إقليمي وعالمي

دمشق تتدثر بالخوف خشية ضربة عسكرية

بعجز وخوف تترقب أقدم المدن المأهولة في العالم قرار توجيه ضربة عسكرية لها، ففي ذاكرة السكان ذكرى ضرب العراق وفي جيوبهم عملة تنهار يوما بعد يوم قد لا تكفي ثمنا لبضعة أرغفة.. إنها دمشق.

تسري الإشاعات في شوارع وأزقة المدينة عن ضربة محتملة، وأن الضربة العسكرية ستكون ليلا فاستعرت أسعار البضائع وامتلأت الأسواق بالأهالي لشراء الخبز والكعك والمعلبات بأسعار ارتفعت بين ليلة وضحاها ثلاثة أضعاف.

تعود نجوى، مدرسة ابتدائي، من السوق الذي خرجت إليه عقب المدرسة إلى منزلها محملة بأكياس ملئة بالمعلبات والكعك والخبز وتقول “هذه مونة المنزل بحال ضربونا.. أكيد ستغلق الأسواق.. أمي مريضة ولا أدري ما أفعل خاصة أن غدا  الجمعة هو موعد جلسة غسيل الكلاوي الأسبوعية.. من دون الجلسة قد تموت”.

تصمت قليلا وتتابع “صبرنا كثيرا في مدينتنا.. أنا من الشام ولم أغادرها يوما.. كل من سافر إلى الخارج من معارفي سعيدون بالضربة العسكرية.. لم يسألنا نحن سكان الداخل الذين نحارب لنعيش كل يوم.. لم يسألوننا عن رأينا.. أو ماذا نريد”.

نجوى (39 عاما)، مطلقة وأم لطفلين وتعيش مع أمها في أحد أحياء قلب العاصمة السورية، تشعر بالخوف وتقول “أذكر تماما عندما ضربوا العراق.. يومها تحول الليل في بغداد إلى النهار.. بكينا عليها وعلى السكان.. اليوم أنا أبكي حالنا”.

هروب باتجاه لبنان

عائلات كثيرة اتخذت قرارها بالرحيل بعد أكثر من عامين من الصراع الدامي الذي أودى بحياة أكثر من 100 ألف قتيل، بعد عامين “صمدوا” فيها في منازلهم مع أهاليهم وأطفالهم.

أبو عصام (51 عام) ترك منزله في شارع بغداد، المنزل الذي اشتراه “بشقاء عمره” والذي كبر أطفاله بين جدارنه.. تركه متوجها إلى لبنان خوفا من الضربة العسكرية التي يصفها بـ “العمياء”.

ويقول لموقعنا “قلبي يحترق على ترك منزلي.. لكن الأمر لم يعد سوريا بعد الآن.. كانت الاشتباكات تقع تحت المنزل فنغلق الشبابيك ونحكم إغلاق الأبواب.. لكن صواريخ توماهوك ستقتلنا جميعا”.

يعزّ على أبو عصم ترك منزله الذي سكن فيه لأكثر من 20 عاما ويقول “لم أرد أن أترك تعب عمري وضنى السنوات الطويلة.. قلت لنفسي البقاء في منزلي كرامة لي.. لن أكون لاجئا يوما..”، يصمت ويتنفس بصعوبة ويتابع “سأبقى في لبنان حتى تنتهي الضربة العسكرية ومن ثم سأعود إلى منزلي.. أخاف على أولادي..”.

يتابع “بالتأكيد أنا ضد أي ضربة عسكرية على بلدي”.

خائفون لكن.. ما الفرق

في حي ركن الدين الذي يشهد أغلب الأوقات اشتباكات بين طرفي النزاع السوري إلى جانب عمليات دهم واعتقال مستمرة يسكن حسين (29 عاما).

يدرس حسين في الجامعة ولم يتغيب عنها مهما كانت الظروف ويؤكد لنا أنه وبالرغم من إمكان تويجه ضربات عسكرية لدمشق إلا أنه سيبقى وسيذهب إلى الجامعة.

لافرق لدى حسين بين الضربات الخارجية أو الضربات الداخلية التي تحدث ما بين الجيشين السوري والحر ويقول “لم تعد التهديدات تهمني.. ولا إمكانية ضرب البلد تعنيني فأنا لا قرار لي.. والحقيقة أنه لا فرق لدي إن قصفت أميركا أو لم تضرب.. كل ما أعرفه أني لست مهتما بعد اليوم.. يعني مو فارقة معي”.

حسين لا ينكر خوفه بل ذعره، ويعتبر ذلك أمرا طبيعيا لكنه يعود ويؤكد بعد لحظات “إن سألتني عن رأي فأنا ضد كل ما يحدث في سوريا.. دمرت البلد وسرقت الآثار وقتل الناس ولدينا الآن أكبر سوق للتجارة بالمخدارت والبشر والسلاح.. رأي غير مهم .. نحن ليس لنا وجود..”.

وتصاعدت المطالب بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا عقب “هجوم كيماوي” على ريف دمشق في 21 أغسطس، أوقع أكثر من 1300 قتيل وفقا لمصادر المعارضة، ووجهت الاتهامات إلى نظام الرئيس بشار الأسد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى