الحياد عندهم وعندنا!
قديماً قيل تعرف صديقك في السفر، هذه المعرفة مقصورة على العلاقة الإجتماعية والنفسية، أما الكوارث والحروب هي من تعرّفك بالاخوة والإنتماء حقاً! فعند المصائب الناس صنفان الأول يشاركك ويحزن لحزنك متأثراً ثم تراه يفعل ويعمل من أجلك، والثاني صنف يدّعي الحرص وهو مثبط وهذا الصنف خادم لما يتعبك ويقلقك بل ويهدمك!
أيها الإنسان الخجل هو أن تتذرع بالإنسانية وأنت حيوان مستأنس لحيوان متوحش، مطايا العدو دائماً هم الضعاف الإنتهازيون، الأفراد والجماعات التي تدعي الحياد بإسم الحكمة في قضية أو مسألة لا يوجد فيها وسط أو منتصف؛ هؤلاء مخذلون وأقل حقائقهم أنهم منافقون لكن لم نعرفهم، فالمواقف الكبيرة كفيلة بكشف هؤلاء، وهي ايضاً كفيلة للتعريف بأهل الهمم العالية والأخوة الصادقة، الأمة بشقيها الاسلامي والعربي مستضعفة بل مُحتقرة لسبب بسيط وهو أنهم يملكون قرارات لكنهم لا يملكون حق الصدع بها والتصرف، لذلك حتى كيان وضيع هزيل استطاع أن يستجلب ما يسمى الدول العظمى لمساعدته في عملية هي من أبشع الجرائم في هذا القرن على الإطلاق! وهي القضاء على شعب بأكمله بالقصف ابتداءً، ثم بمنع العلاج والمساعدات للبقية، ثم بتجويع من تبقى بقطع الماء والغذاء والكهرباء ، هذا هو الإرهاب والعنف الذي لطالما أزعجنا الغرب وكتّابه بإلصاقه في الإسلام وأهله.
لا حياد بين النار والماء، لا حياد بين الظالم والمظلوم، لا حياد بين الموت والحياة، هناك حوادث وأحداث كبيرة هي نتيجة قضية أو قضايا لا يوجد فيها حياد، ونحن الآن نعيش أحد أهم هذه الأحداث بل وأكبرها في القرن الحادي والعشرين ألا وهي عزل غزة عن الكون بأسره بإسم محاصرة (الارهاب) أي إرهاب وهم أهل الوطن وحماته، أي إرهاب والفرد منهم يدافع عن شرفه وبيته وأهله!؟، أي إرهاب والمجتمع الدولي يهتم بـ مايقارب 300 فرد وهم أسرى أحياء، بينما يتغافل عن ما يزيد على 14000 وأكثر شهيد بين رضيع، طفل، امرأة، وعاجز وغيرهم، أي حياد إرهابي هذا عندما ترى بعض البشر يقول نحن ضد قتل المدنيين مدافعاً عن الكيان متهماً حماس، وكأن أهل غزة لا يشملهم مصطلح المدنية؟!
لم نرى الغرب الأوروبي بأجمعه يخجل من دعمه لأوكرانيا ضد روسيا، هل هم أشجع؟! لا بل هم مؤمنون بقضيتهم مدركون لنتائجها، يعرفون حقاً أن الحياد في القضايا مرفوض وغير منطقي، أما بعضنا فقضيته التقرب للغرب، والسعي لإقرار قانون الفيزا الأوروبية، ومواكبة السقوط الغربي، ويتبجع بمصطلح الحياد بإسم المدنية! وكأنه يعيش بكوكب آخر!
رسائل عاجلة:
الرسالة الأولى: لكل منصة إعلامية لا تعتذروا بالإنابة عنّا بقولكم (من قبيل التواضع) أننا خذلنا أخواننا أهل غزة، نحن لم ولن نخذلهم.
الرسالة الثانية: لكل منصات الإعلام التي تناصر غزة لا تنشروا ما يفرح العدو الصهيوني فهذا الإعلام المتباكي يضر لا ينفع، فالجميع يعلم المقاومة لا تقدم التنازلات، ولا الحرب تحصد الزهور.
الرسالة الثالثة: نصرة المظلوم لاتكون بالسر، وقياس حالنا بالعهد المكي أمر مضلل، فليس الإسلام بأوله، ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيننا، ولم نعدم القوة ولم نعدم الحق وأهله.
ما بعد النقطة:
إذا وجدت طرفين متخاصمين، أحدهم ظالم والآخر مظلوم، فلا توجد هناك مساحة في المنتصف كي تحتسي قهوتك وتنظّر على الاخرين عن الإنسانية، وشيطنة محاولات التحرر من الظلم.
••
فهد بن رشاش – أكاديمي
x: @Bin_rshash