الإندبندنت: لا قدرة للأكراد على إقامة دولتهم.. وهذه الأسباب

اعتبر الكاتب البريطاني، باتريك كوكبرون، أن الرغبة العارمة لإقامة دولة كردية، والتي ظهرت جليّة في الاستفتاء الذي جرى مؤخراً في إقليم كردستان العراق، “ليس كافياً لتحقيق حلم الدولة”.
وأشار الكاتب إلى أن الحكومة العراقية اتخذت خطوات سريعة لعزل الإقليم الكردي، تمثّلت في حظر الطيران، اعتباراً من يوم الجمعة، في حالةٍ لم تشهد لها المناطق الكردية مثيلاً منذ الإطاحة بنظام صدام حسين، عام 2003.
وبحسب الكاتب، في مقال له بصحيفة “الإندبندنت”؛ فإن إدانة الولايات المتحدة الأمريكية للاستفتاء الكردي شجّع العراق وتركيا وإيران على معاقبة الأكراد على رغبتهم وتطلعاتهم لإقامة دولتهم القومية.
وأوضح الكاتب أن الاستفتاء كان مقامرة خطيرة، ولكن من السابق لأوانه القول إنه فشل تماماً، فالمجتمعات والأقليات والدول الصغيرة بحاجة دائمة إلى حلفاء كبار، وإلا فإنهم سيصبحون وكلاء لقوى أخرى، وهو أمر مفروغ منه.
الأكراد، بحسب الكاتب، يتطلّعون إلى واشنطن وتقديم المساعدة لهم للخروج من الوضع الحالي، ولكن في ظل السياسة الخارجية للرئيس دونالد ترامب، فإنه لا يمكن التنبّؤ بما يمكن أن يفعله، ويبقى الأسوأ من وجهة نظر الأكراد هو الشعور بأن واشنطن لم تعد بحاجة إلى الأكراد العراقيين كما هو الحال قبل استيلاء تنظيم “داعش” على الموصل عام 2014.
اليوم هناك جيش عراقي قوي يوجد حتى في شمال البلاد، يقول الكاتب، ويضيف أن هذا الأمر يعني أن توازن القوى العسكرية قد تغيّر، صحيح أننا لا نقف على أعتاب حرب عربية – كردية، ولكن توازن القوى يشير إلى أنه يميل لصالح بغداد وليس لأربيل.
مراقبون ودبلوماسيون وصحفيون متابعون للوضع الداخلي في العراق يؤكّدون أن البلاد في طريقها إلى تصادم، ليس بالضرورة أن يكون حرباً، ولكن المناطق المتنازع عليها التي أصبحت بيد الأكراد تحمل من الخطورة الشيء الكثير.
“وداعاً وداعاً للعراق”، بهذا الهتاف ألهب مسعود البارزاني الحشود التي اجتمعت قبل الاستفتاء، وهو استفتاء حتى وإن كان محفوفاً بالمخاطر والتناقضات، فإنه ذو أهمية تاريخية كبيرة في حال قرر الأكراد، في لحظة حاسمة، السير بطريق إقامة الدولة المستقلة.
ويرى الكاتب أن اندفاع البارزاني كان بضغط داخلي أيضاً، لمواجهة خصومه الداخليين، فلقد ظهر البارزاني حامياً للقومية الكردية، خاصة أنه سوف يستفيد من قرار الاستفتاء عندما تجري الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في إقليم كردستان، المقررة في الأول من نوفمبر.
ولكن ثمن هذه المقامرة قد يكون كبيراً، فرئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، الذي يستعد هو الآخر لانتخابات 2018، لا يريد أن يظهر بأنه قد فرّط بوحدة العراق.
ويقول الكاتب إن إجراء الاستفتاء في المناطق المتنازع عليها دفع العبادي إلى التصعيد، وهو أمر لا يبدو أنه يمكن التوفيق فيه بسهولة بين رغبة أربيل في ضمّ تلك المناطق والرفض الصارم من قبل بغداد.
ورغم ذلك فإن المتفائلين يرون أن لا أربيل ولا بغداد يمكنهما الذهاب إلى الحرب؛ لأن كليهما يعتمد بالأساس على قوى أجنبية لدعمه، بحسب كوكبرون.
العراق وتركيا وإيران وسوريا، يخشون من أن تمتدّ النزعة الانفصالية إلى أراضيهم، حيث يوجد ملايين الأكراد الذين رحبوا بالاستفتاء، ولكنهم يعتقدون رغم ذلك أن إنشاء دولة كردية في شمال العراق لن تكون مستقلة تماماً، وستتحول بمرور الوقت إلى تابعة لقوة أخرى.
ويوضح الكاتب البريطاني أن الإيرانيين يخشون من أن تتحوّل كردستان إلى قاعدة عسكرية أمريكية، والعراق يخشى من أن تستولي الدولة الجديدة على منابع النفط في كركوك، لذا فإنهم يعتمدون على تركيا لوقف النزعة الانفصالية لدى الأكراد.
ويختتم الكاتب مقاله بالقول: “إن المشهد في كل من سوريا والعراق آخذ بالتغيّر، ونحن في بداية مرحلة سياسية حاسمة؛ فبدلاً من معركة هزيمة تنظيم داعش، فإن الصراع على السلطة بين العرب والأكراد يستعر”.