فانتشروا في الأرض

الفقيه والأديب والقاضي وأحد أعلام الدعوة الإسلامية الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله يقول: “لقد جربت زحمة الأعمال، وكثرة الإرهاق، فوجدت الفراغ أصعب منها بكثير”.

بالعمل تعف نفسك عن السؤال والحاجة، العمل يمدك بالحيوية والنشاط، العمل يعطي للحياة معنى وغاية وهدف، عمل مجهد .. خير من فراغ مفسد، خير من الضياع والتيه وضياع الوقت بأعمال غير مفيدة ومجدية، الذي لا يشتكي من الفراغ لا ينشغل بغيره فالتركيز على نفسه، بالعمل تكوين علاقات جديدة ومتنوعة، فهو كالبذرة كلما اسقيتها كلما نمت وأثمرت، التركيز على وظيفتك أو مشروعك الخاص، تنمية موهبة أو تطوير حرفة.

تريد جني المال والثراء والوجاهة عليك بالعمل، تريد منصب عليك بالعمل، وقال ابن القيم: (الكسالى أكثر الناس هماً وغماً وحزناً، ليس لهم فرح ولا سرور، بخلاف أرباب النشاط والجد في العمل)، وكلما عملت تطرق أبواب جديدة وتفتاح أرزاق جديدة بمشيئة الرحمن، لا تنتظر الفرصة بل أنت من تصنعها.

عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ رأى ثلاثة نفر في المسجد منقطعين للعبادة فسأل أحدهم من أين تأكل؟ فقال: أنا عبد الله، وهو يأتيني برزقي كيف شاء، فتركه ومضى إلى الثاني فسأله مثل ذلك فأخبره أن له أخاً يحتطب في الجبل فيبيع ما يحتطبه فيأكل منه ويأتيه بكفايته، فقال له: أخوك أعبد منك ثم أتى الثالث فسأله فقال له: إن الناس يروني فيأتوني بكفايتي فضربه بالدرة وقال له اخرج إلى السوق.

ديننا الإسلامي دين عبادة وعمل، جد واجتهاد، وقوله تعالى: “هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلو من رزقه وإليه النشور”. الملك/15، وقال تعالى: “فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض”. الجمعة/10.

فراغ الحياة نتيجة فراغ الهدف، الإنسان عندما يضع له الهدف تجد للحياة لذة ومتعة، فخطوة الألف ميل تبدأ بخطوة.

والعديد من الأحاديث النبوية تحث على العمل، حتى الرمق الأخير من قيام الساعة، قال عليه أفضل الصلاة والسلام: (إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها).

••