اقتصاد

«النفط الكويتي» في 2016.. من أدنى مستوى تاريخي إلى «الخمسينيات»

خلال الأعوام الثلاثة الماضية لم يكن من السهل أن يتصور أحد أن أسعار النفط الكويتي يمكن أن تهبط إلى 19 دولارا للبرميل، بعد أن اعتاد الجميع على أسعار تقترب وربما تزيد قليلا على المائة دولار، وكان كبار المنتجين يدافعون عن هذا المستوى باعتباره السعر «العادل» لكل من المنتجين والمستهلكين.

لكن 19 دولارا أصبحت هي الواقع في يناير 2016 ليهبط لأدنى مستوياته في 16 عاما، بعد أن ظلت الأسعار تهوي منذ منتصف عام 2014 بسبب التخمة الكبيرة في أسواق النفط والتباطؤ في معدلات الطلب.

ووجدت الدول النفطية نفسها في حالة صعبة تزداد سوءا يوما بعد يوم، مع تسجيل عجز كبير في موازناتها العامة، وذلك للمرة الأولى منذ سنوات عديدة في بعض تلك الدول، وفي الأصل لم يكن التعاون بين المنتجين لرفع الأسعار أمرا سهلا، في ظل حرب على الحصص السوقية بين مختلف الأطراف، تزداد شراستها مع تعقيدات السياسة عربيا وعالميا.

وتعقيبا على تطور الأسعار خلال العام 2016، قال الخبير النفطي محمد الشطي إن عام 2016 يشكل علامة فارقة في تاريخ صناعة النفط، وذلك من خلال عدة مستجدات حدثت، وسيكون لها تأثير على مسار السوق خلال الأشهر القليلة القادمة، حيث تسهم في رفع الإيرادات النفطية للكويت وبقية المنتجين للنفط، ورغم ذلك تبقى الحقيقة أن جهود تنويع مصادر الدخل والاقتصاد، يجب أن تستمر، لأنها الضامن الذي يحفظ الاقتصاد الكويتي من التعرض لهزات وتقلبات أسعار النفط في السوق العالمية، كما أن ارتفاع أسعار النفط أيضا يعني تقلص في الموازنة مع زيادة الإيرادات، وأيضا يعني تسهيل المضي بالمشاريع الاقتصادية قدما حسب الخطة التنموية للدولة وحسب الخطط الاستراتيجية المتنوعة.

وأوضح الشطي أن سعر النفط الكويتي سجل أدنى مستوى له في 20 يناير عند 19.14 دولارا للبرميل مع استمرار الفائض في المعروض وضعف مؤشرات التعاون بين المنتجين، وتباطؤ في الاقتصاد الصيني تأثر معه أداء بورصات العالم به أيضا، وتوقعات عودة نفط إيران للإنتاج.

وقد سجل سعر النفط الكويتي أعلى مستوى له في 12 ديسمبر عند 51.92 دولارا للبرميل، وهو مستوى لم يبلغه سعر النفط الكويتي منذ يوليو 2015، وهو مؤشر إيجابي على تغير في أساسيات السوق باتجاه التوازن والذي جاء نتيجة جولات متواصلة ومثمرة من التعاون، وقد حافظت الكويت على مستويات إنتاجها من النفط الخام ليدور حول 3 ملايين برميل يوميا خلال عام 2016، وهو أيضا يساعد في رفع الإيرادات النفطية.

وبين الشطي أن عام 2016 شهد رفع الحظر على مبيعات النفط من إيران وتعافي الإنتاج بصورة سريعة، كما شهد عودة لمستويات الإنتاج السابقة حيث ارتفع من 2.9 مليون برميل يوميا، وعلى الرغم من ذلك حافظت الكويت على أسواقها في العالم.

وقال إن جولات التشاور بين المنتجين تواصلت بصورة غير مسبوقة، وشاركت روسيا فيها بطريقة فاعلة أيضا بصورة غير مسبوقة، ليشهد معه عام 2016 ميلاد اتفاق أوپيك في الجزائر، وتعود أوپيك لدورها الفعال في تنظيم المعروض في الأسواق، والاتفاق على سقف للإنتاج بين 32.5 ـ 33 مليون برميل يوميا، ثم جاء اتفاق الأوبك في فيينا في 30 نوفمبر 2016 لتوزيع الإنتاج، وتحديد مقدار الخفض لكل دولة بطريقة ضمنت مصداقية كبيرة وأسهمت في تعافي أسعار النفط.

أول مرةولأول مره في تاريخ الاوپيك، يكون هناك استعداد من الدول من خارج الاوپيك للمساهمة في الخفض بهدف استعادة التوازن في السوق النفطية، ويتم تشكيل لجنة لمراقبة الإنتاج تشمل دولا من داخل الاوپيك ومن الدول من خارج الأوپيك.وذكر الشطي انه لا شك يمثل عام 2016 مرحلة جديدة حيث تم فيها وضع خارطة واضحة المعالم للطريق لاستعادة توازن السوق النفطية، وكذلك تم اعتماد مسؤولية المنتجين لذلك، ونجحت أوپيك في تسلم مقود القيادة لتنظيم اساسيات السوق النفطية، ولابد من الإشادة بدور وزير الطاقة في قطر كونه رئيس مؤتمر أوپيك خلال عام 2016، ودور السعودية كونها أكبر منتج للنفط داخل أوپيك، وروسيا كونها أكبر منتج للنفط من خارج الاوپيك.

وأشار الى ان اهم ما يميز اتفاق «أوپيك» انه أوقف للسوق النفطية مجالا لزيادة الانتاج وهو أمر يشير باتجاه التوازن باستثناء النفط الصخري والذي يبقى الورقة الأصعب توقعها، وحسب توقعات ادارة معلومات الطاقة الأميركية فقد ارتفع انتاج النفط الصخري الأميركي بمقدار 100 ألف برميل يوميا مع تعافي أسعار النفط.

ووسط التوقعات لعام 2017، فإن المؤشرات تشير إلى التعافي في أسعار النفط لعدة أسباب أهمها اتفاق أوپيك، وتعافي الطلب، واستمرار اجمالي الإنتاج في عدد من البلدان من خارج الاوپيك في الانخفاض، وكذلك توقع التزام المنتجين الكبار داخل الاوپيك بخفض الإنتاج تماشيا مع اتفاق الاوپيك.

برنت إلى 62 دولاراً للبرميل نهاية 2017

ذكر الشطي ان أسعار نفط خام الإشارة برنت ستبدأ يناير 2017 عند 52 دولارا للبرميل، ثم 51 دولارا للبرميل في فبراير، ثم 54 دولارا للبرميل في مارس، ثم 55 دولارا للبرميل في ابريل، ثم 56 دولارا للبرميل في مايو، ويمكن افتراض الفروقات بين نفط خام الإشارة برنت والنفط الكويتي بمقدار 5 دولارات للبرميل.

والملاحظ هو استمرار أسعار نفط خام الإشارة فوق 50 دولارا للبرميل بالرغم من توقع عدم التزام المنتجين بالسقف الانتاجي المستهدف 32.5 مليون برميل يوميا، ويستمر الطلب في آسيا مدعوما بتعافي الطلب في الصين والهند وينمو بمعدل 3.3% ليصل الى 30 مليون برميل يوميا خلال عام 2017.

وقال ان أسعار نفط خام الإشارة برنت ستتعافى تدريجيا من 58 دولارا للبرميل خلال يوليو 2017 إلى 62 دولارا للبرميل خلال شهر ديسمبر 2017، وهذا أيضا يؤكد ان مسار السوق النفطية مستمر في التعافي والتوازن خلال عام 2017 وخصوصا خلال النصف الثاني من عام 2017.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى