أمنيات

تفاصيل وأسباب حكم محكمة التمييز بإعادة الجنسية لأحد أبناء الأسرة الحاكمة

قضت محكمة التمييز برئاسة المستشار محمد الرفاعي بقبول طعن الحكومة على حكم إعادة الجنسية لاحد أبناء الأسرة الحاكمة وفي الموضوع برفضه.

وتتخلص الواقعة طبقاً للحكم المطعون فيه وسائر الاوراق – في ان المطعون ضده اقام على الطاعنين بصفتهم ابتداءً الدعوى رقم 3825/2012 تجاري كلي حكومة بطلب الحكم بالزامهم تسليمه اوراقه الثبوتية والمتمثلة في شهادة الجنسية وجواز السفر والبطاقة المدنية وغيرها من اوراق ثبوتية وبتجديدها له في مواعيد التجديد، وقال بياناً لدعواه انه ابن للمرحوم الشيخ (…) وقد صدر حكم في الدعوى رقم(…) احوال شخصية ومواريث واستئنافها رقم (…) احوال شخصية باثبات نسبه اليه، وتم بعدها اضافة اسمه الى حصر وراثة والده المذكور واستخرج من الطاعنين الثاني والثالث بصفتهما جميع الأوراق الثبوتية الخاصة به، ولما تقدم احد اخوته إلى لجنة دعاوى النسب وتصحيح الاسماء بالطلب رقم 574 لسنة 1996 لنفي نسبه الى والده انتهى رأي اللجنة الى عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيه بالحكم النهائي الصادر في الدعوى رقم 1795/1986 احوال شخصية سالفة البيان، الا ان جهة الادارة قامت وبناء على طلب احد اخوته بسحب اوراقه الرسمية منه مخالفة بذلك حجية الحكم القضائي المذكور، ما حدا به لاقامة الدعوى للحكم له بطلباته سالفة البيان، وبتاريخ 7/3/2013 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر طلب تسليمه شهادة جنسيته ورفضت ما عدا ذلك من طلباته.

استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 1582/2013 مدني، وبتاريخ 19/6/2013 قضت محكمة الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن المطعون ضده في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم(…) وبتاريخ 21/5/2014 قضت محكمة التمييز بتمييز الحكم المطعون فيه وفي موضوع الاستئناف رقم(…) مدني بالغاء الحكم المستنأنف وبإحالة الدعوى إلى الدائرة الادارية المختصة بالمحكمة الكلية للفصل فيها، حيث قيدت الدعوى رقم(…) اداري واثناء نظرها عدل المطعون ضده طلباته إلى طلب الحكم بالغاء قرار مجلس الوزاراء رقم 1009 لسنة 2008 فيما تضمنه من سحب شهادة جنسيته مع ما يترتب على ذلك من اثار اخصها الزام الطاعنين بتسليمه اوراقه الثبوتية من شهادة جنسية وجواز السفر والبطاقة المدنية وبتجديدها له في المواعيد المقررة، وبتاريخ 4/3/2015 قضت الدائرة الادارية بالغاء قرار مجلس الوزراء رقم 1009 /2008 فيما تضمنه من سحب جنسية المطعون ضده وما يترتب على ذلك من آثار اخصها الزام الطاعنين بصفتهم تسليم المطعون ضده كافة اوراقه الثبوتية.

ورأت المحكمة في حكمها ان هذا النعي غير سديد ذلك انه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة – ان القرار الاداري هو ذلك الذي تفصح فيه الجهة الادارية عن ارادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد احداث أثر قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه مصلحة عامة، وهو ما يتميز عن اعمال الادارة التي تخرج عن اختصاص الدائرة الادرية نوعياً بنظر المنازعات بان الاول يجب ان يكون مسبوقاً او مصحوباً بقصد احداث اثر قانوني معين هو انشاء حالة قانونية معينة او تعديلها او الغائها بالارادة المنفردة الملزمة للسلطة الادارية، في حين ان تلك الاعمال سواء أكانت مادية او اجراءات تنفيذية تباشرها جهة الادارة تنفيذا لحكم القانون لا يترتب عليها آثار قانونية معينة الا ما كان منها وليد ارادة المشرع مباشرة، ولمحكمة الموضوع سلطة فهم ما تصدره جهة الادارة من أعمال او قرارات وتعطيها وصفها القانوني الحق وفقاً لما هو ثابت بالأوراق دون تقييدها بما يخلعه عليها الخصوم من اوصاف او تسميات لان العبرة في التكييف القانوني بفحوى التصرف ومرماه لا بصيغته ومبناه.

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رفض الدفع بانتفاء القرار الاداري على ما اورده من ان القرار المطعون فيه قد تضمن الغاء المركز القانوني الثابت للمطعون ضده والمتمثل في سحب جنسيته وهو استخلاص سائغ له اصله الثابت بالاوراق حيث ان جهة الادارة قد اعملت سلطتها في تقدير مدى توافر حالة السحب المنصوص عليها قانونا على حالة المطعون ضده وانتهت الى عدم استحقاقه الجنسية الكويتية ومن ثم سحبها منه، مما يشكل تصرفها قرارا اداريا يجوز الطعن عليه طالما مس مركزه القانوني، ومن ثم يضحى النعي عليه على غير اساس.

وحيث ان هذا النعي مردود. ذلك انه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – ان تفسير الاحكام التي يحتج بها في الدعوى من سلطة محكمة الموضوع كسلطتها في تفسير سائر المستندات التي يقدمها الخصوم في الدعوى متى اقامت قضاءها على اسباب سائغة لها اصلها الثابت بالاوراق وتؤدي الى ما انتهى اليه.

وكان من المقرر ان قضاء الحكم ليس هو منطوقه وحده وانما القول الفصل في الدعوى ايا كان موضعه سواء في الاسباب او المنطوق، فاذا تضمنت الاسباب الفصل في اوجه النزاع التي اقيم عليها المنطوق كلها او بعضها والمتصلة به اتصالا حتميا بحيث لا تقوم له قائمة الا بها فان الاسباب في هذه الحالة هي المرجع في الوقوف على حقيقة ما فصل فيه الحكم، اذ الحجية تشمل ما قضى به الحكم بصفة صريحة او ضمنية في منطوقه او اسبابه.

من المقرر -في قضاء هذه المحكمة – انه يجب على المحكمة حين تعرض للطعن على القرار الاداري ان تتحقق من قيامه بمقوماته القانونية والتعرف على محتواه، فان بان لها انه مشوب بمخالفة صارخة للقانون فانه في هذه الحالة يتجرد من صفته الادارية وتسقط عنه الحصانة المقررة للقرارات الادارية فيكون هو والعدم سواء ولا يزول عيبه بفوات ميعاد الطعن عليه ويجوز رفع الدعوى بشأنه دون التقييد بميعاد معين، ومن المقرر ان اختصاص الدائرة الادارية بمراقبة مشروعية القرارات المطعون فيها لا يقتصر على القرارات غير المعدومة وانما من حقها ان تتصدى لتقدير مشروعية القرارات الادارية المعدومة وتقرير ازالتها بحكم صريح، اذ ليس من المعقول حماية الافراد في مواجهة حالات يكون فيها القرار معيباً بعيب بسيط وتركهم دون حماية في مواجهة حالات الانعدام الجسيم.

لما كان ذلك وكان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – ان حجية الامر المقضي تعتبر قاعدة من قواعد النظام العام ولها اولوية الرعاية والاعتبار اذا ما تعارضت مع قاعدة اخرى من هذه القواعد لما هو مقرر من سمو الحجية على اعتبارات النظام العام، وتبعا لذلك فان الحكم الذي يصدر من جهة قضائية ذات ولاية ويضع حدا للنزاع في جملته او جزء منه او في مسألة متفرعة عنه بفصل حاسم لا رجوع فيه من جانب المحكمة التي اصدرته متى صار نهائيا فانه يحوز حجية الامر المقضي ولا يجوز إهدار هذه الحجية.

مقالات ذات صلة