قلم الإرادة

ثابر ولا تكابر..

«بــعد تقدمكم وقبولكم في وظيفة ما، أصبح لديكم أمانة في أعناقكم» هذه العبارة ذكــرهــا لنــا دكتور فــي إحدى الدورات التدريبية، عبارة بسيطة جـدا تتكرر على مسامعنا في أوقات مختلفة على مر الحياة، ولكن كم عــدد الأشخاص الذين استوعبوا تلك الكلمات، للأسف الشديد مازال مفهوم العمل لــدينا يسـاوي الراتب فـقـط لا غيــر بــجانب الراحة والتذمر والتهكم دون الاهتمام بأمور أخرى تندرج تحــت الوطنية وإخلاص النية في أداء الواجب الوظيفي، وغرس مفهوم الأمانة الوطنية والوظيفية في النفس البشرية، مما يؤثر وبشكل واضح في الإنتاجية لدى الموظف ويهدد مستوى التقدم والإنجاز في الدولة.

طرحت سؤالا في أحد المجالس النسائية عن المساهمة في الوطن وهل كانوا جزءا ً من ذلك، وكانت الإجابات كثيرة وأغلبها كان بالإيجاب، ومـن ضمن الإجابات كانت لــسيدة عملت لمدة «5 سنوات»، مــلتزمة بالــعمل وإنجاز جميع المعاملات والمهام الوظيفية على أكمل وجه، ولكن بعد أن رأت الإهمال وعــدم الاهتمام بجهودها قررت ألا تكترث للإنتاجية ومنهج العطاء بالعمل وللدولة، ردت عليها سيدة مــن الحضور وقــالت لها: «أنا صار لي 30 سنة أعمل قبل ما تكون هناك طاولات أو كمبيوترات مــثل حالنا اليوم، وكــنت أحضر قبل العمل بساعة وأنصرف بعد نهاية العمل بساعة، وهناك فترات تحتاج مني التحرك والخروج لمتابعة سير العمل ومازلت مُلتزمة بذلك حتى اليوم، ولليوم لم أحصل على مكافأة أو حتى تقدير من أحد، ثم قالت: «لـــكنني عنــدما أخرج كل مرة من المنزل وأشاهد ما وصلت إليه الدولة الــيوم أشعر أننــي ساهمت ولو بجزء بسيط مــن هــذا التطور والبناء وقدمت شيئا لوطني».
قال لي أحدهم عبارة جميلة جــدا وهي: «القلم الذي تستخدمينه فــي عــملك هـــو أمانة لديك، ولا يــحق لك استخدامه في غير مجال العمل أو حتى أخذه معك للبيت، يجب أن تعوضي العمل بقلم ثان، لأن هذه عهدة وأمانة لديك، حتى الست أو الثماني ساعات التي نقضيها في العمل هي وقت للدولة، والعمل أمانــة لديك يـــجب أن تستغليه خــير استغلال»، ولكــن يجب أن لا نُقلل من الأمـانة المحمولة على أعناقنا، وإن لـــم تكن فرداً فعالاً فــي المجتمع من أجل الوطن فاترك المجال لغيرك لأنهم يشعرون بقيمة الوطن وهم مستعدون لتقديم ما يملكون مـن أجله.
أخيرا يجب أن تكون لدينا رؤية واضحة في نواحي حياتنا، وأن الوطن له حق يجب أن نـؤديه علـــى أكمل وجه دون نقصن سواء كان في مجال العمل أو غير مجال العمل، وأن نداء الوطن يجب أن يُلبى في كل الأوقات مهما كانت حالتنا، فالأرض التي نحن عليها لها فضل كبير علينا، وهي لن تأتي لتطلب مـنا رد الجميل أو المساهمة في بنائها، بل ستستقبل كل شخص يود أن يــخدمها ويسـاهم من أجلها ويكون جزءا فعالا فيها، وعلينا أن نبذل الرخيص والــغالي لنصل لتلك الـــمرحلة التي يُمكننا من خلالها أن نقول إننا جزء من الوطن وساهمنا في بنـائه.
إضاءة: قال أفلاطون «من يكون مكرماً في بلد ما سيكون إنتاجه لهذا البلد»، رد الجميل يختلف عن نداء الوطن، فلبوا نداء وطنكم ليزهو ويعلو بسواعدكم».

 

مضاوي عبد العزيز العثمان – كاتبة في صحيفة الإرادة الإلكترونية

 

Twitter: @mudahwi

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى