اقتصاد

الطاقة الشمسية في لبنان حل عملي لأزمة الكهرباء

لعل أزمة الكهرباء هي الأزمة الأبرز التي لا يزال «ظلامها» يخيم على الواقع اللبناني بعد أكثر من 25 سنة على انتهاء الحرب الأهلية، إذ لا تزال الكهرباء تشكل عقدة العقد في لبنان، ويصل التقنين في بعض المناطق إلى 14 ساعة يومياً. ويعاني قطاع الكهرباء أولاً قصوراً في الإنتاج، إضافة إلى الكلفة المرتفعة المتأتية منه، ما يرتب أعباء إضافية على موازنة الدولة اللبنانية.

ويعمد كثيرون إلى وسائل إنارة بديلة، دخلت كل المنازل اللبنانية من دون استثناء. وعمد البعض إلى مولدات كهربائية، وزاد الاعتماد على المولدات التجارية حتى أصبح أصحابها يشكلون شبه «مافيا». واتجه البعض إلى الطاقة البديلة كحل مرتبط وليس رديفاً. وبدأت الشركات بالترويج لهذه الطاقة المعتمدة في شكل أساس على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية. ويعد هذا الحل مناسباً لكثيرين، فهو يؤمن الكهرباء للمنازل والمصانع بصورة مستمرة مستمداً طاقته من نور الشمس الذي يحوز لبنان على نسبة مرتفعة منه، إذ يمر على لبنان تقريباً 322 يوماً مشمساً سنوياً.

يقول مدير العلاقات العامة في شركة «غرين اينرجي» للطاقة البديلة علي صالح في حديث مع «الحياة» إن «الطاقة الشمسية تعد الحل الأمثل لأزمة الكهرباء في لبنان»، مشيراً إلى أنها أصبحت في متناول الجميع، وخصوصاً بعدما قررت وزارة البيئة دعمها عبر تسهيلات مصرفية للمواطنين الراغبين في الحصول على هذه الخدمة. ويضيف أن الطاقة البديلة تصبح مصدراً رئيساً للطاقة في بعض دول العالم، مشيراً إلى أن لبنان لا يزال متأخراً عن هذه الدول في اهتمامه بهذا النوع من الطاقة.

 

طاقة رديفة

وتعمل هذه الطاقة على تخزين نور الشمس في بطاريات، وتحويلها إلى طاقة كهربائية بهدف تشغيل المنازل والمصانع بصورة مستقلة عن الطاقة التي تؤمنها المؤسسة الرسمية. ولكن هذه الطاقة ليست منفصلة تماماً عن الطاقة الكهربائية التقليدية، إذ تعمد إلى استغلال الأخيرة لدى توافرها بهدف تأمين مصدر بديل إضافي للطاقة الشمسية، ما يؤمن الكهرباء إلى المنازل في شكل مستمر حتى في ظل غياب نور الشمس.

يضيف صالح أن عمر خدمة النظام مرهون بكيفية الاستخدام، فهو يستطيع على أقل تقدير توليد الكهرباء حتى 18 سنة، مؤكداً أن البطاريات التي يعمل عليها النظام تحتاج إلى التغيير كل 4 إلى 5 سنوات، وهي فترة مقبولة جداً بالمقارنة مع ما تضيفه هذه الخدمة إلى نظام الكهرباء في لبنان.

ويؤكد صالح أن الكلفة المتأتية عن هذه الطاقة تعدّ بسيطة وتستطيع كل الشرائح تحملها، إذ تستطيع توفير قرابة 60 إلى 80 في المئة من فاتورة الكهرباء الأساسية، خصوصاً لكونها تستعمل الكهرباء في حال غياب الشمس. أما في شأن كلفة التركيب، فيؤكد صالح أن الكلفة تختلف وفق الاستخدام واستهلاك الفرد، إذ تعتبر كلفة تركيب جهاز بطاقة 10 أمبير قرابة 14 ألف دولار أميركي في حين تبلغ الكلفة لـ 30 أمبير والتي تصنف صناعية، 38 ألف دولار أميركي. وأشار إلى أن التسهيلات المصرفية المدعومة من وزارة البيئة، تحول هذه الكلفة النهائية إلى فواتير صغيرة يصل أقصاها إلى 319 دولاراً شهرياً، بمعدل فائدة يصل إلى 0.33 في المئة، تدفع على 10 سنوات أو أكثر وفق قدرة الفرد على إيفاء أسعار النظام.

 

التكاليف

وللوهلة الأولى، قد يُصدم البعض من هذه الأسعار التي تعتبر مرتفعة إلى حد ما، لكن مقارنة بسيطة بالكلفة التي يدفعها المواطن اللبناني مقابل الحصول على الكهرباء المتواصلة، يتضح أن النظام المعتمد على الطاقة الشمسية يعد أوفر وأنجح. فللحصول على كهرباء متواصلة خارج بيروت الإدارية التي لا تقطع فيها الكهرباء أكثر من ثلاثة ساعات يومياً، يجب على المواطنين تأمين اشتراك من أحد المولدات، حيث تصل الكلفة إلى 100 دولار لكل 3 أمبير، مع الإشارة إلى أن هذه الحلول لا توفر من استخدام الطاقة الكهربائية الرسمية، بل تحل محلها عند انقطاعها حصراً.

أما استعمال المولدات الكهربائية الخاصة وهو الحل الذي تلجأ إليه معظم الشركات الخاصة، فتصل كلفة أسعار المحروقات المستعملة فيها إلى 200 دولار شهرياً تزيد أو تقل وفق الاستخدام ونسبة انقطاع الكهرباء، ناهيك عن الكلفة المترتبة على الصيانة وغيرها من متطلبات المولدات الكهربائية، وفق ما أكد المحاسب العام في شركة «كافيه نوار» الصناعية محمد العلي.

ويعتبر نظام توليد الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية حلاً مثالياً لأزمة ضعف الكهرباء الرسمية، إذ غالباً ما تأتي الكهرباء بطاقة أقل من 220 فولت، ما يساهم في حرق وتخريب معظم الآلات الكهربائية العاملة في المنازل والمصانع. ويعمد النظام المعتمد على الطاقة الشمسية إلى تأمين الطاقة في صورة مستقرة «أفضل بأضعاف» من الطاقة الكهربائية الرسمية، وفق صالح.

وثمة دعوات توجه بين حين وآخر إلى الدولة اللبنانية للاستعانة في توليدها الكهرباء بالطاقات البديلة أسوة بدول العالم الأخرى، خصوصاً أن الطاقة الشمسية والطاقة المائية تعد متوافرة وبكثرة في لبنان، ما يساهم في شكل رئيس في حل هذه المعضلة التي يعاني منها لبنان على مدى 25 عاماً على الأقل، ناهيك عن الكلفة المنخفضة التي ستوفر على المواطن اللبناني أعباء فواتير الكهرباء وفواتير الاشتراكات والحلول المشابهة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى