قلم الإرادة

كلمة تفك أزمة

   هناك كلمة وعبارة سحرية أعتقد أنها تتداول في مجتمعنا بشكل واسع جداً ولها تأثير سريع ونافذ في إنجاز المهام وهي “جايك من طرف فلان” نعم هي عبارة تفك أزمة.

 

   في جميع الدوائر الحكومية والأهلية في بلدنا تنتشر الواسطة بشكل مرعب ومخيف جداً فلا يمكن أن تمر أي معاملة إلا أن يكون لديك واسطة علماً بأن المعاملة وفق الشروط القانونية ولكن لا تملك المفعول السحري لإنجازها ألا وهي العبارة المشهورة “جايك من طرف فلان” وفي هذه الحالة يمكنك الجلوس عند المسؤول وتناول القهوة والشاي لحين انتهاء المعاملة حتى وإن كانت غير مستوفية للشروط.

 

   يا لها من عبارة سحرية ومن لا يملك هذه العبارة عليه من الله رحمة ودعاء بالصبر والقوة والتنقل بين المكاتب لجمع التواقيع وأخذ المواعيد الطويلة ثم مواعيد أخرى قصيرة حتى يكتب له النجاة وإنهاء المعاملة بعد شقاء وتعب.

 

   إن للواسطة مردود سلبي كبير وبعض موظفي الدولة لا يمكن أن ينهي معاملتك إلا بتوصية من أحد الأشخاص المتنفذين حتى يستفيد بالمقابل من خدماتهم ورضاهم من مبدأ “تبادل المصالح”، الواسطة أصبحت هي قارب النجاة التي يبحث عنها المواطنين في قضاء حوائجهم كبيرة كانت أم صغيرة وأصبحت ظاهرة سلبيه لها آثار مدمرة على المجتمع وخاصة إذا كانت من النوع الخطير الذي يختص بتمرير المعاملة عن طريق الرشوة أو مخالفة النظم والقوانين فهذه آفة لابد أن تحارب بشكل كبير لأنها نوع من أنواع الفساد الإداري والحكومي غير المرغوب فيه بتاتاً .

 

   يجب القضاء على الواسطة أو محاولة الحد من انتشارها في المجتمع لأن فيها ظلم كبير للذين لا يملكونها وهي نقيض للعدالة الاجتماعية التي ينادي فيها المجتمع والغريب في ذلك الأمر أننا نبحث عنها كثيراً وفي كل وقت ولا يمكن الاستغناء عنها، الأخطر في الأمر كله إذا كانت الواسطة من نوع الطائفي أو القبلي فهي تساعد على تفكك المجتمع وتؤدي إلى انهيار القيم الاجتماعية التي تحاول الدولة بكل أجهزتها ووسائلها المحافظة على الوحدة الوطنية.

 

   فعلينا جميعاً محاربة هذه الآفة والقضاء عليها وتسليط الضوء الإعلامي عليها للحد من انتشارها في المجتمع وأخيرا “لا تقصر معاي جايك من طرف فلان”.

 

**

 

يقول أبو الطيب المتنبي في إحدى روائعه :

 

وأتعب خلق الله من زاد همه

وقصّر عما تشتهي النفس وجده

فلا ينحلل في المجد مالك كله

فينحل مجدٌ كان بالمال عقده

ودبره تدبير الذي المجد كفه

إذا حارب الأعداء والمال زنده

فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله

ولا مال في الدنيا لمن قل مجده

 

**

 

دالي محمد الخمسان ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية

 

Twitter: @bnder22

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى