وداعاً للترهيب وأهلاً بالعقل
أعزائي القراء أنا لست أخصائية إجتماعية ولست باحثة أيضاً, لكنني من باب اطلاعي وتجربتي مع الناس والأصدقاء من مختلف الطوائف والعقليات والثقافات حيث اتضح لي أن البعض يعتمد في تربية الأبناء على “حرام وعيب” كلمتان مستهلكتان كالأكل والشرب تسريان كالدم في العروق تقوم أكثر العملية التربوية على أركانهما. وكما نرى يومياً ونسمع من خلف الكواليس أن الحرام والعيب يحدث كل يوم من مختلف الناس, متشدد أو غير متشدد, سواء أمام أعيننا أو بالأماكن المغلقة التي تنكشف مع الأيام فيما بعد حسب ما نقرؤه من قصص في الصحف والإعلام أو من علاقتنا الإجتماعية، إذن زرع الحرام والعيب في الأدمغة لم يُجدي ولم يغني ويسمن من جوع، هنا من وجهة نظري الخاصة أن كل الأمور لها ثلاثة إتجاهات, جهة أراها أنا وجهة تراها أنت عزيزي القارئ، وجهة لا نراها كلانا، الجهة التي لا نراها كلانا هي محادثة العقل بالقناعات الشخصية العقلية وبالمنطق, بأن تفعل الشيء الإيجابي لك ولغيرك والمجتمع، مثال: “شرب الخمر, هو بالأساس مرفوض طبياً قبل أن يكون مرفوض دينياً” إذن بالعقل شرب الخمر شيء مرفوض من غير ترهيب, نستطيع أن نقنع أبناءنا بسلبيات هذا السلوك من قصص واقعية انتهت بالمستشفيات ثم القبور أو الحوادث والجرائم بسبب غيب الوعي! مثال آخر: السرقة، قد يتعرض أبناؤنا أو حتى نحن الكبار لفرص ذهبية للسرقة من غير علم أحد أو أن يقع عليه عقاب, هنا نخاطبهم بالعقل وليس فقط ترهيب وحرام وجهنم و إلخ, بأن السرقة تصرف سلبي على المجتمع وفيه أذى للناس بغض النظر عن عقاب الدين أو القانون، أما بالنسبة للأنثى في مجتمعنا، هناك فئة أنا وغيري نفخر بها، القناعة الشخصية لديهن ومبادئهن وثقافتهن تمنعهن من السلوك الخاطئ والانجراف وراء العلاقات الكاذبة أو النزوات، رغم أنهن غير ملتزمات دينياً وغير متحجات وأيضاً يمارسن الحياة الطبيعية من سفر وعلاقات عامة وصداقات مع الرجال سواء في العمل أو الحياة الاجتماعية بكل احترام وأخلاق حميدة, ذلك نتاج تربية العقل ونضجه على مبدأ احترام الذات والثقة بالنفس, بعيداً عن مبدأ عيب وحرام.
ونصيحة إلى كل الأمهات والآباء أن لا يستخدموا هاتين الكلمتين عيب وحرام على الأطفال تحديداً لكي لا تؤثر أثر كبير في تنمية شخصية الطفل ومعرفته في التمييز بين الحلال والحرام … فأنا عندما أوبخ طفل لأنه سرق قلماً من حقيبة طفل وأقول له أن هذا عيب فهذا قصور منا في التمييز بين العيب والحرام والأصح أن أقول له أن هذه سرقة وليست عيب، إن الخلط بين استخدام هذين اللفظين عند الأطفال قد يسبب لهم عند الكبر تداخل في المفاهيم فلا يعودوا قادرين على التمييز بين ما هو الحرام وما هو العيب.
والتركيز على تنمية الأخلاق الحسنة وغرسها في الأطفال والأسرة والمجتمع وكما يقول المثل حامل المسك لا ننتظر منه إلا كل طيب. ولا ننسى أعظم البشر الرسول الكريم سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين قال: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” وصدق رسولنا الكريم.
**
أنوار المتروك ـ كاتبة في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @milkybar_am