إقليمي وعالمي

رعب في الموصل.. “أمراء داعش” يعودون تحت ظل القوات العراقية

بعد عودة الاستقرار بنسبة عالية إلى الموصل، شمالي العراق، وخصوصاً بجانبها الشرقي الأقل تضرراً، عقب تحريرها من سيطرة تنظيم الدولة، في يوليو الماضي، باتت المخاوف تسيطر على السكان من عودة رجال “داعش”؛ إذ يؤكدون أن عناصره “الموصليين” بدؤوا بالظهور مرة أخرى بينهم.

سكان الموصل، وبحسب ما كشف بعضهم  فإن عدداً من عناصر التنظيم الذين كانوا معروفين بين الأهالي، وبينهم قياديون، يتمتعون بكامل حريتهم وسط السكان، بعد أن اعتقلتهم القوات الأمنية كونهم ينتمون للتنظيم.

أحمد الجبوري، من أهالي حي الشرطة في الجانب الأيسر بالموصل، قال إنه شاهد ثلاثة عناصر من تنظيم الدولة ممن كانوا معروفين في الحي الذي يقطنه بانتمائهم للتنظيم.

وأضاف  أن “أحدهم كان يعمل في (ديوان الحسبة) التابع للتنظيم أيام سيطرته على المدينة، والآخر في (ديوان المساجد)، والثالث عنصر أمني في أحد المستشفيات”.

واستطرد قائلاً: “جرى اعتقالهم من قبل القوات الأمنية. شعرنا بالارتياح لأن هؤلاء سينالون جزاءهم العادل بسبب الرعب الذي خلّفوه في المنطقة ومضايقتهم للسكان، فضلاً عن أن عملهم مع التنظيم أدى بمجمله إلى إلحاق الأذى بالأهالي”.

الجبوري يؤكد أنهم في “حي الشرطة” تفاجؤوا حين شاهدوا هؤلاء الثلاثة عادوا إلى منازلهم بعد شهرين من اعتقالهم، “لقد أقام ذووهم مآدب طعام لإظهار فرحهم بإطلاق سراح أبنائهم”.

وينقل الجبوري مشاعر جيرانه وسكان الحي الذي يسكن فيه، مؤكداً أن القلق يسيطر عليهم؛ “فمثل هؤلاء كان يجب إلحاق العقوبات الصارمة بهم، وفق الإجراءات القانونية، وهو ما وعدت الحكومة العراقية بفعله”.

يشار إلى أن عدد الذين اعتقلتهم القوات العراقية من عناصر تنظيم الدولة فاق 4 آلاف عنصر، وفقاً لما كشف عنه رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية، حاكم الزاملي، في تصريح سابق للصحافة.

ويجري اعتقال عناصر التنظيم من قبل القوات الأمنية العراقية؛ إما خلال المعارك، أو وفق المعلومات التي يحصلون عليها من الأهالي أو العناصر الاستخبارية.

غانم النعيمي، وهو من سكان منطقة الموصل الجديدة، يتحدث عن أحد القياديين في التنظيم، يقول إنه كان يحمل صفة “أمير” خلال فترة احتلال “داعش” للموصل، ويتمتع بامتيازات خاصة كونه يحمل هذه الصفة، وكان لديه سيارة دفع رباعي، ويرتدي الملابس “القندهارية”، ويحمل السلاح بشكل دائم، بحسب قوله.

ويستطرد النعيمي قائلاً: “كانت المستلزمات الضرورية تصل إلى منزله، وتشمل الوقود والحصص الغذائية، وجميعها من مميزات القيادي في التنظيم، في حين كان السكان يعانون من نقص حادٍّ في أبسط المواد الغذائية”.

وأضاف النعيمي أن هذا القيادي اختفى وعائلته من منطقة سكناهم، قبل أن تتمكن القوات الأمنية من تحرير منطقتهم بأسبوعين.

وتابع: “لكني تفاجأت برؤيته يتجوّل في أحد أسواق الجانب الأيسر للموصل مؤخراً، وقد حلق لحيته وارتدى ملابس عادية”.

وتساءل: “هل يعقل أن يُترك مثل هذا الشخص يتحرك وحده؟ وأين دور الأجهزة الاستخبارية والأمنية؟”.

وبالرغم من أن اعتقال عدد كبير من عناصر التنظيم جاء بناءً على بلاغات من قبل الأهالي، واعترافات عناصر التنظيم أنفسهم، فإن بعضهم يُطلق سراحُهم بعد حين، بحسب ما أكده سكان من الموصل.

هؤلاء العناصر الذين كان بعضهم تسبّب بإلحاق الأذى بالأهالي؛ كونهم يعملون ضمن دواوين التنظيم، ادّعوا أنهم كانوا مصادر أو “مخبرين” للقوات الأمنية، وهو ما يؤكده سكان آخرون.

ما يجري في هذا الشأن بات يُشعر السكان في المدينة التي خضعت ثلاثة أعوام لسيطرة تنظيم الدولة بالقلق، وفقاً لما أوضحه بعضهم، بينهم محمد الفاضل، الذي تحدث عن شخص كان مشهوراً بكونه أحد قيادات تنظيم الدولة البارزين.

وأضاف الفاضل أن “أحد أبرز عناصر ما يسمى ديوان الحسبة التابع لتنظيم داعش في الموصل، وكنيته (أبو جعفر)، كان مشهوراً في أغلب مناطق الساحل الأيسر بالموصل. كان يعتقل ويحاسب، وألحق الأذى بالكثير من الأهالي”.

وتابع بالقول: “بعد اعتقاله من قبل القوات الأمنية شاهدناه وهو يتجول في الشوارع والأسواق، لقد حلق لحيته وغيّرَ هيئته، وهو يدّعي أنه كان مصدر استخبارات للجيش”.

الفاضل يشير إلى أن “هذا الموضوع يضعنا في حيرة ولبس؛ هل يعقل أن يكون مصدر الاستخبارات هو نفسه من كان يلحق الأذى بالأهالي؟”.

وكان تنظيم الدولة سيطر على الموصل، في يونيو 2014؛ على إثر شنه هجمات متلاحقة وانسحاب القوات الأمنية منها.

وألحقت سيطرته على الموصل الأذى بالكثير من الأهالي؛ حيث تسبّب بإعدامات وعقوبات ووفيات وأمراض وتهجير طالت السكان، وكان سكان المدينة مادة لأفلامه المرعبة التي غزت العالم.

وأعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في العاشر من يوليو الماضي، تحرير الموصل من سيطرة “داعش”، بعد تسعة أشهر من القتال والمعارك، التي خلّفت دماراً واسعاً في المدينة، وعدداً كبيراً من الضحايا.

وتوعدت الحكومة العراقية بتطبيق العدالة، وأخذ القصاص بحق كل من سبب الأذى للمواطنين، لكن الأهالي يتهمون قوات ضمن “المحررين” بالتخبّط وعدم تمييز كثير من المتهمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى