قلم الإرادة

رحلتي إلى الكويت “الكويت غير”

   زيارة الكويت أو العيش فيها كان حلم يراودني منذ طفولتي بسبب ما كنت اسمعه من بعض أقاربي الذين عاشوا في الكويت لسنوات طويلة وغادروها في عام 1990م إبان الحرب المشؤومة، كانوا يقصّون لنا القصص الجميلة عن هذا البلد الطيب وأهله الطيبين وخاصة عندما اُحتل حيث كان موضوع الاحتلال حديث الناس في الوطن العربي وخصوصاً الذين عادوا من الكويت إلى بلدانهم بسبب الاحتلال.

 

   في يوم الخميس الموافق 28 أغسطس 2014م سمحت لي الظروف وقررت زيارة الكويت، وهي الزيارة الأولى بالنسبة لي إلى دولة الكويت، وكنت بمفردي لم يرافقني أحد ولم أتواصل مع أحد لاستقبالي هناك ولكن للأمانة لم أشعر بالوحدة بل أحسست أن الشعب الكويتي كان كله في استقبالي أن جاز التعبير وذلك من خلال تعاملهم وتواضعهم، فعندما كنت أخرج في الصباح للبحث عن أي منطقة أريد التوجه لزيارتها كنت أقف عند إشارة ضوئية أو في أي مكان تكون فيه حركة السيارات متوقفة، وعندما أقوم بفتح نافذة سيارتي يبادر من بجانبي بفتح نافذة سيارته ويبدأ هو بالسلام والترحاب، وأقول له أريد المكان الفلاني فعندما يدلني ويشعر أنني لا أعرف أسماء الأماكن التي يتحدث عنها يقول: ألحق بي.. حتى يوصلني إلى المكان الذي أريده وينزل من سيارته ويسألني: هل لك خدمات أخرى، وكذلك عندما أذهب إلى المجمعات التجارية أو الأسواق الشعبية أو الأماكن التراثية والسياحية وأسأل عن أي شيء أريده أشعر وكأن الشخص الذي أسأله هو مالك المكان (صاحب الحلال) من حفاوة الترحيب وأسلوب التخاطب وإذا به يطلع أحد الزبائن أو الزوار.

 

   كذلك المقيمين من أصحاب سيارات الأجرة والبقالات والمطاعم والفنادق وغيرها من الأماكن التي يعمل فيها الوافدون وجدتهم يتخاطبون بأسلوب راقي وخدومين متأثرين بأهل الكويت الأصليين.

 

   بصراحة عند دخولي أول متر في أراضي الكويت الحبيبة شعرت بتغيير كامل في نفسيتي بسبب طبيعة اﻷرض وطبيعة أهلها، شعرت بنوع من المعاملة الخاصة من الجميع، من موظفي الجمارك والجوازات والمرور في المنافذ البرية إلى عامة الناس في جميع مناطق ومدن الكويت التي زرتها.

 

   لم تكن الفترة التي قضيتها في الكويت طويلة ولكنها كانت جميلة بكل ثوانيها ودقائقها وحلوة بكل تفاصيلها ودائمة بذكراها فعندما غادرت دولة الكويت لم استطع أن أحبس دموعي فكنت لا أريد المغادرة، ولكن ظروف الحياة لا تعطيني كلما أريد، بالرغم من أملي بالعودة في أي وقت شئت إلا إن الفراق كان صعب.

 

   عندما كنت في الكويت اتصلت بأحد أقاربي في جنوب اليمن الذين غادروا الكويت في عام  1990م، أريد أن أقول له أنا في الكويت لمعرفتي بحبه الشديد لهذا البلد، فعندما اتصلت به وأخبرته أنني في الكويت لم يستطع مواصلة الحديث معي من الحسرة، تذكّر السنوات الـ 30 التي قضاها من عمره في هذا البلد الطيب، وتذكّر أهل الكويت الكرام، وعندما نويت المغادرة أحسست بما عانوه الذين غادروا الكويت ومن غير أمل بالعودة.

 

   بالمناسبة العلاقة بين الشعب في محافظات جنوب اليمن والشعب الكويتي علاقة قديمة ومتينة، وأزدادت متنانة هذه العلاقة في عهد الدولة الجنوبية (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) التي كانت قائمة في جنوب اليمن إلى ما قبل 22 مايو 1990م أي قبل أن تتحد مع شمال اليمن، ولا زال الشعب في جنوب اليمن حريصاً على هذه العلاقة، ونلتمس ذلك من خلال تعاملنا مع أبناء هذه المنطقة الذين نقابلهم، فهم يكنّون كل الاحترام والتقدير للشعب الكويتي، ونلاحظ ذلك من خلال مجالسهم الاجتماعية وخطاباتهم السياسية وتوجهاتهم الرياضية، ففي خليجي 20 الذي أقيم في عدن وأبين الجنوبيتين اصطف الكثير من أبناء المحافظات الجنوبية خلف المنتخب الكويتي، وكذلك خليجي 21 الذي أقيم في مملكة البحرين وقف أبناء الجالية الجنوبية خلف المنتخب الكويتي، وكذلك فعلوا في الرياض.

 

   ما شاهدته في الكويت من عادات وتقاليد عربية وإسلامية أصيلة ليست غريبة على بلد يمتلك حضارة وتاريخ عريق، والسبّاق من بين الشعوب العربية والكثير من شعوب العالم في العلم والثقافة والرياضة وفي شتّى المجالات الأخرى بأن يكون بهذا المستوى العالي من الرقي.

 

بارك الله في الكويت وأهلها.

 

وهذه الأبيات المتواضعة عبرت فيها عن جزء مما بخاطري تجاه الكويت وأهلها الكرام:

 

حلمي تحقق زرت أغلى بلد  =  ذي حبها في داخلي  للأبد

أقولها لله عن ما رأيت = زرت الدول ما شفت مثل الكويت

                          *** 

في السالمية عشت أحلى ليال = ليال ما توصف سوى بالخيال

الحكي ما ينفع ومهما حكيت = زرت الدول ما شفت مثل الكويت

                          ***

ديرة حولّي والمدينة الكويت =  يا ليتنا با زورها بيت بيت

أحس أني بالرفاق التقيت =  زرت الدول ما شفت مثل الكويت

                        ***

لفّيت في الجهراء وفي الأحمدي =  وقلت يا نفس أهنئي واسعدي

شوفي بلاد العز وأغلى كويت =  زرت الدول ما شفت مثل الكويت

                        ***

شعب الكويت احتل قلبي احتلال =  لكن هنيئاً بالرضا والحلال

أنا على العودة تراني نويت = زرت الدول ما شفت مثل الكويت

                        ***

سلام يا أرض الصفاء والوفاء =  أنتِ الدواء للقلب أنتِ الشفاء

في شوفتك مما بقلبي شفيت = زرت الدول ما شفت مثل الكويت

            

                      ***

سلام مني خاص ﻵل الصباح = والشعب كله في المساء والصباح

تستأهل التقدير يا مَن بنيت  =  زرت الدول ما شفت مثل الكويت

 

ملحوظة: المقال من مذكراتي كتبته أثناء زيارتي للكويت قبل سنة تقريباً وكذلك أبيات القصيدة، تعبيراً عن الحب المكنون بداخلي لهذا الشعب العظيم.

 

علي اليافعي ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى