إقليمي وعالمي

مصر ..هدوء حذر وقلق عميق

سادت حالة من الهدوء الحذر المشوب بالقلق العميق بين سكان المنطق التي شهدت فض الاعتصامات في القاهرة الأربعاء والتي حاول أنصار الإخوان المسلمين نقل تجمعاتهم إليها بعد اشتباكات عنيفة بينهم وبين الشرطة والأهالي.

وقف جامع القمامة الشاب، يعبئ جوال ضخم بالقمامة التي خلفها المعتصمون عند ميدان النهضة بمحافظة الجيزة، جنوبي القاهرة، ويفرز منها ما يمكن إعادة استعماله من بين الأكوام التي تركها المعتصمون عند فرارهم أمام هجوم الشرطة.

وقف رجل يحمل قطعة من النسيج ومنظف سائل أمام تمثال “نهضة مصر” للمثال محمود مختار والذي يرمز إلى صحوة مصر الحديثة من سباتها إبان الحكم العثماني.

“أحاول محو العبارات المسيئة والسباب الذي كتبه المعتصمون بألوان الرش وشوهوا به قاعدة التمثال”، حسب الرجل.

وكان أنصار الإخوان قد كتبوا عبارات تتههم وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي بالخيانة لقيامه بعزل الرئيس محمد مرسي يوم 3 يوليو بعد أن رفض التخلي عن منصبه إثر تظاهرات ضخمة نزل خلالها أكثر من 30 مليون مواطن إلى الشوارع، حسب الأرقام الرسمية، مطالبين برحيله.

“أكثر من كونه تمثال أثري يعود إلى بداية القرن العشرين، فإن هذا العمل هو رمز لمصر ولقد شعرت بحزن شديد ومهانة لتدنيس هذا الرمز”، حسب الرجل.

وكلف وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي بإعادة ترميم ميدان رابعة العدوية والمناطق المحيطة به حيث كان المعتصمون قد خلعوا الأرصفة.

في محيط جامع مصطفى محمود بحي المهندسين تناثر الزجاج المحطم فوق الأسفلت بينما خلت الشوارع تماما من المارة. وكان أنصار الإخوان قد حاولوا الاعتصام في هذه المنطقة بعد إجلائهم من ميدان النهضة.

وقاموا باقتلاع حجارة الأرصفة لرشق الشرطة بها ووضعوا يدهم على الحواجز المعدنية التي تستخدمها الشرطة لإقامة مداخل لمكان الاعتصام إلا أن الشرطة والأهالي قاموا بطردهم من المكان.

“كانوا يريدون البقاء في كراج سيارات بنايتنا للاحتماء من الشمس وأن يحولوه إلى مكان للاعتصام حيث تصله الميا والكهرباء”، كما تقول نادية سليم القاطنة بإحدى بنايات الميدان.

“لكن عندما رأينا ذلك، نزلنا نحن سكان البناية والمساكن المجاورة، سيدات ورجال،  مسلحين بالعصي والمكانس وطردناهم من المنطقة”.

ويؤكد زوجها عثمان سري أنه صمم “على التصدي لهم حتى لا يقيموا مركزا أخر للاعتصام يستمر إلى ما لا نهاية ويثير القلق مثلما فعلوا في منطقة رابعة العدوية حيث استمر اعتصامهم 48 يوما حتى ضج بهم سكان الحي الذي كانوا يخضعونهم للتفتيش عند الدخول في كل مرة”.

وفي شارع البطل أحمد عبد العزيز القريب من جامع مصطفى محمود، تناثر أيضا زجاج السيارات الذي تحطم خلال الاشتباكات وظهرت بعض المتاجر وقد تم خلع الستائر الحديدية الواقية.

وقالت نيلة فكري “هناك نوع من الهدوء الحذر بعد اشتباكات الأمس وتطوع الأهالي لتنظيف الشوارع والمنطقة وإزالة أثار الاشتباكات وإصلاح ما تم تحطيمه. وهناك نوع من المساندة والألفة بين الجميع ممن جمعتهم الرغبة في الأمس على منع الإخوان من احتلال المكان”.

أما في منطقة رابعة العدوية، عادت حركة السير بشكل طفيف وسارت السيارات في الاتجاهين ولكن بنسبة ضئيلة جدا بالمقارنة بالازدحام الذي تتميز به المنطقة.

وقال وليد عبد الحميد “بالأمس وحتى قبل دخول حظر التجوال حيز التنفيذ، فإن الشارع خلا تماما من المارة حتى بدا كالصحراء الجرداء”.

“وفي المساء عادت اللجان الشعبية، التي ظهرت أيام ثورة 25 يناير 2008، ونزلنا كلنا لنؤمن مداخل ومخارج المنطقة حتى نمنع عودة المعتصمين”.

وقال عبد الحميد إن المروحيات الحربية لا زالت تطوف فوق الميدان وترابط قوات الأمن في المنطقة.

وحضر موظفو البلدية لإزالة القمامة والمخلفات من أخشاب وصور كانت تستخدم في إقامة الخيام للمعتصمين.

“بالطبع نشعر بالارتياح لفض الاعتصام لأننا كنا نضطر إلى إشهار بطاقات هوياتنا وإثبات أننا من سكان الحي كلما أردنا العودة إلى منازلنا وكان المعتصمون يفتشون كل الأغراض التي نشتريها ونجلبها إلى البيت”، حسب ملك عبد العزيز إحدى سكان البنايات المطلة على ميدان رابعة العدوية.

وتضيف السيدة “لكن هناك قلق بالغ يسيطر علينا، ولقد رأينا كيف كانت ردة فعل الإخوان العنيفة لفض اعتصاماتهم بالقوة ونخشى أن يعم العنف والفوضى في كل أنحاء البلاد ويصعب السيطرة عليها”.

وقد أدى فض الاعتصامات من قبل قوات الأمن والاشتباكات التي تلت ذلك في عدة مناطق من القاهرة ومحافظات أخرى بين الإخوان والأهالي وبين الإخوان والأمن إلى مقتل 521 شخصا يوم الأربعاء.

كما قام أنصار الرئيس المعزول بالهجوم على مقرات للشرطة وقتل رجال شرطة كما قاموا بإحراق عدد كبير من الكنائس وتدمير متاجر مملوكة لمواطنين أقباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى