قلم الإرادة

أميركا وراء إسرائيل، فمن وراء أميركا؟!

   عندما تتحدث عن الولايات المتحدة الأميركية سرعان ما توجه لها تهمة دعم الكيان الصهيوني وبكل سهولة؛ بل لا يهتم البعض إلى الأدلة فهذه نقطة راسخة لدى بعض الراديكاليين وغير قابلة للنقاش أيضاً، فهم يصورون الولايات المتحدة بأنها أم إسرائيل وبأن الوجود الأميركي قائم على الوجود الإسرائيلي متناسين أن بعض أنظمتهم داعمة رئيسية للكيان الصهيوني وبعضها الآخر حليف استراتيجي للولايات المتحدة الأميركية، ولكنهم لا ينظرون إلا بعينٍ واحدة، وهي عين الأديان ..!

 

لو رجعنا إلى الوراء وتابعنا الأحداث في الحرب الأفغانية ـ السوفيتية لرأينا العجب، فقد كان كل أولئك الذين يحاربون الولايات المتحدة اليوم هم أعظم الحلفاء لها إبان تلك الحرب في الثمانينات من القرن الماضي؛ بل أن الولايات المتحدة الأميركية كانت الداعم الأكبر لهؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم “مجاهدون” فقد كانت تدعمهم بالأسلحة والأموال وكل ما أوتيت من قوة.. ربما لأن هدف الولايات المتحدة هو إسقاط الاتحاد السوفيتي وهدفهم هو تحرير بلاد الأفغان ولكن الحلف آنذاك خير دليل على أنهم قوى سياسية تتمسك بالإسلام للوصول إلى المبتغى حالها حال أي قوى سياسية أخرى، ويتضح لنا هنا أن العداء الحالي ليس إلا تضارب مصالح لا أكثر.

 

لنترك هذه الجماعة “التكفيرية” ولنتجه إلى عصرنا الحالي إلى جماعة “الإخوان”، لقد كانت هذه الجماعة على مر القرن الماضي تهدد باسم الدين وتدعو لتحرير فلسطين وتتحدث عن تبعية الحكام للأنظمة الغربية أو الشرقية، محذرة من ذلك وأن في ذلك الخطر العظيم على الأمة، وإذ بها تصل مع بداية العقد الثاني من القرن الحالي ونجدها لا شيء أمام كل ما قالت، وأنها كانت تقول للوصول للهدف وحين الوصول للهدف تبخر كل شيء ..!

 

ما يغضبني هو التناقضات التي تعيش عليها هذه الجماعات سواءً أكانت “أصولية” أم “وصولية” فهي تحيا لحشد الآخرين للوصول لمآربها وحين الوصول يختفي كل شيء، وما يغضب أكثر هو استغلال هذا الدين العظيم للوصول لأهداف شخصية لا علاقة لها بمصلحة العامة.

 

هم دائماً يرددون: “أميركا وراء إسرائيل” وأستذكر هنا كلمة تتشابه في المعنى لـ “تيتو” إذ يقول: “يجب علينا أن نلقي أميركا في البحر إذا أردنا أن نلقي إسرائيل” .. هنا أطرح تساؤلاً آخراً: “إذا كانت أميركا وراء إسرائيل، فمن وراء أميركا؟!”، لربما تقف كل الأنظمة الرأسمالية اليوم خلف الولايات المتحدة الأميركية ولكن ذلك في العلن، ولا ضير من ذلك إذا كانت الولايات المتحدة هي نبراس هذه الأنظمة، فالعقل يقول لا بد للمتشابه في الآيدلوجيا أن يدعم نفسه، السؤال: “لماذا لا تعلن هذه الجماعات التي أوصلت الولايات المتحدة الأميركية لما عليه اليوم أنها هي السبب الرئيسي لوصول أميركا في السابق والآن؟ وأنه لولاها لما تأثر الاتحاد السوفيتي في حقبته الأخيرة؟ وأنه لولاها لما استقرت إسرائيل حتى اللحظة؟ وأنه لولاها لما دعمت الولايات المتحدة الأميركية الثورة السورية؟ وأنه لولاها الكثير الكثير.

 

يجب علينا أن نتحدث بصدق وبعمق بلا خجل أو خوف.. كلنا نسير خلف راية الولايات المتحدة الأميركية سواءً أكنا جماعات إسلامية أو ليبرالية عدا الاشتراكيون طبعاً، وكلنا وراء أميركا إذا كانت أميركا وراء إسرائيل ..!

 

**

 

نبرة:

 

ـ إذا أردت معرفة حاضرك لا بد أن تراجع ماضيك، وإذا أردت معرفة مستقبلك فلا بد أن تعتمد على الماضي والحاضر ..!

 

محمد العراده

 

Twitter: @malaradah

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى