إقليمي وعالمي

4 سيناريوهات محتملة أمام القمة الخليجية المقبلة

تلوح في الأفق بوادر لتأجيل قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، المقرر عقدها بدولة الكويت، في ديسمبر المقبل، وسط ترقّب كبير من قبل شعوب الخليج، ومماطلة دول الحصار في حلّ الأزمة الخليجية.

مصادر دبلوماسية رجّحت، السبت 21 أكتوبر، تأجيل القمة مدة ستة أشهر؛ بسبب عدم تحقيق تقدّم في حل الأزمة الخليجية، مبيّنة أن عقدها سيتم حال حصول اختراق سياسي كبير، وذلك بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تليرسون، إلى العاصمة السعودية الرياض، في ظل عدم وجود مؤشرات قوية نحو حلٍّ قريب، وفق صحيفة “الرأي” الكويتية.

– سيناريوهات محتملة

وحول أنباء تأجيل القمة، يقول المحلل السياسي الكويتي، ظافر العجمي: إن “ما تم تداوله عن الأمر كان تغريدات على موقع (تويتر)، بعضها يدخل في خانة التمنّي، أو التكرار والتحليلات القاصرة”، وإن “أمير الكويت لم يعلن شيئاً، وما زال هناك شهر كامل”.

وقال العجمي،: إن “هناك أربعة سيناريوهات محتملة للقمة الخليجية”؛ وبيّن أن “السيناريو الأول أن تتم القمّة كما هي، وأن ينجح أمير الكويت في جمع الأشقّاء”، أما الثاني فهو أن “تعقد القمة بدون قطر، ولا تحضر عُمان والكويت”.

عبد الله الغيلاني، الأكاديمي والباحث العُماني في الشؤون الاستراتيجية، رأى أنه “من المرجّح ألا تلتئم القمة هذا العام، فليس في الأفق ما يبعث على غير هذا الاستنتاج”، مؤكداً أن الأزمة الخليجية “تزداد تعقيداً”.

ورأى الغيلاني، أنه “في ظل المعطيات السائدة يبدو أن تأجيل القمة هو الخيار الأكثر واقعية، إذ إنها لو عُقدت في هذا المناخ البالغ الارتباك لأفرزت نتائج أكثر سوءاً”.

السيناريو الثالث، وفق العجمي، يتمثّل في “عقد القمة دون قادة الخليج، ولكن يتم إرسال مندوبين من الدول، مثلما كانت تفعل عُمان خلال السنوات الماضية”، أما السيناريو الأخير فهو أن “يتم تأجيلها كما يروّجون حولها”.

وحول حضور مندوبين فقط، قال المحلل السياسي العُماني، عوض باقوير: إن “القضية ليست بوجود ممثلين أو قادة، وإنما في أن تعقد دون أعضائها الستة”، وبيّن، أن “وجود القادة غير مكتملي العدد يعني إشكالية”، مشيراً إلى أنهم “قد تغيّبوا في بعض الأحيان لأسباب صحية، لكن الآن الوضع مختلف”.

ويرى باقوير أيضاً أن “القرار بتأجيل القمة شيء صحيح وجيد؛ حتى لا تعقد القمة دون تواجد الأعضاء الستة، وهو حل معقول”، وأن “المؤشرات تبيّن أنه ليس هناك وضوح بما يتعلق بالمكان الذي يمكن من خلاله حل الأزمة بين الأشقّاء قبل انعقادها”.

في حين أشار الغيلاني إلى أن “عدم الانعقاد يمثل كسباً سياسياً لقطر من جهة، ويعكس مركزية الحضور الكويتي – العُماني، الذي حفظ شيئاً من توازن القوى في أروقة المجلس، كما يظهر أن الدبلوماسية الكويتية تتعاطى مع موضوع القمة كما مع الأزمة برمتها؛ بقدر من الواقعية والصبر الاستراتيجي”.

– تعنّت دول الحصار

وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، كان قد صرح في مؤتمر صحفي مع نظيره الأمريكي، ريكس تيلرسون، الأحد، أن أي تأجيل لقمة مجلس التعاون الخليجي المرتقبة سيكون بسبب “تعنّت” دول حصار قطر”، مشيراً إلى أن بلاده ما زالت بالمجلس وتؤكد أهمية هذه المنظومة.

وأوضح أن الدوحة ترى أن انعقاد أي قمة لمجلس التعاون سيشكّل فرصة جيدة للحوار، مضيفاً: “نتمنّى عقد القمة الخليجية في وقتها، ولم يصلنا أي خطاب رسمي يفيد بتأجيلها”.

– انتهاء مفاجئ

ويوضح العجمي أنه “كما بدأت الأزمة الخليجية فجأة سوف تُحل فجأة أيضاً، وذلك اعتماداً على مبدأ قد يسمّى (حب خشوم)”، ونوّه بأن “هذا الحل جُرِّب في مجلس التعاون طوال عقود. لا يعلم الكثيرون أن العديد من المشاكل الخليجية المعقّدة تم حلّها بهذا الأسلوب”.

وعن الجهود الكويتية في الوساطة بين الفرقاء الخليجيين، قال الغيلاني: “صحيح أنها لم تنجز شيئاً ذا بال حتى اللحظة، ولكنها أطفأت بعض الحرائق وعالجت بعض الشروخ، وحافظت على مصداقية عالية على الصعيد الدولي، وأحسب أن تعاطيها مع موضوع القمة سيكون ضمن هذه الحسابات الواقعية ذات النفس البعيد”.

– التأجيل.. ضرورة مُلحّة

من جهته يعتقد المحلل السياسي القطري، محمد المسفر، أن “تأجيل القمة بات ضرورة ملحّة الآن، إذا لم يكن هناك وفاق بين جميع شركاء مجلس التعاون، ومن ثم إذا اجتمعوا وهم على هذا الخلاف فستتشكّل مشكلة كبيرة، ولا بد من المصالحة أولاً، ثم تنعقد القمة، وإلا فتأجيلها يكون أفضل”.

واستبعد المسفر “حلّ الأزمة الخليجية في هذه الظروف. الدول المحاصِرة ليست على استعداد لأن تجلس على طاولة الحوار مع قطر، وحتى هذه الساعة لا يمكن توقع حل الأزمة بهذه السهولة، وستأخذ وقتاً”.

وخلال الأشهر القادمة وحتى نهاية العام، “سوف تظهر ملامح لمّ شمل مجلس التعاون أو انفراطه بالكامل، ويتشكّل جهاز آخر غيره”، وفق المسفر، الذي بيّن أن “هناك جهوداً تُبذل من طرف دول الحصار لخلق مجلس موازٍ لمجلس التعاون دون إلغائه”.

وقال: “لا أعرف لأي مدى سوف يوفقون بهذا الأمر، انعقاد المجلس ليس بالسهولة التي كان بها سابقاً”.

– انعطافة حادّة في المجلس

تأجيل القمة “ربما يشعر الأطراف جميعهم بأن المجلس أصبح في خطر، وهذا يعني أنه تقريباً انتهى”، وفق باقوير، والذي أكد أهمية المنظومة الخليجية “التي عوّلت عليها شعوب المنطقة على مدى أكثر من 3 عقود”، مبيّناً أنها “في محك وخطر، وأن الأزمة أصبحت مجمّدة تقريباً”.

ويعوّل العُماني باقوير على زيارة وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة، وقال: “ربما تحصل بعض المؤشرات التي تؤدي إلى حل الأزمة، وسط وجود وزير الخارجية الأمريكي بالمنطقة”.

وقال إن “السلطنة والكويت ربما أشاروا إلى أن التأجيل أفضل”، مؤكداً أن “كل أزمة في العالم تحلّ بالحوار على الطاولة، أما أن تبقى هكذا فهذا صعب”.

ومنذ تأسيسه عام 1981، عقد مجلس التعاون الخليجي قمماً عديدة بحضور قادة الدول الأعضاء، بحثت قضايا ذات اهتمام مشترك وأخرى إقليمية ودولية، وخرجت بقرارات مختلفة.

تاريخياً، القمة الخليجية كانت تمثل مناسبة لإزالة بعض التوترات ومعالجة بعض الاحتقانات التي تستبد بالعلاقات الخليجية – الخليجية، ولكن ثقل هذه الأزمة أثبت أنها يمكن أن تمنع انعقاد القمة ذاتها، وفق السياسي العُماني الغيلاني.

وبيّن الغيلاني أن “المحور السعودي-الإماراتي-البحريني، كان يدفع باتجاه انعقاد القمة دون قطر، ولكن الرفض الكويتي – العُماني يبدو أنه أحبط هذا السيناريو؛ خشية أن تكون تلك سابقة تُستخدم لعزل الكويت أو عُمان مستقبلاً. لا ريب أن عدم انعقاد القمة يمثل إخفاقاً استراتيجياً لمجلس التعاون، الذي لم تشهد مسيرته التاريخية انعطافة حادة كهذه”.

وقال: “السؤال المحوري يتجاوز انعقاد القمة إلى طرح مستقبل المجلس ذاته، أي إن المجلس صار مهدداً في أصل وجوده وليس في آليات عمله، وتلك مخاطر لم يتعرّض لها عبر عقوده الأربعة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى