نعم للواسطة!
الواسطة هي أن أجعل وسيط بيني وبين أمر ما لأحصل عليه أو أصل لمكانة معينة قد لا تتحقق لي دون استخدام الواسطة، ومن هذا المفهوم يُنظر للواسطة على أنها مجرد أخذ حقوق الآخرين وبمفهوم آخر »الغاية تبرر الوسيلة« لا يهم الطريق الذي أسلكه المهم ما أريد الوصول إليه!
لكن لي وجهة نظر مغايرة لما سبق ذكره.. ورأيي مبني على واقع نتعايشه مع مثال حي يدعّم ما أود إيصاله، وهي أن “الواسطة” مثلما لها وجه قبيح لها أيضاً وجه حسن بمعنى سلاح ذو حدين. ففي مجتمعاتنا العربية أو بالأحرى الخليجية هناك اعتبارات كثيرة تدخل في جوانب الحياة وتكون معيار للتمييز بين الأشخاص، منها المحسوبية والوجاهة والحسب والنسب وما إلى ذلك.
لهذا نظرتي للواسطة وتقييمي تكون من منطلق البيئة من حولي هل هي صحية أم تشوبها شوائب؟ فإذا كان المجتمع وثقافته داعمة للإنسان المجتهد الذي يعمل هنا لا مكان للواسطة طالما الأعراف السائدة تنصب في مصلحة الفرد أما إذا كان المجتمع يحارب بشكل أو بآخر الإنسان المجتهد ويفضل عليه »الأسم« على »الكفاءة« هنا للضرورة أحكام وبحاجة للواسطة حتى أحصل على حقي الذي سُلب مني لأسباب خارجة عن إرادتي!
الشخص المناسب في المكان المناسب.. نرددها كثيراً ولكن لو نظرنا حولنا هل كل من درس علم النفس تخرج ووجد الوظيفة المناسبة؟ هل مخرجات التعليم من أجل احتياجات سوق العمل؟ ام مجرد شهادة ومن بعدها قدم “الواسطة” المناسبة هذا إن وجدت أساساً!
أهمية الواسطة تكمن في حاجتي إليها، فإذا كان المجتمع قاسي لا يرحم إلا أصحاب الواسطات.. ما ذنبي أنا؟
لا أٌقول ذلك حتى يكون مبرر لأستخدام الواسطة بحد ذاتها، ما أقصده هو أن الواسطة نلجأ إليها في الظروف والعوائق التي تواجهنا.
مثال على ذلك.. إذا الحكومة ميزت بين أبناء الوطن الواحد وأصبح معيار التعيين في الوظائف القيادية هو “أسماء العوائل” بل وحفظت لأبناء وأحفاد تلك العائلات نصيبهم من الوظائف القيادية دون النظر لبقية الشرائح، وجعلت بينها وبين الشعب حلقة وصل لنقل على سبيل المثال “نائب مجلس الأمة” متى ما أراد شخص الوصول لمكانه هو يستحقها فأن واجب عليه اللجوء للنائب والذي بدوره »يتوسط«للحكومة حتى يحصل على حقه! أي أننا ندور في حلقة مفرغة!
قلت في العنوان نعم للواسطة.. وليت باستطاعتي قول غير ذلك ورفض الواسطة بجميع أشكالها لكن طالما أن الأمور أُسندت لغير أهلها وطالما أن الكفاءات تُحارب أكررها نعم للواسطة إلى أن نجد تشريعات وقوانين تفرض العدالة في المجتمع وتعطي كل ذي حق حقه!
طلال محمد الجنفاوي ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية