كارثة رئيس الوزراء الشعبي
المطالبة برئيس وزراء شعبي ليست وليدة اللحظة أو حسب المتغيرات السياسية الحالية كما يتوقع البعض؛ بل هي دراسة قديمة تم الإعداد لها مسبقاً للسيطرة على مفاصل الدولة وتهميش دور الأسرة الحاكمة والشعب الكويتي الذي لا ينتمي لحزب أو تيار سياسي فأتت المطالب برئيس وزراء شعبي وإشهار الأحزاب والدائرة الواحدة وبذلك ستتحول الدولة لملكية دستورية تلقائياً ومن ثم تسيطر الأحزاب على الدولة بأكملها من خلال رئاسة الحكومة ومجلس الأمة وبعد ذلك يقوم الحزب القوي المسيطر بتوزيع المناصب على الأحزاب الأخرى، كل حسب قوته وبهذه الحالة يفقد المواطنون الذين لا ينتمون للأحزاب حقوقهم ومقدرات بلدهم.
إن الوضع الراهن بجميع مؤشراته تشير لتحالف رئيس الوزراء مع بعض التجار المؤسسين للتيارات السياسية وبعض التيارات ذو رؤس الأموال الكبيرة ولو لاحظنا تعيينات الوزراء لوجدنا أن أتباع التحالف الوطني يسيطرون على وزارات مهمة جداً وكذلك تنظيم الإخوان ينعمون بمناصب وزراء ووكلاء ووكلاء مساعدين مع العلم بأن رئيس الوزراء من الأسرة الحاكمة فكيف إن كان منصب رئيس الوزراء يعتليه مواطن ينتمي لتيار سياسي حتماً ستكون الكارثة كبيرة جداً.
إن من يطالبون برئيس وزراء شعبي في دولة محكومة بنظام الوراثة ما هي إلا دعوة لبداية نهاية الدولة ولو تفحصنا هذه الدعوى بحيادية لاتضح لنا ما هو المقصود ببداية النهاية.
إن كل من طالبوا برئيس وزراء شعبي سنسألهم بصراحة أين أنتم من تجاوزات الماضي التي لن ننساها ابداً؟ كنا نشاهد وأنتم نواب تمثلون الأمة التجاوزات بالمناقصات والعلاج بالخارج والمديونيات الصعبة وتوزيع الأراضي والحيازات والمناقصات والتعيينات والنقل والندب واللحوم والأدوية الفاسدة وتجارة الإقامات وتهريب الديزل وتدهور التركيبة السكانية والإسكان والصحة والتعليم وزيادة الأسعار بكل شيء من السلع الغذائية والأراضي والأدوية وغيرها الكثير ولم نجد منكم من فعل شيئاً؛ بل البعض كان شريكا في هذا الفساد والبعض صامت كصمت القبور أين أنتم عندما كان المقربون منكم ينعمون بالخدمات والاستثناءات بكل شيء وغيرهم لا يستطيع أن يأخذ حقه؟ أين أنتم من تجاوزات استجواب 2003؟ ماذا فعلتم بمحاوره والتجاوزات المهولة التي تم غض البصر عن الوزير والاكتفاء بالملاحظات وعدم طرح الثقة فيه ومحاور استجواب 2011 وخصوصاً محور التأمينات الاجتماعية التي أصبح الآن فسادها يعرفه القاصي والداني ألسنا شركاء معكم بالوطن أليست هذه أموال دولة وشعب ولها حرمة؟ أم إذا كان الشخص المتجاوز تابع لتيار أو جماعة تغفرون له وتسامحونه وإن كان الشخص المتجاوز ليس تابع لتيار أو جماعة تنزلون عليه أشد العقاب من الذي أوصلكم للبرلمان الذي أقسمتم أن تذودوا عن أمواله ومصالحه أليس المواطن؟! أم هذا المنصب وصلتم له بالوراثة؟
أتمنى من الشعب الكويتي أن يقوم بالتدقيق أعمال كل نائب أصبح وزير وتوجيه الأسئلة له ماذا فعلت بالوزارة؟ ألم تتجاوز؟ ألم تقوم بتعيينات في الوزارة التي تتولاها لمصالحك الانتخابية على حساب حقوق الآخرين؟ هل جميع قراراتك كانت صحيحة؟ هل أوفيت بقسمك الذي أقسمته؟؟ هذه أسئلة مشروعة يجب أن يسأل عنها كل نائب أصبح وزير إن أراد الترشح للانتخابات بالمستقبل.
نحن نعلم أن ضعف الأداء الحكومي سبب رئيسي لتنامي الفساد ولكننا نعلم أيضا بفساد الأحزاب وأهدافها والآن نسمع التهديد والوعيد حين توقفت المصالح بات المطلب بحكومة شعبية أمر مهم لديكم إننا كشعب لم نسلم منكم ومن وزراء تابعين لكم فكيف إذا كان هناك رئيس وزراء شعبي أتوقع سيتم منع الهواء والماء عن كل من لم يكن قريباً لرئيس الوزراء الشعبي أو من أحزابكم وتكتلاتكم، إن الشعب الكويتي نسيج واحد بكل أطيافه، والمواطنة لا تقتصر على فئات محددة كما يتوهم البعض أو يعتقد.
إن الغالبية العظمى من الشعب صامتون ويشاهدون بامتعاض وألم التراخي الحكومي في تطبيق القانون ويعلمون بما يحدث من أمور وأقوال باطنها يخالف ظاهرها لمن يدعون بأنهم تيارات سياسية وطنية أومعارضة وطنية إن جميع ما تفعلونه وتريدونه واضح كالشمس في رابعة النهار والشعب الكويتي ذكي جداً ولكنه مع كل أسف وقت الانتخابات يتناسى وتأخذه العاطفة ويعيد أغلب الوجوه لكراسي البرلمان ومن ثم يتشكى ويتذمر.
ندعو الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا الرشد.
**
م. ناصر العليمي ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @Nasser_alalimi