في ليلةِ اعتدالِ الربيعْ
في ليلةِ اعتدالِ الربيعْ ،، قلتُ لهُ شعراً يليقُ بمقامهِ الرَفيعْ ،، !
– قبيلَ إنتهاءِ اليومِ بلحظاتٍ ؛ زفرَ ليْ استيائهُ بلفظٍ وحيد ؛ وقال : – وينك – ؟ فأجبتهُ بأننيْ قريبةٌ دائماً فتلعثمَ حرفهُ وَ – سَكـت – لبضعِ دقائق !
– أخذتُ أُقلبُ الحديثَ يمنةً ويسرةً على أمل أنْ يبوحَ بـِسرِهْ ،، لكنهُ أبىْ وتغطَـى بالصمتِ للحظاتْ
فقلتُ له : أبخيرٍ أنتْ ؟
فأجابَنيْ قائلاً :
ذهبت هموم حِرت في أسمائها
واتت هموم ما لهنّ أسامي
– هُنا فقط شعرتُ بحجمٍ ثُقلٍ يتكئ علىْ صدرهِ فأخبرتهُ بأنَ مامضىْ منَ الهمِ مضىْ ؛ وكل ماهُوَ آتٍ سيشهَدُ وجوديْ بجانبهُ ، فلنْ يذوقَ لوحدِهِ – مَـسُ اللظَـىْ – !
– وحينها اطمأنَ لوجودِ شريكٍ لهُ فيْما أَهمّـه ؛ وبدأَ يقتبسُ منْ الشعرِ حروفاً – شهيـة – !
فأخبرتهُ بأنهُ : يسرقُ منيْ المفرداتِ ومعانيها !
فقال : في ليلةٍ من اللياليْ الفائتة شعرتُ بأنَ كلماتي تبحث عن معانيها بك، ومعانيك تبحث عن كلماتي .
فقلت : وتلكَ الليلة التي قلتَ بها ماقلت ؛ كانتْ ليلةً ليــلاءْ !
قال : بل ليلة وقمرها منيراً
قلت : طوبى لـ/ ليلةٍ بقمرٍ منير ؛ وقائلٌ ذو عقلٍ مستَنـير
قال : ومضيفتي أروع ذات نفسٍ ، وأطيبُ ذات لسانْ
ولأننيْ شعرتُ بتعاستهِ قلت : مضيفَتُكَ تأملُ دائماً أنْ تقتلعَ الإبتسامةً عنوةً من بينِ فكّي التعاسة
قال :
كم اسأل الدر عن معناكِ باسمة
والورد عن لفظه قد أطبقت فاكٍ
لا الدر يدري ولا الورد لي خبر
أرويه عن شفتيك او ثناياك
قلت :
ابتَـسم رغمَ كل الأسى الفتاك وعاقبنِيْ إن لمْ اصلحُ الأمرَ أو فيْ الهَـمِ انساك !
قال : لقد ابتسمتُ الآن !
فقلتُ بسعادةٍ فارهة : أخيــراً ؛ أخيـراً ..
– وبعد اعترافهِ بتبسمهِ ؛ اقسمَ بأمرٍ آخر وقال :
فو الله إن الحب خير محاسني
ووالله ان الحب شر عيوبي
فأجبتهُ :
أنَ الحبَ إلحاحٌ غريبُ لا خلاصَ منهُ إلى الخلاص و صرختُ قائلةً : يااااااااا ليلتِيْ الليلاء !
فردَ صراخيْ بجملةٍ واحدةٍ وقالْ :
وفي الليلة الظلماء تفتقد اللمياء !
فأخبرتهُ عن اللمياءَ سراً وقلت :
اللمياء ماهيَ إلا الجزءُ المبتُور من ظلمةِ الليلِ ،، فحينَ يفقِدها القَمر ؛ يجدهَا فيْ حضنِ الوَسنِ ناعسة ..
فأتىْ باعترافٍ ثالثٍ وقال :
” اذكر اني سامرتها ليلة، فنزلت علينا آيات سحر القمر، وكان حولنا الكثير من الزهر، غير اني كنت مع من هي اجمل من القمر والزهر ..
في حضرتها غابت نجوم السماء وقمرها ..
في حضرتها لا ترى شيئا سواها ..
في حضرتها لا أقوى على وصفها، ولكن صورتها في مرآتها .. ”
فقلتُ لهُ :
” فيْ حضرةِ منْ لا يرىْ بحضرتها شيئاً حضورٌ خفيٌّ لحروفٍ الإمتنانِ النابعةِ من سويداءِ القلبْ ستبقىْ اللمياءُ تسكبهَا علىْ مسامعه وحتىْ إن سَمِعها كثيراً سيسمَعهَا منها أكثَر ،، ! ”
قال :
” وفي كلماتك ما تمسح عن القلب شيئا من همومه، يترقرق فيها صوتك العذب والذي به تطرب النفس ”
قلت :
” ومالهَا الهمومُ لاتنشَغلُ بسواهْ ؟ أما آنَ لها أن تتركَهُ وتغرِقَ كلَ ما حولهُ وتبتعِدَ عنهُ ولا تَمسَ منهُ شيئاً حتى – موطئ قدماه – ؟! ”
قال :
” وكأني بالهموم قد تزاحمت في قلبي غير انها كزبد البحر ستذهب جفاء عند أول اطلالة للحبيبة ”
قلت :
لا تنتظر يا قلبهُ المهمومِ أيَّ زائرٍ
أسهر وغامر وانتفضْ مسروراً
فمثلهُ لا يستحقُ تكبداً
وتألماً وتَكبُـلاً وَ شُـرودا
قال :
” مال المليحة قد شغلت بالها بأحزان المتيم، فجعلت همومه تأتي لها وتتكلم، فتزيل عنه همومه لو ان ثغرها يتبسم ”
قلت :
في وجهِها الثغرُ لا يهابُ أبتسامته ولا ينساها
ولكنْ كن يا مُـتيمْ بقدرِ الفرحِ
حينَ تسمع صوتها و تراها ؛
وأضحكْ ولا تنسىْ بأنَ الهَمْ لا يقوىْ على
لقياكَ أو لقياها !
قال : هذا الهمُ الذي سكن قلبي في بِعدِها ؛ هو كالنار التي تحرق القلب لتضيئه ، فكل زيادة في ضوءه زيادة في احتراقه
قلت مستائةً من همه :
أما للهمِ أنْ يرحل ؟
أم أرادَ الهروبَ ولا يستطيع ؟
أما للنار أن تأفل ؟
ليغفوَ قلبه كطفلٍ رضيـع
ويا ويحيْ أنْ طالَ بهِ همهُ
ولمْ أشفِـي روحَـه بما أستَطيع !
قال : ما الهم إلا كجبل الثلجِ الشامخ يراه المرء عظيماً في صورته إلا انه يتلاشى أما نظرة الشمس؛ أو هو كالظلام يندحر أمامَ شمعة واحدة
فأينَ أنتِ يا شمسي ؟
قلت : وما الهمُ إلا جبانٌ
يرائيْ الناسَ بقولِ الكلامْ
وإن أتتْ اللحظةُ الحاسمةْ
توارىْ وغابَ خلفَ الظلام
” ها أنا على حافةِ الشروقِ ” !!
قال : لم تشرقي بعد؟
قلت : تحرى الشفقَ بُعيدَ الفجرِ لتشهَد إشراقَتي
قال : فإذا قد زال همي
قلت : لتؤمنَ بزوالهِ الحق ، أنظر بعدَ ذلكَ لكَـبدِ السماءْ وأبتسم ملأ ثغـرك !
و ” صبَـاحُكَ الخَـير ” ..
فلم يقلْ حرفاً بعدها إلا دلَّ على سعادتهْ ،، !
ياااه ،، ليتهُ يعلمْ بأنْ اعتدالُ مزاجهِ المُتأرجح يُضاهيْ اعتدالُ فصولِ الكونِ الأربعة ، وليسَ ربيعُها فقط …
**
لمياء معجب “السعودية” ـ كاتبة في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @LamiaMoajeb