قلم الإرادة

معكم يا غزة

غزاه .. غزاه كُفـي الدمع أرجوكِ ..
فما الدمعُ يُجـدي ولا نوحُ ولا آهُ

(إليكِ أيتها الجريحة، إليكِ أيتها الأسيرة جبراً وقهراً، إليكِ يا من ارتدت ثوب الحداد، إليكِ يا أم الشهداء طفلاً وكهلاً .. إليكِ يا غــزة دعوةً فصبراً).

* إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على مصاب غزة لمحزونون، وأعلم علم اليقين بأني مهما سطرت من كلماتِ حزن وآسـى فإني لن أستطيع أن أعبر عن أحداث غزة،  فوالله إن المصاب جلل وعظيم وأكبر من أن يتصوره العقل ويستوعبه، موتٌ يحيط بهم من فج وناحية، يتنفسون آهات المنية ويتجرعون كاسات دمُ الشهداء ويكحلون أعينهم بإشلاء أطفالهم ويصرخون بحناجر القتلى أين العروبة يا أمة الإسلام.

* بداية قد يختلف معي البعض بسبب موقف دولة فلسطين إبان الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت والذي أيد الغزو ووقف بجانب الباطل ضد الحق؛ بل وما زال البعض منهم يردد صيحات استنجاد وتمجيد هاتفاً باسم المقبور صدام حسين، ورغم ذلك فإن دولة الكويت حكومة وشعباً كانت من أول الدول الذي سارعت بمد يد العون لإخواننا في فلسطين وتم إرسال المعونات العينية والمادية للشعب الفلسطيني وذلك ليس منة منا أو فضل؛ بل هي مبادئنا التي جُبلنا عليها منذ القدم وأصبحت نبراساً لنا نسير عليه ولا نحيد عنه أبداً، ودولة الكويت لا تكيل بمكيالين عند التعامل مع النكبات فالجميع سواسية دون تفضيل أو نقصان وما يحدث الآن في غزة يحتم علينا ككويتيون عدم نسيان الماضي الأليم ولكن لنقف مع دولة فلسطين ويكون جل اهتمامنا نصرتهم بكل ما أوتينا من قوة، فأرجو تفهم الموقف وعدم الزج بالمواقف السياسية الأليمة بالمساعدات الإنسانية والدعاء لهم والوقوف بجانبهم لنعطي درساً للجميع بأن الكويت حكومة وشعباً دولة الإنسانية رغم كل الجراح.

* كنا بالمعتقلات والسجون العراقية أثناء الغزو العراقي الغاشم يدخل علينا ضباط أسرى جدد تم احضارهم بعد أن قام بعض الفلسطينين بالإبلاغ والوشاية عنهم بأنهم ضباط كويتيين، فتم القبض عليهم وأصابهم من العذاب الشيء الكثير وبعضهم لا يزال من عداد المفقودين (لكى لا ننسى).

* ما يحدث في فلسطين مأساة حقيقية لم نشهد مثيلها في السابق، قصف عشوائي يدك الأرض دكا ويقتل شعباً بأكمله، مبانِ تساوت مع الأرض وأصبحت من ذكريات الأمس وشهيد يرتقي ويتبعه شهيد وأسراً اُبيدت بحجة الدفاع عن النفس، وعائلات شردت دون ذنبِ اقترفته سوى أنهم فلسطينيون، حدثٌ يدمي القلوب؛ بل يمزقها شر تمزيق ونحن نرى بأم أعيننا مصاب غزة وماذا حل بأهلها من تنكيل وتشريد، مناظر تقشعر لها الأبدان فقد كنا نسمع عن وحشية الصهاينة ولكن هذه المرة رأينا أبشع أمر يمكن للمرءُ أن يراه، أشلاء قتلى تلقى في الطرقات وبكاء أطفال ذعراً وصرخات الأمهات، مشاهد لم نتخيل أبداً أن نراها ما حيينا.

* اعذروني أن المصاب أكبر من الحروف والكلمات وأكبر من أن أعبر عنه بسطور قليلة فوالله أشعر أن قلمي هو من قتل ومات، ضاعت أفكاري وشلت يميني ولا أستطيع أن استمر بالتعبير عن هذا الحدث ولكن كل ما أملكه هو الدعاء بقلب كسير لإخواننا في عموم فلسطين وبغزة خاصة، فأسال الله أن ينصركم على عدوكم ويسدد خطاكم ورميكم ويرحم شهداؤكم وشهدائنا ومفقودينا ويحشرهم مع النبيين والصديقين والشهداء الأبرار، وأن يسخر لكم جنود الأرض وملائكة السماء ودمتم سالمين 🇵🇸🇰🇼.

••

ناصر سلطان سالمين – عقيد متقاعد

مقالات ذات صلة