير القاعدة البحرية لروسيا في شبه جزيرة القرم 25 سنة، يانوكفتش لا يوافق على ضم القرم لروسيا وهو حليفها فهم لا يريدون أن يحرجوا حلفائهم بأوكرانيا، ولكنهم يريدون المساومة بالورقة.

 

 

 

*ما هي الحلول التي ستنهي هذه الأزمة؟

 

 

 

ـ الحل سيصبح حل الأمر الواقع المباشر؛ لن تؤدي هذه الأزمة إلى حرب في المنطقة، أوكرانيا لن تتدخل في إقليم القرم، والغرب سيكتفي بالعقوبات الاقتصادية والخفيفة؛ لأن الروس يستطيعون إيقاف إمدادات الغاز الطبيعي للدول الأوروبية.

 

 

 

*لكن أيضاً الروس يخشون منع التجار الروس من ممارسة نشاطاتهم في الدول الأوروبية.. كذلك التجار الروس لهم نظرة كما ذكرت “رايس” بأنهم يعشقون الحرية والرأسمالية.. ألا يؤثر ذلك؟

 

 

 

ـ ربما؛ لكن لن يؤدي إلى تغيير السياسة الروسية، سيؤدي لإيجاد بدائل عن الأسواق الأوروبية، فربما يتجه التجار الروس للصين، فالصين بها سوق واسعة جداً، إن ميزة الثنائية القطبية أنك لا تكون مضطراً للأسواق الأميركية – الأوروبية فقط.. ستكون هناك تفاهمات ضمنية على عدم المواجهة المباشرة.

 

 

 

 

*هل باعتقادك بأن الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأميركية أدى لتراجع الأحادية القطبية، خصوصاً مع تفسيرات بعض الأكاديميين التي تنص بـ “أن بوش الأب والابن والحزب الجمهوري هم أحد أساسيات القطبية الأحادية في العالم”؟

 

 

 

ـ أنا أعتقد بأن سبب عودة القطبية الثنائية يعود لحقبة بوش الابن في الحزب الجمهوري؛ لأنه هو الذي أدخل الولايات المتحدة لحروب خارجية أضعفت من القوى الأميركية.

 

 

 

*يعني ليس أوباما؟

 

 

 

ـ أوباما يحصد الثمار؛ سواء سلبية أو إيجابية.. كذلك لابد أن أؤكد بأن مفهوم بوش الابن حول أن النظام الرأسمالي لا يخطئ أبداً هو الذي أدى لأزمة الرهن العقاري التي أضعفت الاقتصاد الأميركي.. اليوم الإنفاق العسكري الأميركي يعادل نصف الإنفاق العسكري العالمي تقريباً، وذلك إنفاق هائل جداً يؤدي لإضعاف القوى الأميركية، والولايات المتحدة مدت نطاقها العسكري فيما وراء قدرتها الحقيقية! مما أدى إلى إضعافها، فالولايات المتحدة لا تستطيع دخول أي حرب اليوم في منطقة بعيدة، وبالتالي أوباما كان حريصاً يهدئ من هذه الحرائق التي أشعلها بوش في أفغانستان بالانسحاب وكذلك العراق، أنا لا أرى الحزب الديمقراطي هو سبب هذه المسألة، أنا أرى أن وراء هذه المسألة هي السياسات التوسعية التي قام بها بوش في الخارج والسياسات النيو ليبرالية في الداخل، والتي أدت إلى أن الولايات المتحدة كانت قريبة جداً من الإفلاس نتيجة الرهن العقاري، لأن بوش لغاية آخر لحظة كان يسيطر عليه وهم أن الرأسمالية ستصحح نفسها، ولم تصحح نفسها، وأنا أقول بأن هذا الاتهام من المحافظين الأميركيين لأوباما وللحزب الديمقراطي؛ بل يحمد لأوباما بأنه لم يدخل في حرب جديدة في عهده.

 

 

 

*هل ستنتقل الثورة الأوكرانية لدول مجاورة خصوصاً في إقليم الاتحاد السوفيتي سابقاً؟

 

 

 

ـ الدولة الوحيدة والتي أتصور أن يحصل بها ذلك هي روسيا البيضاء، خصوصاً بأن روسيا البيضاء في اتحاد اقتصادي مع روسيا.

 

 

 

*نصيحتك للدول العربية حيال هذه الأزمة؟

 

 

 

ـ لا أؤيد التدخل في أزمات الآخرين بمثل ما لا نريد من الآخرين أن يتدخلوا في أزماتنا، لكن أن نعلن مواقفنا، أنا أرى بأن العالم العربي من مصلحته أن يتخذ موقف الحياد المشوب بالعطف تجاه المصالح الروسية في أوكرانيا.

 

 

 

*لماذا المصالح الروسية؟

 

 

 

ـ سأقول لك.. الحياد المشوب بالعطف، هذه الجملة أخذتها من نصوص المحالفات.. الحلف الألماني النمساوي المجري الإيطالي في القرن التاسع عشر، كان يستخدم هذا التعبير، الحياد بألا نتدخل في الأزمة بمناصرة طرف على طرف، لكن أن نفهم بأن روسيا دولة ليست صغيرة وذات مصالح كبيرة، وأوكرانيا هي الأمن المباشر لروسيا، والغرب ليس له مصلحة في أوكرانيا إلا مناكفة روسيا، روسيا لم تذهب إلى الغرب لمناكفته في أرضه، فروسيا لم تذهب لفرنسا لمعاكسة الولايات المتحدة الأميركية ولم تذهب لكوبا وكندا، الغرب هو الذي يأتي لروسيا لمحاصرتها؛ فإذن روسيا لها مصالح، وعلينا أن نعترف بأنها مصالح مشروعة، وضع في بالك اعتباراً بأن أوكرانيا أكبر من فرنسا ولها ارتباط بروسيا واستقرارها، ويجب عدم جرح الشخصية الروسية والكبرياء الوطني الروسي بمحاصرة روسيا بأوكرانيا.. فعلينا الاعتراف بالمصالح التاريخية لروسيا، أنا أعتقد من مصالح الطرف العربي وقد تختلف معي بأن النظام العالمي من مصلحته الثنائية القطبية، نحن عانينا من “التوحش” في الأحادية القطبية، يفعل ويتدخل في كل شيء، يقول لك “فلان رئيس الدولة” و”فلان لا يترشح” و”الدولة الفلانية تلغي كذا” .. فكرة إن الإسلام عدو للغرب جاءت بعد القطبية الأحادية، أيام القطبية الثنائية لم يكن أحد يجرؤ أن يقول “الإسلام عدو للغرب”، بتقديري في صالحنا بأن يكون هناك أكثر من قطب عالمي، فلا تكون هناك قوى واحدة تكون صاحبة القول الفصل في قضاياك، فمثلاً جون كيري قال في منتهى القوة: “على بشار الأسد أن يرحل” .. سواء بشار الأسد رجل دكتاتور أم غير دكتاتور.. من هو ليتدخل؟ من يفعل ذلك هو الشعب السوري، لكن أن تكون هناك قوى خارجية تتخطى الشعب السوري وتقول: “في أي تسوية لن يكون هناك فلان” فذلك يعني أنه سيحصل مستقبلاً مع الآخرين أيضاً، لو قبلت بأن يحصل ذلك لدولة معينة فسيحصل معك فيما بعد، لو روسيا موجودة كقوى بأنه يفيد الطرف العربي، البعض يقول لا.. لابد أن ننمدج بأحادية قطبية مع المصالح الأميركية، الخبرة التاريخية منذ 1991 م حتى اليوم تقول بأن ذلك غير صحيح.

 

 

 

*كلمة أخيرة؟

 

 

 

ـ ما نراه هو “لعبة شطرنج عالمية” .. ما نراه هو إرهاصات مخاض لانتقال من القطبية الأحادية للثنائية، وهذا لن يتم بشكل سهل ولكن يتم بشكل أزمات، كما أن نظام القطبية الثنائية انتقل للأحادية بشكل أزمة كبرى وهي سقوط الاتحاد السوفيتي فإن التحول للقطبية الثنائية لابد أن يكون كذلك كما هو في الأزمة السورية والأوكرانية.. وأنا أعتقد مما نراه الآن بأن نظام القطبية الثنائية قد ولد بالفعل، وأنه أتى ليبقى فترة من الزمن، وعلينا أن نغير سياساتنا الخارجية طبقاً لهذه المعطيات، العالم العربي عليه أن يكيف سياسته الخارجية طبقاً لهذه المعطيات وإلا يرتكب  نفس الخطأ الذي ارتكبه البعض حينما كان النظام يتحول من القطبية الثنائية للأحادية وفشل بأن يفهم ذلك، وأنت تعلم ما أقصد.

 

**

 

تصوير: سالم المطيري

Twitter: @Salemobiewi

مقالات ذات صلة