الولايات المتحدة تغامر بعقود اقتصادية.. وسعوديون يقاطعون المنتجات الأميركية بعد «جاستا»

تغامر الولايات المتحدة الأميركية بعقود من التحالف مع السعودية بعدما تجاوز الكونغرس حاجزاً سياسياً كبيراً، حين عطل وللمرة الأولى حق الـ«فيتو»، وأصر على تمرير قانون يسمح لأقارب ضحايا 11 أيلول (سبتمبر) بمقاضاة السعودية.
وتتوافر لدى السعودية «ترسانة» من الخيارات المالية والأمنية والديبلوماسية لمواجهة قانون «جاستا»، وفق ما يرى خبراء ومسؤولون أميركيون سابقون، مشيرين إلى أن عدداً من هذه الأدوات للرد على القانون هو تقليص التمثيل الديبلوماسي، وسحب بلايين الدولارات من الاقتصاد والخزانة الأميركية، وإقناع حلفاء السعودية في منطقة الخليج بتقليص تعاونهم في مجالات عدة، مثل مكافحة الإرهاب والاستثمار، وتحجيم قدرة واشنطن على الوصول إلى قواعدها الجوية الحيوية في المنطقة.
وأوضح مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق للأمن الدولي تشاس فريمان انه بإمكان الرياض الرد بأساليب تعرّض المصالح الأميركية الاستراتيجية إلى الخطر، مضيفاً ان ضعف العلاقات وتقليص قنوات التواصل الديبلوماسي من شأنهما تعريض تعاون السعودية وجهود الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب، للخطر.
وحذر جوزيف جاغنون من معهد «بيترسون» للاقتصاد الدولي من تداعيات سحب الأرصدة السعودية من الولايات المتحدة، موضحاً ان التقديرات الأولية تشير إلى أن حجم الأصول السعودية الرسمية تراوح بين 500 بليون إلى تريليون دولار أميركي، علماً أن المملكة كانت لديها سندات مالية في الخزانة الأميركية حتى آب (أغسطس) الماضي، بما قيمته 96.5 بليون دولار.
وذكرت إحصاءات لـ«إي إتش إس» كشفت عنها في العام الماضي ان السعودية تصدرت قائمة أكثر الدول استيراداً للسلاح بحوالى 9.3 بليون دولار أي بزيادة ما نسبته 50 في المئة مقارنة بالعام 2014، وبإمكان المملكة كذلك إنهاء صفقات الأسحلة الأميركية والاتجاة إلى دول أخرى مثل فرنسا. أما في ما يخص استيراد السيارات، فبلغت واردات السعودية من السيارات التي تستوردها في العام 2014، 127 ألف سيارة أي بنسبة 18 في المئة.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات الدكتور عبد الخالق عبد الله في تغريدة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أنه «يجب أن يكون الأمر واضحاً للولايات المتحدة وسائر العالم، عندما يتم استهداف إحدى دول مجلس التعاون الخليجي بشكل غير عادل، تلتف البلدان الأعضاء حولها دعماً لها»، مؤكداً ان كل الدول العربية والإسلامية وغيرها ستقف إلى جانب المملكة السعودية بكل وسيلة ممكنة.
ورداً على «جاستا»، بدأ الشعب السعودي حملة شعبية على مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية لمقاطعة المنتجات الأميركية في البلاد، لاقت تفاعلاً لافتاً من المدونين السعوديين.
واستخدم السعوديون أكثر من وسم على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» لمقاطعة المنتجات الأميركية كافة في السعودية بهدف الضغط على حكومة الولايات المتحدة وتكبيدها خسائر كبيرة في السوق السعودي الغارق بمنتجات أميركية المنشأ.
وشارك في هذه الحملة نخب ثقافية ودينية وكتاب وإعلاميون، أكدوا ان مقاطعة المنتجات من أكثر الأساليب نجاحاً في إرغام الدول التي تمتلك نقابات وصحافة حرة على تغيير سياستها أو التراجع عن بعض القوانين.
ورأى كثيرون من الداعين إلى المقاطعة ان السعوديين لن يواجهوا صعوبة الالتزام في الحملة في ظل توافر البديل لكل منتج أميركي في السوق السعودية التي تستورد شركاتها التجارية مختلف البضائع المتشابهة من دول عدة. ونشر مغردون سعوديون صوراً لكثير من المنتجات الأميركية التي يستهلكها المواطن السعودي والبضائع التي يجب عليهم مقاطعتها، وسأل آخرون عن البضائع البديلة التي يستطيعون استخدامها.
يُذكر أنه بعد يومين من تفعيل قانون «جاستا»، رفعت زوجة أحد ضحايا هجمات 11 أيلول (سبتمبر) السبت الماضي، دعوى قضائية ضد السعودية لزعمها أن المملكة وفرت دعماً مادياً لتنظيم «القاعدة» وزعيمه أسامة بن لادن وفق وكالة «بلومبرغ» الأميركية، مطالبةً بتعويضات مالية عن وفاة زوجها الضابط البحري باتريك دون الذي لقي حتفه أثناء الهجمات على مقر «البنتاغون».