قلم الإرادة

المجلس الرئاسي اليمني.. شرعية الوجود وقانونية الخيار

   ساهمت أحداث شبوة الحالية في اليمن، وما تفرع عنها من مغالاة للبعض في نفي شرعية المجلس وأعتبره لا يتمتع بدستورية تنفيذ قراراته، لتعطي جانب مهما وخطير حول دوافع نشر الفوضى والاضطراب، بناءً على مصالح سياسة “العنف والفوضى” وهذه الاعتبارات والمأزق الذي خلق كل هذا التصادم، بين قرار واقعي لمجلس الرئاسة، وحالة الهروب من – قبل جهات سياسية وعسكرية عميقة – الاستحقاقات السياسية والدستورية، ليدفع ببعض الاطراف إلى التمرد وإعاقة الواقع الجديد والسلطة السياسية الدستورية، التي عليها مهام وظروف بالغة التعقيد خلال المرحلة الراهنة في استعادة الدولة.

    طريقة التمرد وبروز من يشكك بكل خطوات المجلس الرئاسي ،سواء على المستوى الإعلامي والسياسي له جوانب سلبية، وهذا خلق نوع من المواجهة بين طرف يتحرك بخطوات مراهقة، ووضع لا يعبر عن الالتزامات من قبله وهذا ماينفي عنه الطبيعة المدنية والحزبية، وسلطة حاكمة لها حق اتخاذ القرارات وألزام الجميع عليها.

   المجلس الرئاسي هو سلطة ثابتة وحقيقية، ويقوم بمهام إعادة تثبيت لواقع الدولة وفرض لوظيفتها الاساسية، لاستعادة المنظومة السياسية والمؤسسات التي سقطت مع مجيئ مليشيات الحوثي، وخروج الدولة عن نطاق العمل الدستوري والقانوني وقيام مليشيات الحوثي، بمجموعة إجراءات سياسية قمعية منفردة وعنصرية جامحة، في تدمير مقومات البلد وتكريسها لهمجية واسعة وفوضوية.

   تمثل طريقة التمرد في محافظة شبوة شرق اليمن، على أنه سلوك بدائي وغير قانوني ومغاير لما كان يجب أن توفره بعض الكيانات السياسية من مرونة مطلوبة للاستجابة للظروف التي يعمل المجلس الرئاسي، من خلالها لتعزيز قيم الدولة، وما حدث في شبوة هو تمرد مكتمل من حيث اعتباره انتهاكاً لحق الدولة في تحقيق شرعيتها.

   إعادة إصلاح واقع البلد المنهك بالحرب والفساد، هو الخيار الاستراتبجي بعد اتساع تحكم الكيانات المناطقية والسياسية والمذهبية باليمن، كما أن مثل هذا التمرد هو حالة من الهروب من الاستحقاق السياسي، والذي يحقق سياسات طبيعية واستثنائية ملزمة، وليس من حق أي كيان أن يطلق على قوات له ترفض الانصياع لقرار المجلس الرئاسي، وتستخدم الأسلحة وتتعمد إيجاد خريطة من التأسيس لظرف التفكيك والصراع على أنها تمثل اليمنيين، وليست تلك القوات إلا كيان متمرد يعيق الإصلاحات والتزامات من قبله.

   يدرك اليمنيين أن سلطة عبد ربه منصور هادي، الرئيس السابق لليمن كانت لها حالة احتكار للدولة ووضعت القرارات لتكون خاضعة لنوع من التمييز، وكانت محددة لأطراف وشخصيات وأحزاب محددة أو منفردة، وهذا ما أدى إلى اختراق مفاصل الدولة من قبل كيانات ضيقة الأفق سواء في المجال السياسي والاقتصادي والعسكري، لتكون الدولة عبارة عن حالة تمثيلية ضعيفة وتسير سياسات تلك القوى لتتركز في العبث بكل مقدرات اليمن، وتحقيق مصالح محددة، وهذا سبب الفشل الذي خلق انهيار متعدد الجوانب في الواقع المؤسسي للدولة.

   الخروج عن المجلس الرئاسي هو تدمير حقيقي لواقع البلد، وزيادة في توسيع الصراع وتمرد على استحقاقات المرحلة، لكن على الرئيس رشاد العليمي رئيس المجلس الرئاسي أن يختار القيادات السياسية والعسكرية القوية والمستقلة التي لا تنتمي لأطراف الصراع المختلفة في المنصب الكبيرة والمهمة والخطيرة؛ لأن وجود هذا الشخصيات وإعادة فرضها يعني إضافة التعاطي المهيمن والذي يؤدي إلى الحساسية الطبيعة القائمة عند أي طرف، ويعمق الصراع ويعزز الفوضى التي قد تخرج عن السيطرة، وتجعل الحل أصعب في إعادة توازن الدولة حول مصالحها.

••

عبد الرب الفتاحي – كاتب في صحيفة الإرادة

مقالات ذات صلة