هل تقرر الصين حرب عالمية ثالثة؟
أريد تحديد وصف دقيق لما يحصل:
أميركا سيدة العالم منذ 1991 م واليوم قوة الصين وروسيا متنامية بشكل أسرع من نمو القوة الأميركية، لذلك يريدون منافسة الأميركان على سيادة العالم، ومع نموهما السريع ما زالت أميركا وبريطانيا أقوى من الصين وروسيا، لذلك تريد أميركا ترويض وترضيخ الصين والروس، اليوم وهما بقوة أقل من قوة الأميركان والبريطانيين، لإنفاذ سيادة الأميركان على العالم وإبقاء الوضع القائم كما هو (أحادي القطبية) منذ عام 1991م؛ لأن بعد 5 سنوات مع معدل نمو قوتهما قد يعجز الأميركان عن تحجيمهم، لذلك قرر الأميركان أن تكون وسيلة ترويض وترضيخ الروس والصينيين هي ايران.
لماذا إيران؟ لأنها تزود الاقتصاد الصيني المتنامي بالطاقة خارج إطار أوبك مؤخراً، ومنذ يناير السابق بدء الطلب الصيني على النفط يتزايد ويحقق أرقام قياسية بنسبة زمنية وجيزة، مما كان سيؤدي إلى ارتفاع طبيعي مع ارتفاع معدل الطلب في سعر النفط، وذلك ما لا ترغب فيه الولايات المتحدة.
لماذا إيران؟ لأنها تملك ثاني أكبر مخزون غاز في العالم ولا توجد شركة تمتلك تقنية متكاملة لتسييل الغاز الطبيعي لتتمكن إيران من تصديره وبيعه لغير الدول القريبة منها سوى شركة سيمنس الألمانية، وشركة جنرال الكتريك الأميركية، بالتالي لا قيمة للغاز الإيراني بدون أميركا وألمانيا.
ولكن مؤخراً حاولت شركة سي أن بي سي الصينية الحكومية تطوير تقنية تسييل الغاز لتشغيل إنتاج حقل بارس الإيراني، وكان متوقع أن تتمكن الصين من تطوير التقنية وتسييل الغاز خلال فترة تتراوح بين 5 لـ 10 سنوات مما سيجعلها تسيطر على ثاني أكبر مخزون غاز في العالم (الغاز الإيراني) بعد روسيا.
لماذا إيران؟ لأن معدل التبادل التجاري الصيني/الإيراني
وصل في 2017 م إلى 37 مليار دولار منها 11 مليار دولار صادرات إيرانية للصين، وفي عام 2018 تضاعف التبادل التجاري فقد دخلت شركة “سينوبك” باستثمار 3 مليار دولار لتطوير حقل “يادافاران”.
كما استثمرت شركة كونسورتيوم مبلغ 7 مليار دولار في صناعات بتروكيماوية، وذلك غير استثمارات هواوي و “زد تي ايه” وغير دور الصين في تطوير منظومة إيران
الصاروخية وتطوير السكك الحديدية والأنفاق، كما كان وسيكون للصين الدور الرئيسي والمركزي في تزويد إيران بالتقنية النووية، كما أن الصين تعتبر إيران هي الضامن الوحيد لتدفق الطاقة لها في حال قيام صدام عسكري أو توسعت الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، لذلك كانت إيران هي الخيار الأمثل لترويض وترضيخ وتحجيم الصين من خلال احتوائها والسيطرة عليها؛ لأنها تمثل عصب استراتيجي للمصالح الصينية المتنامية.
وفي هذا السياق الاستراتيجي يرغب الأميركان شد رقبة الصين من خلال إيران، ولذلك نراهم مع البريطانيين يزيدون من حجم الحشد العسكري الأنجلو/أميركي في المنطقة بشكل تدريجي ويرفعون من حجم العقوبات بشكل تدريجي حتى يتمكنوا من التموضع الرادع لأي رد فعل صيني مع ارتفاع العقوبات على إيران، بمعنى أن أميركا لن تسمح للصين بجلب تقنيتهم لـ #إيران لإنتاج البترول وتسييل الغاز حتى لا يستقلوا ويضمنوا تدفق الغاز والنفط لاقتصادهم الصيني خارج إطار إرادة الأميركان؛ لأن ذلك يعني كسر أحد أهم القيود التي تروض فيها أميركا الصين، وعندها سيصعب إنفاذ السيادة الأميركية على الصين.
وهنا يبقى الموقف رهن رد الفعل الصيني، فإما تقرر الصين رغبتها بتغيير الوضع القائم (أحادية النظام العالمي) وتقرر حفظ مصالحها الاستراتيجية في إيران بالقوة، وإما ترضخ لسياسات التحجيم الأميركية وتتخلى عن إيران وتتركها وحيدة، وسيناريو حرب عالمية ثالثة يقوم في حال قررت الصين المقاومة.
لذلك لا نقول أن حرب عالمية ثالثة ستقوم، ولكننا نقول أنه يجب على دولنا الخليجية أن تبدء بصياغة استراتيجية متكاملة تتأهب لسيناريو حرب عالمية ثالثة تنفجر شرارتها
من منطقة الخليج ومضيق هرمز.
••
عبد الله خالد الغانم – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @akalghanim11