الأسفار والأمصار

منذ خلق الإنسان وجد في نفسه الرغبة في البحث والمعرفة والاستطلاع والاكتشاف والحب إلى التشوف والتشوق لبحث عن كل ما هو جديد والتعرف على أسرار هذا العالم الفسيح المترامي الأطراف، وبدأ الإنسان يجوب البحار ويقطع القفار ويصول ويجول في مناكبها، والله تعالى يحث عباده على الرزق والسير في الأرض قال تعالى: (قل سيروا في الأرض)، ورحلة قريش في هذين الفصلين من كل سنه شتاء إلى بلاد اليمن وإلى الشام في فصل الصيف، قال تعالى في منزل كتابه: (لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ).

وفي قديم الزمان لم يكن هناك وسائل اتصال حديثة والمعلومة صعبة للوصول إليها وظهر العديد من الرحالة والسفر عبر الأقطار المختلفة للتعرف على هذا العالم الشاسع وكتابة ونقل المعلومة للأجيال القادمة واحد أشهر هؤلاء الرحالة ابن بطوطة، حتى في عالمنا الحديث الشخص الذي يسافر كثيراً يطلقون عليه هذا الاسم.

السفر فرصة لاكتشاف عادات جديدة وتقاليد متنوعة، ترويح عن النفس، علم وثقافة واكتساب مهارة، السفر يعلمك الصبر لاختلاف الظروف ومفاجآت السفر وما يواجهك أحياناً من مصائب ومصاعب ومحاولة التغلب عليها أو التعايش معها، السفر الخروج عن المألوف قد يرى المسافر العجائب والغرائب وتطلع على عظيم صنع الخالق في هذا الكون، تسافر إلى دول وتشاهد حضارات بقي جزء منها شاهد عليها وأخذ الدروس والعبر وتتفكر كيف لهذه الحضارات بفترة من الزمان تألقت وتعملقت و سادت ثم بادت، السفر تنفق عليه لكن تزداد غنى من ثقافة ومعرفة، السفر ورؤية تنوع البلدات وتذوق مختلف الأكلات، مغامرة، السكن بين أحضان الطبيعة، أو في صخب المدينة أو تصحو على صوت الأمواج أو الأنهار، ويقول الإمام الشافعي الذي يحث فيها على السفر والارتحال مبينا مزاياه وفضله:

سافِر تَجِد عِوَضاً عَمَّن تُفارِقُهُ

وَاِنصَب فَإِنَّ لَذيذَ العَيشِ في النَصَبِ

إِنّي رَأَيتُ وُقوفَ الماءِ يُفسِدُهُ

إِن ساحَ طابَ وَإِن لَم يَجرِ لَم يَطِبِ

وَالأُسدُ لَولا فِراقُ الأَرضِ مااِفتَرَسَت

وَالسَهمُ لَولا فِراقُ القَوسِ لَم يُصِبِ

وَالشَمسُ لَو وَقَفَت في الفُلكِ دائِمَةً

لَمَلَّها الناسُ مِن عُجمٍ وَمِن عَرَبِ

وَالتِبرُ كَالتُربِ مُلقىً في أَماكِنِهِ

وَالعودُ في أَرضِهِ نَوعٌ مِنَ الحَطَبِ