قلم الإرادة

لا نريد أن ننسى

لكي لا ننسى مع مرور الوقت وإن تلاشت الصور إلا أن اللحظات التي مرت وعايشناها في ذكرى الغزو العراقي الغاشم تمر في كل يوم 2 / 8 كأنه شريط سينمائي أما عيني وكأنه وقع بالأمس نفس التفاصيل وذات لحظات الخوف والهلع ونظرات أمي الحائرة ماذا تفعل بنا، خرج زوجها في منتصف الليل بنداء الواجب حيث أنه ضابط في الجيش الكويتي ولا تعرف عنه شيء مجرد اتصال “اخذي اليهال وروحي بيت اختج في مشرف” لأنه الأقرب لنا، شيء من الجزع والروع لا نعرف عن أبي شيء لمدة اسبوع غير اتصالات متقطعة، أبحث عن نظرات الاطمئنان في عيني أمي أو خالاتي أو أي من الأشخاص الأكبر سناً لا أرى غير الحيرة، طفلة بالتاسعة تنام وتصحو تجد نفسها في أكثر من منزل من كثرة التنقلات بين منزل الأهل خوفاً على والدي المطلوب بالجيش، ومكالمات أبي المبهمة والمراسيل التي تأتي له بطرق غريبة.. يا ترى ماذا كانوا ينقلون وما هو الكعك الذي تم إعطائه لعمي ونحن لم نتذوقه، كلها شفرات لنقل أسلحة وأموال للكويتيين، إلى أن صدر القرار النهائي بضرورة خروجنا لأن اسم والدي من المطلوبين، أبكي على النقاش الحاد بين أمي وأبي لرفضها الخروج من دون والدي وإصراره على البقاء، والحمد لله أنه رضخ، لا أتصور في يوم أستطيع أن أنسى، وبعدها يأتون ناس لا أعلم ما غايتهم يقولون الغزو الصدامي حتى لا يظلم شعب وتتم طمس هذه اللحظات في الكتب والمدارس وتأتي أجيال بعدنا تتغنى بالأغاني العراقية وتطرب عليها، ولا يبقى من آثار الغزو سوى أغنية “وطن النهار” التي تحفر بالقلب كل لحظة ألم وبكاء وجزع وهلع من أصوات الرصاص ومسلسل ساهر الليل الذي جسد هذه اللحظات الحية التي جعلت الشعب يستذكره ناهيك عن الأفلام الوثائقية هنا وهناك ومن يشاهدها يقلب القناة لأنه يريد أن ينسى … لا لن ننسى.

**
المحامية/ أسما العبد الرحمن – كاتبة في صحيفة الإرادة الإلكترونية
‏Twitter: ‪@kookitaavocate ‬

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى