ترحيب دولي بوقف إطلاق النار في سوريا رغم بعض الخروقات

يخيم نوع من الهدوء المشوب بالحذر في سوريا إثر وقف إطلاق النار على خلفية اتفاق تركي روسي، وإن كانت بعض المناطق شهدت خروقات محدودة. ولقيت الهدنة ترحيبا دوليا خاصة وأنها تمهد لمحادثات لأجل التوصل لحل سياسي في آستانا عاصمة كازاخستان.
يسود الهدوء على الجبهات الرئيسية في سوريا الجمعة بعد ساعات من دخول الهدنة حيز التنفيذ بموجب اتفاق روسي تركي، باستثناء خروقات أبرزها قرب دمشق حيث اندلعت اشتباكات تخللها قصف مروحي، وفق ما أكد “المرصد السوري لحقوق الإنسان”.
وبحسب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أصبح طرفا أساسيا في المعادلة السورية، أبدى طرفا النزاع الموقعين على وقف إطلاق النار “استعدادهم لبدء محادثات سلام”.
واعتبر وزير الخارجية السوري وليد المعلم الخميس أن “هناك فرصة حقيقية لنصل إلى تسوية سياسية للأزمة”، التي تسببت بمقتل أكثر من 310 آلاف شخص منذ اندلاعها في منتصف آذار/مارس 2011.
“فرصة تاريخية”
ورغم عدم مشاركتها في المفاوضات، وصفت واشنطن الاتفاق بـ”التطور الإيجابي”. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية مارك تونر “نرحب بكل جهد لوقف العنف وإنقاذ الأرواح وتهيئة الظروف لاستئناف مفاوضات سياسية مثمرة”.
تفاصيل حول وقف إطلاق النار المتوصل إليه في سوريا
ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاتفاق بأنه “فرصة تاريخية”. وحض الدول التي تحظى بنفوذ على الأرض في سوريا، من دون أن يذكرها بالاسم، على العمل لضمان الالتزام بوقف إطلاق النار.
وفي جنيف، أبدى مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا دعمه لمحادثات آستانا، أملا أن تساهم هذه التطورات في “استئناف المفاوضات السورية.. التي ستتم الدعوة إليها برعاية الأمم المتحدة في الثامن من شباط/فبراير 2017”.
وفي تغريدة على موقع “تويتر” الجمعة، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن “وقف إطلاق النار في سوريا إنجاز كبير”، داعيا إلى “استغلال هذه الفرصة لاقتلاع جذور الإرهاب”.
خروقات محدودة
وأفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن عن “استمرار الهدوء منذ منتصف ليل الخميس الجمعة في معظم المناطق السورية منذ سريان الهدنة منتصف ليل الخميس الجمعة”، مضيفا “لم يسجل استشهاد أي مدني منذ بدء تطبيق الاتفاق”.
وأكد عبد الرحمن تسجيل خرق رئيسي الجمعة في منطقة وادي بردى قرب دمشق، حيث “اندلعت اشتباكات رافقها قصف مروحي لقوات النظام على مواقع الفصائل المعارضة وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)”. وأضاف “لم تعرف هوية الطرف المسؤول عن اندلاع تلك الاشتباكات التي تعد خرقا لوقف إطلاق النار”.
وقال أحد السكان في منطقة قريبة من الاشتباكات لوكالة الأنباء الفرنسية، “كانت أصوات القصف قوية جدا خلال الصباح، وقد ارتج المنزل أكثر من مرة على وقعها”، مضيفا “كنت متفائلا بالهدنة لكن الوضع اليوم يشبه وضع الأمس. لم يختلف كثيرا”.
وقف إطلاق النار المتوصل إليه يدخل حيز التنفيذ منتسف ليل الخميس 30 كانون الأول/ديسمبر 2016
وتعد منطقة وادي بردى المصدر الأساسي الذي يغذي دمشق بالمياه. واتهمت السلطات الفصائل قبل أيام بتلويث المياه ثم قطعها عن دمشق إثر هجوم عسكري بدأه الجيش قبل تسعة أيام للسيطرة على المنطقة.
على جبهات أخرى أكد مراسلون لوكالة الأنباء الفرنسية في مناطق تحت سيطرة الفصائل وتحديدا في الغوطة الشرقية في ريف دمشق وإدلب (شمال غرب)، استمرار الهدوء وعدم سماع دوي أي قصف أو غارات منذ منتصف الليل.
وشهدت العاصمة هدوءا تاما الجمعة بعد سقوط قذائف عدة الخميس على بعض المناطق أوقعت عددا من الجرحى، بحسب مراسل وكالة الأنباء الفرنسية. كما سجلت خروقات محدودة ليلا في مناطق أخرى.
وفي ريف حماة الشمالي (وسط)، اندلعت بعد منتصف الليل اشتباكات عنيفة بين فصيل إسلامي، رجح المرصد أن يكون “جند الأقصى” الجهادي غير الموقع على الاتفاق، وقوات النظام قرب بلدة محردة. ويستثني اتفاق وقف إطلاق النار التنظيمات المصنفة “إرهابية”، وبشكل رئيسي تنظيم “الدولة الإسلامية”.
ويسود الحذر إزاء إمكانية صمود وقف إطلاق النار، على الرغم من أن العنصر المختلف هذه المرة يكمن في أن انخراط روسيا وإيران، أبرز داعمي النظام، في الاتفاق إلى جانب تركيا، قد يؤسس لتقدم حقيقي.
ويأتي التوصل إلى هذا الاتفاق، الذي أعلنه الخميس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووافقت عليه قوات النظام والفصائل المقاتلة المعارضة، في ضوء التقارب الأخير بين موسكو، حليفة دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة. وهو أول اتفاق برعاية تركية، بعدما كانت الولايات المتحدة شريكة روسيا في اتفاقات هدنة مماثلة تم التوصل إليها في فترات سابقة، لكنها لم تصمد.
ومن شان صمود وقف النار أن يمهد لمحادثات سلام مرتقبة الشهر المقبل، وأعلنت موسكو الخميس بدء الاستعدادات لعقدها في آستانا، عاصمة كازاخستان، في كانون الثاني/يناير على الأرجح.