اهتمام مزيف
أغلب الناس ينغمسون بالكآبة للحظات وذلك للترويح عن أنفسهم وسط استعراض مزيف للمشاعر؛ فقد تكون قلة قليلة من الناس هي التي حقاً تهتم لما يحدث مع أشخاص غرباء لا تربطهم بهم أي صلة، فيما عدا ذلك يتظاهرون بالاهتمام.
فتجدهم يقولون: “يا إلهي ما حدث كان مروع” وترتسم على وجههم ملامح التعاطف والأسى لحظة سماعهم بخبر حادث حصل لأحدهم أو خبر جريمة تحتل المركز الأول في نشرات الأخبار أو الهاشتاق الأكثر نشاطاً في التويتر! لكن في الحقيقة هم لا يشعرون إلا بالأشياء التي تؤثر مباشرة في حياتهم أما الباقي فقد بات سلوك نمطي جاهز.
يأتي السؤال لماذا يتصرف هؤلاء على هذا النحو؟ هذا بسبب أن هؤلاء الناس يخشون من الرفض الذي سيقابلهم به من حولهم في حال لم يبدو تعاطفهم واهتمامهم فسيتم اعتبارهم مفتقدين للشعور، كما أن هؤلاء الأشخاص أنفسهم يخافون من كونهم فاقدين الشعور بالآخر وأنهم لربما يعانون من خطب ما فهذا الخوف يجبرهم على إفتعال الإهتمام الكاذب.
لكن لماذا الإنخراط في هذا الكم من الإحساس بالبشاعة والفظاعة حول آخر جريمة إن كانت تلك الجريمة هي التي اختارها الجهاز الإعلامي من بين ملايين الجرائم على أساس ما يعتقده أنها ذات المفعول الأكبر للصدمة المرعبة للمتلقي، وهل يعني ذلك أن نكون عديمي الإحساس؟ بالطبع لا ولكن الإنسان المتيقظ والذي يهتم لشؤون البشرية أجمع سيشعر دائماً بمعاناة الآخرين في هذا العالم سيختار هو بنفسه اللحظات التي يتعاطف بها مع الآخرين ومساعدتهم أيضاً إذا كان بمقدوره ليس فقط في الوقت التي تحتم به وسائل الإعلام تفاعله وإهتمامه، كن أنت صاحب اختيار وقت مشاعرك ولا تسمح لأي وسيلة إعلامية أن تختار هي لك ذلك.
**
حنان الحمادي ـ كاتبة في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @hanan_____i