قلم الإرادة

أميركا لم تعد بحاجة لنفط الخليج

بدأ الاهتمام الأميركي بالخليج العربى منذ مطلع القرن التاسع عشر الميلادي، لكن دخول الولايات المتحدة إلى الخليج لم يأت بصورة مباشرة، فكانت البداية عن طريق البعثات التبشيرية طوال القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين، وسرعان ما تطور هذا التدخل عقب ظهور النفط في الخليج فى العشرينيات والثلاثينيات، وإثر انتهاء الحرب العالمية الثانية أخذت الولايات المتحدة الأميركية في رسم السيناريوهات للهيمنة على منطقة الخليج العربي، خصوصاً بعد أن ظهرت بشائر الذهب الأسود (النفط)، وبات أكيدا أنها تضم أكبر خزان للنفط فى العالم.

وعقب وصول الرئيس الأميركي “جيمي كارتر” إلى السلطة فى عام 1977، أصدر كارتر مذكرة موجهة إلى البنتاجون أعتبر بموجبها منطقة الخليج من المناطق الاستراتيجية ذات الأولوية، وأن الولايات المتحدة الأميركية ستدافع عنها ضد أي اعتداء أجنبي، وكانت هذه المذكرة نواة لمبدأ كارتر للدفاع عن الخليج العربي، وقد ظهرت هذه السياسة بشكل واضح خلال حرب الخليج الأولى؛ حيث وقفت الولايات المتحدة الأميركية بشكل قوى ضد استهداف إيران لحركة النفط فى الخليج.

وإثر اندلع حرب الخليج الثانية رأت الولايات المتحدة ضرورة تعزيز تواجدها في المنطقة من خلال اتفاقات دفاع ثنائية بين الولايات المتحدة ودول الخليج، ومن خلال هذه الاتفاقات أنشأت الولايات المتحدة سلسلة من القواعد العسكرية الدائمة المنتشرة على طول ساحل الخليج العربي.

وفي الوقت الحاضر فإن الولايات المتحدة تواجه معضلة حقيقية تهدد تواجدها في الخليج، فالخلافات الخليجية تهدد اتخاذ سياسة موحدة لمواجهة الخطر الإيراني، بجانب ظهور قوى جديدة في المنطقة؛ حيث استغلت تركيا الخلافات الخليجية لإيجاد موطأ قدم لها في المنطقة.

ومع تزايد حدة التوتر بين أميركا وإيران، عاد موضوع أمن الخليج العربي إلى واجهة الاهتمام الدولي بإلحاح شديد، كما أصبح أمن الطاقة وأمن مضيق هرمز، الذي يمر عبره 40% من النفط في العالم، ملحاً أكثر من أي وقت آخر، بسبب تصاعد المواجهة بين أميركا وإيران واحتمال اندلاع مواجهة عسكرية في المنطقة، علاوة على تزايد حالات قرصنة ناقلات النفط وتعرض عدد من السفن التجارية لأعمال تخريبية في خليج عمان وفِي المياه الإقليمية والدولية.

وعلى الرغم من تغريدات الرئيس دونالد ترامب، الذي ذكر أن أميركا أصبحت دولة منتجة ومصدرة للنفط ولم تعد بحاجة لنفط الخليج، ودعا دول العالم المعتمدة على نفط الخليج إلى تحمل مسؤوليتها لحماية سفنها وناقلاتها، إلا أن المتوقع أن لا تغير الولايات المتحدة من سياستها تجاه الخليج في الوقت الراهن، فالتخلي عن الخليج سيفتح الباب على مصرعيه للقوى الصينية والروسية للتواجد في الخليج، وسيشكل تهديداً حقيقياً للاقتصاد الأميركي في ظل الحرب التجارية الأميركية – الصينية، وكما يبدو فإن الهدف من هذه التصريحات هو الضغط على بعض الدول الخليجية لتحقيق المزيد من المكاسب الاقتصادية للولايات المتحدة الأميركية.

••

شباب عبد الله الهاجري – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية

Twitter: @ALrashedshbabb

مقالات ذات صلة