إن غداً لناظره.. غريب!
لا تأمن هذه الحياة فكل ما فيها قابل للزوال، أنت وأنا وكلنا حتى، ولكن ذلك لا يعني ألا تكون مؤتمناً أنت، كن أنت المؤتمن ولا تأمن أحد؛ فالقلوب الطاهرة لا يعنيها رجس القلوب الطاهرة في الظاهر، والتي تمارس العهر من الداخل؛ قد نكون كلنا عهرة وقد نكون كلنا بررة؛ كل شيء نسبي!
قد لا تفهم هذه الرسالة وقد تفهم هذه الرسالة؛ كل شيء نسبي، قد تكمل هذه الرسالة إلى الآخر وقد تراها هلوسة وحماقة لا داعي لإكمالها؛ كل شيء نسبي، قد تموت اليوم أو غداً؛ كل شيء نسبي، حتى القريب قد يصير غريباً؛ لا فرق بينهما سوى حرف! لا أعتقد؛ بعض الحروف إذا انحرفت تغير كل شيء، وبعض الصدف إذا عُرِفَت تغير كل شيء… كل شيء صدفة؟ لا أعلم! ولكن ما أعلمه كل شيء واقع إذا حدث، ما أعلمه أن الجبناء وحدهم يستنكفون الغربة، وأن العظماء وحدهم يبقون في غربتهم حتى الموت، أو كما يقول باولو كويلو: “الرابح يبقى وحيداً”، وكل رابح يبقى وحيداً.
هذا هو الملك؛ لا يثق بأحد، كل أحد بنظره يطمح بملكه أو بالتقرب إليه ليس حباً إليه، ولكنه الرابح الوحيد، هذا هو الوزير، لا يطمئن لتوجيهات الملك ولا توجيهات الشعب، ولكنه الرابح الوحيد، هذه هي الحياة، إما أن تكون رابحاً وحيداً في غربتك، أو خاسراً مع الجماعة في صلتك!
أنت عندما تنظر إلى المستقبل لا تجد إلا الغربة، أيها الحاضر الذي يسير بنا؛ ما هو المصير؟ وإلى أين نسير؟ إلى الغربة التي تؤلمنا أم إلى القرابة التي تقتلنا؟ كلنا ضحايا ولكن لمن؟ دائماً ما نضع اللوم على القدر؟ أو الغدر؟ لا فرق بينهما سوى حرف! لا بل كل معاني الحروف تغيرت بحرف! الشجعان لا يستسلمون في أول المعركة؛ الشجعان يخسرون الكثير من المعارك في الحرب الواحدة، ولكنهم لا يخسرون الحرب بأكملها إلا عند الموت! وما أجمل الموت الذي يكون لأجل الشجاعة، وما أجمل الشجاعة عند الموت!
**
نبرات:
ـ إلى تلك العصفورة التي ما زالت تغرد في ذاكرتي في سنتها الرابعة؛ لن أتخلى، إلى ذلك الضجر الذي رافقني منذ السابعة؛ لن أتخلى، إلى كل الجنون العاقل، والعقل المجنون؛ لن أتخلى، إلى الله وحده؛ أنا أشجع عبيدك!
ـ أيامنا التي تموت قد تحيينا، وقد تبني قبورنا لنأتي في النهاية بكل يسر فنموت!
ـ الانحناء لا يكون إلا للوفاء؛ لا أعرف انحناءً غير ذلك!
ـ لا وداع في حياة المخلصين؛ وداعهم الوحيد هو تذكرة الموت التي أودتهم إلى رحلتهم الأخيرة؛ هي الرحلة الوحيدة بلا رجعة، وثمنها عند من غبنا عنهم دمعة!
محمد العراده ـ رئيس تحرير صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @malaradah