«الوطني»: اتفاق «أوپيك» يمحو تخمة المعروض عالمياً

قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن أجواء من الارتياح سادت مع توصل الدول الأعضاء بمنظمة الدول المصدرة للنفط- أوپيك في 30 نوفمبر إلى اتفاق لخفض الإنتاج للمرة الأولى منذ 8 سنوات، الأمر الذي دفع بأسعار النفط إلى الارتفاع بنسبة 9% خلال نفس اليوم، وحمل ردا صاعقا على آراء المشككين بأن أيام المنظمة أصبحت معدودة.
هذا وقد سجل كل من مزيج برنت، الذي يعد المعيار العالمي لتسعير النفط، ومزيج غرب تكساس المتوسط، الذي يعد معيار تسعير النفط الأميركي، أعلى نسبة ارتفاع يومي على مدى 9 أشهر، وذلك على خلفية أنباء الاتفاق، وقد اغلقا تداولات ذلك اليوم عند سعر 50.5 دولارا للبرميل و49.4 دولارا للبرميل على التوالي. وقد تمكن مزيج برنت من الوصول إلى سعر 54.5 بعد جلستي تداول، فيما يعد أعلى مستوى له منذ أكثر من 14 شهرا، مرتفعا بنسبة 17% منذ إعلان خفض الإنتاج.
هذا ولم يقتصر النمو على أسعار النفط وحدها، بل امتد ليشمل مؤشرات الطاقة مثل مؤشر ستاندرد أند بورز 500 لاستكشاف وإنتاج النفط والغاز، الذي تهيمن مؤسسات النفط الصخري الأميركي على الشركات المدرجة فيه، حيث ارتفع بنسبة 10.8%، فيما يعد أفضل أداء يومي للمؤشر منذ 8 سنوات. كذلك ارتفع مؤشر مورجان ستانلي آسيا باسيفيك للطاقة بنسبة بلغت 4.5%، وهو أعلى معدل للمؤشر على مدى الخمس سنوات الماضية.
وقال التقرير ان هذا الإعلان جاء بعد أسابيع من تذبذب الأسعار، مع تعلق الأسواق بكل كلمة تخرج من جانب معسكر الأوبك، واضطرارها في أغلب الأحيان لاستخلاص إشارات متضاربة للوزراء وكبار مسئولي الأوبك حول احتمالية خفض الإنتاج.
كما تعكس هذه الخطوة نقيض للاستراتيجية التي تبنتها المملكة العربية السعودية والمتمثلة في السماح لديناميكية السوق من عرض وطلب في تحديد الأسعار. وفي نهاية الأمر، وعلى الرغم من ذلك، فإن الأوبك، والتي قامت بإثارة السوق (ورفع الأسعار) في اجتماع الجزائر بدافع الاحتمالية النادرة للتوصل لتنسيق خفض الإنتاج بين أعضائها، قد اكتشفت محدودية خياراتها وان عواقب التقاعس عن العمل أقوى من ذي قبل: بمعنى أن الفشل في التوصل إلى اتفاق وسط أسوأ حالات الإغراق النفطي التي تشهدها الأسواق منذ سنوات، من الممكن ان تدفع بأسعار النفط للتراجع إلى مستويات 40 دولارا للبرميل، أو أدني من ذلك. كما قد تكون بذلك قد دقت المسمار الأخير في نعش المنظمة، والتي بلغت مصداقيتها مؤخرا أدنى المستويات.
وقال التقرير انه وفقا لبنود الاتفاقية المبرمة في 30 نوفمبر، فان المنظمة المؤلفة من 13 عضو ستقوم بتخفيض إجمالي إنتاجها بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا، ليصل إلى 32.5 مليون برميل يوميا لمدة 6 أشهر، بدء من يناير 2017.
وسيلتزم كل الأعضاء بخفض إنتاجهم بنسبة 4.5% استندا إلى معدلات الإنتاج المرجعية لشهر أكتوبر، وذلك باستثناء إيران، ونيجيريا، وليبيا، واندونيسيا، والتي تم تعليق عضوية الأخيرة نتيجة لذلك بعد 12 شهرا فقط من عودتها للانضمام للمنظمة. إلى ذلك، سيتم تطبيق الحصص الفردية للدول وتشكيل لجنة جديدة ترأسها الكويت لمراقبة الالتزام، بما سيعزز من مصداقية الاتفاقية.
وبين التقرير انه بينما تتجه التوقعات غالبا نحو السعودية ودول الخليج المجاورة لتحمل الحصة الأكبر من تقليص الإنتاج، إلا ان المفاجأة كانت من جانب إيران والتي وافقت على الحد من إنتاجها بواقع 0.2 مليون برميل يوميا أقل من سقف الحد المستهدف بمعدل 4 ملايين برميل يوميا، والتي كانت بمنزلة عقبة مصيرية في عرقلة المحاولات السابقة بين كل من السعودية وروسيا لتنسيق خفض الإنتاج في شهر ابريل الماضي في الدوحة.
عوضا عن ذلك، سوف يسمح لإيران بان تزيد الإمدادات بواقع 90 ألف برميل إضافية يوميا حتى تبلغ المستوى الجديد. كما تبرز أهمية شمول الاتفاقية هذه المرة دولا من غير الأعضاء في منظمة الأوپيك مثل روسيا، وعمان، وأذربيجان وغيرها، حيث أجمعت تلك الدول نهاية الأسبوع الفائت على خفض مشترك للإنتاج فيما بينها بواقع 600 ألف برميل يوميا.
وقال التقرير ان الاتفاقية تمثل في ظاهرها انقلابا على الفريق الواقع تحت القيادة السعودية، على الأقل من ناحية التمكن في استمالة إيران وروسيا بعد أشهر طويلة من المشادات الديبلوماسية. ولا ينبغي الاستهانة بخطورة التحديات المقبلة، حيث انه قلما التزمت الدول الأعضاء نفسها بحصصها الإنتاجية، كما ان روسيا كعادتها، معروفة بكونها شريكا لا يعتمد عليه من واقع التجارب السابقة.
علاوة على ذلك فإن نيجيريا وليبيا قد تم اعفاؤهما من الاتفاقية نظرا لحالة الضعف الشديد التي تعاني منها صناعة النفط بكلتا الدولتين، وذلك بسبب التخريب والصراع المدني. كل تلك العوامل من شأنها رفع الإمدادات النفطية بصورة كبيرة بما يعادل حصة ضخمة من كمية التقليص المستهدفة.
وأشار التقرير إلى انه في حال تم تطبيق الاتفاق كما خطط له، فإن آثاره المحتملة على التوازن بين العرض والطلب العالمي وعلى مخزون النفط، الذي يبلغ حاليا أعلى مستوياته منذ 5 سنوات، قد تكون عميقة. أن حجم خفض الإنتاج، الذي يبلغ نظريا 1.8 مليون برميل يوميا، بافتراض الالتزام الكامل من قبل الدول الأعضاء وغير الأعضاء في أوپيك، من شأنه محو تخمة المعروض النفطي على مستوى العالم، والتي تبلغ حاليا حوالي 0.7 مليون برميل يوميا في الربع الرابع من العام 2016 وفقا لتقديراتنا.
اتفاق «أوپيك» مجرد بداية.. والنفط الصخري المستفيد الأول
قال تقرير «الوطني» إن النفط الصخري الأميركي يعد المستفيد الأول من الاتفاقية لان ارتفاع الأسعار سيخلق دافعا لشركات الطاقة الأميركية والتي تعاني تدفقات نقدية سلبية إضافة إلى هشاشة الميزانيات.
وسيكون ذلك بمنزلة دافع لهم لإحياء منصات الحفر التي كانت عاطلة عن العمل خلال فترة تراجع الأسعار، وذلك بهدف العمل على رفع الإنتاج مجددا.
في الواقع، هناك شواهد للتعافي ظهرت بالفعل، حيث ارتفع عدد منصات الحفر إلى 477 منصة حفر في 2 ديسمبر، بارتفاع بلغت نسبته 51% مقابل 316 منصة حفر في مايو، وارتفاع الإنتاج النفطي إلى معدل 8.69 ملايين برميل يوميا، مرتفعة بنسبة 3% من أدنى المستويات التي بلغها هذا العام. ذلك هو واقع الأمر للنظام النفطي الجديد وعلى منظمة الأوپيك ان توفق وضعها واستراتيجيتها وفقا لذلك للحفاظ على فعاليتها. فاتفاقية 30 نوفمبر هي مجرد بداية، إلا أنها قد تكون بداية جيدة.