قلم الإرادة

العلاقات الكويتية ـ العراقية والتباعد السعودي

   بعيداً عن العواطف وميلاننا لطرف على آخر وبعيداً كذلك عن العلاقات التاريخية وتاريخ التعاون في إقليم الشرق الأوسط كافة، وقريباً من المنطق الأكاديمي والأدلة والبراهين استناداً لقوله تعالى: “قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين”، واعتماداً على هذه الآية وإيماناً مني لابد أن أتحدث بكل تجرد في قضية تبلورت في عقلي الذي ما زال يغوص في بحر علم السياسة كعلم أكاديمي.

 

إن العلاقات الكويتية ـ السعودية لا تشوبها إلا شوائب قليلة ولكنها كبيرة على مر التاريخ، فمنذ تأسيس “سلطنة نجد” والكويت عانت من الحصار الاقتصادي امتداداً لغزو القبائل التابعة لنجد لها ومروراً باقتصاص أجزاء كبيرة من أراضيها الممتدة جنوباً ليس تظلماً مني بل استناداً للتاريخ والخرائط المعتمدة والاتفاقيات المنصوصة عليها في ظل الصراع العثماني ـ الإنجليزي في المنطقة، وما أن عادت هذه العلاقات كأي علاقة سياسية تجمعها المصالح المشتركة وفقاً للمنطق الأميركي “المنطقي” في العلاقات السياسية لابد لها أن تنتكس، فالعلاقات السياسية بين الدول كمؤشرات البورصة، في انخفاض وارتفاع يومي وسبحان الذي يبدل الأحوال!

 

إن لعب الكويت دور الاتزان والدبلوماسية في المنطقة “رسمياً” منذ استقلالها عام 1961 م سبب رئيسي لريادتها وإن تراجعت بعض الأوقات لاحقاً لأسباب سأدللها بعد قليل، فالكويت حتى قبل استقلالها كانت تبحث عن البقاء في المنطقة، وبالفعل بقت مع تلاشي بعض الدول الكبرى في الإقليم، ويعود ذلك السبب إلى الرغبة في البقاء والتي تشغل هاجس كل كويتي محب لوطنه في ظل وزن الدول والكيانات المجاورة!

 

الكويت عزفت أروع الآلات السياسية في الموسيقا الشرق أوسطية حتى باتت عازفاً بارعاً في المنطقة تستند إليه الدول الإقليمية أحياناً في صراعاتها واختلافاتها كعمان والإمارات مثلاً وقطر والسعودية والسعودية وإيران.

 

إن السبب الرئيسي لفقدان الكويت دورها منذ لحظة الغزو الأولى وحتى عام 2003 م هو انجرافها للسياسة السعودية خارجياً مما أفقدها دورها الكبير، وكان الانجراف سياسياً لابد منه خصوصاً وأن العراق هو الطرف الثاني المجاور وهو الطرف الذي احتلها وابتعاداً منها عن السياسة الإيرانية لإيفائها الموقف السعودي في تحرير الكويت والذي اعتبرته السعودية وفاء دين للسعودية؛ لأن الكويت هي منبع انطلاق توحيد هذه الأقطاب المترامية من الصحراء العربية. أظن وأعتقد بأن ظني لن يخيب بأن الكويت كانت تعاني فترة عصيبة من 1990 م ـ 2003 م خصوصاً مع تكرار التهديدات العراقية، والصدمة الصدامية وتوتر العلاقات الإيرانية ـ العراقية كذلك؛ كل تلك الأسباب أدت لفقدان الكويت دورها الذي كانت تمارسه.

 

لكن ومع بداية عام 2003 م واحتلال العراق عادت السياسة الكويتية للعب التوازن بين الأقطاب الثلاثية المجاورة بإعادة صفحة العراق من جديد للجوار وهو ذكاء للعب التوازن بين الأقطاب الثلاثية الإقليمية، وأثار ذلك شبه تباعد مبدئياً في التوافق الكويتي ـ السعودي في السياسة الخارجية مما أدى إلى استعادة دورها ولو كان متأخراً ولم نراه بعد 2003 م بشكل واضح إلا عند القضية العمانية ـ الإماراتية .. وها هو اليوم أكبر دليل على تعافي السياسة الخارجية في الفترة البسيطة الأخيرة من خلال سعي الكويت لبناء توافق سعودي ـ إيراني لتهدئة الوضع في المنطقة، وكذلك عدم اتخاذ الكويت قراراً بسحب سفيرها من قطر، ويُرجّح أن تقود الكويت الصلح الخليجي ـ القطري في الأيام المقبلة.

 

**

 

نبرات:

 

ـ عند التحليل الأكاديمي يجب أن نخلع أنفسنا عند بوابة الحقيقة، وأن ندخل عراة بجسد الصدق لنتحدث.

 

ـ للكويت دور ريادي في المنطقة؛ متى ما عاد تعود لعافيتها في السياسة الداخلية.

ـ السياسة؛ أقوال تترجم عن أفعال.

 

محمد العراده ـ رئيس تحرير صحيفة الإرادة الإلكترونية

 

Twitter: @malaradah

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى