هل الأمم المتحدة متحدة؟
استمعت مثل الملايين لخطاب السيد الرئيس د. محمد مرسي في الاجتماع المنعقد للأمم المتحدة بنيويورك حالياً والحقيقة أنه للمرة الثانية يذهلنا بخطابه الذي يعبر عن احترافية عالية في صياغة الكلمة واتساقها مع الحدث التي تلقى فيه – وعلى حد علمي أن من يصيغ هذه الكلمات للرئيس هو السيد رفاعة الطهطاوي أحد سفراء الأزهر الشريف سابقاً وواحد من الثوار الحقيقيين الذين تواجدوا في الميدان من أول شرارة لاندلاع الثورة المصرية المجيدة – أرسل للسيد رفاعه تحية إجلال على ما يقوم به من جهود في إبراز دور مصر من خلال صياغته لهذه الخطابات وكذلك التحية موصوله للسيد الرئيس الذي يقوم بتوصيل الرسالة للعالم بقدرة بلاغية يحسد عليها وأعتقد أن مهنته الأصلية كدكتور جامعي وتربوي لها تأثير كبير في قراءته لهذه الخطابات.
دعونا نحلل هذا الخطاب والذي في اعتقادي لا يحتاج لتحليل عميق؛ لأنه كان خطاب مباشر وواضح وصريح ومحدد ولكن هناك بعض من يعترضون على الاسلوب الذي استخدمه السيد الرئيس.
فإذا تكلمنا على بداية الخطاب والتي كانت آيات من الذكر الحكيم والصلوات والتسليمات على رسولنا الكريم وهذا في حد ذاته يعتبر هو أول خطاب في هذه الهيئة الدولية الذي يبدأ بهذه الطريقة ولهذا سبب واضح واسلوب ذكي فالأحداث القريبة التي مرت علينا من فيلم مسيء ورسومات مسيئة خرجت من أميركا وفرنسا على التوالي كانت السبب في ذلك والاسلوب الذكي الذي استخدمه الرئيس د. مرسي هو أنه تعامل بالإسلام الحقيقي فكان سمحاً في كلامه مع من يدين بغير الإسلام وكان قوياً في إيصال رسالته للعالم الغربي عندما قال (من يعادي الإسلام يعادينا) وفي هذه الجملة معاني كثيرة لا يفهمها إلا من يعادي الإسلام بالفعل وهم كثر.
عندما تكلم في القضية الفلسطينية لم ينطق لفظ إسرائيل تماماً ولهذا مخزي هام جداً وهو أنه يؤكد أنه لا يعترف بهذا الكيان الصهيوني وكأنه يقول نحن نحترم المواثيق والاتفاقات الدولية ولكننا لا نعترف بطرفها الآخر لأنه لم ولن يحترم هذه الاتفاقات في يوم من الإيام بالإضافة إلى أنه يود أن يقول أنه لم يكن يوماً من الأيام أيضاً طرفاً في هذه الاتفاقات ولذلك عليكم جميعاً أن تستعدوا لاسلوب جديد لإدارة هذه الاتفاقات والمواثيق.
حينما تحدث عن القضيه السورية لم يكن متهوراً مثل غيره وطالب بضرورة التدخل العسكري وإرسال الجيوش العربية للقتال هناك؛ لأن في خطوة مثل تلك تهور وسذاجة ستؤدي حتماً إلى اتساع الفجوة وانتشار الفتنة فعلاً بأرض الشام ولكنه كان هادئاً ومتأنياً بحيث أن يصل لأنسب حل ممكن للشعب السوري عن طريق المبادرة الرباعية والتي أشار أيضاً السيد الرئيس إلى أنها لن تكون حكراً على الأربع الدول المشاركة فقط بل هي تتسع لكل من يريد الحل السلمي للقضية السورية مع توضيحه الدائم بأنه لن يرضى ببقاء هذا السفاح في سدة الحكم السوري.
تكلم أيضا د. مرسي في الشأن السوداني وعلق بعض الإعلاميين على ذكره لفظ السودان الشقيقة حينما ذكر السودان الشمالية وعندما ذكر السودان الجنوبية قال دولة السودان الجنوبية فقط دون ذكر لفظ الشقيقة أو حتى الصديقة وأنا متفق تمام مع سيادة الرئيس في ذلك وهي من المرات القليلة التي أتفق فيها مع سيادته ولكن موافقتي له هنا لسبب بسيط وهو أن دولة السودان الجنوبية أول شريك وحليف لها هو الكيان الصهيوني وأعتقد ذلك سبب كافي تماماً لعدم ذكر أي الفاظ توحي بالإخوة أو الصداقة.
شعرت للوهلة الأولى من الخطاب بأن مكانة مصر عادت من جديد فمصر التي كانت دائماً تحمل مشاكل الدول العربية الشقيقة والدول الإفريقية الصديقة عادت مرة أخرى لتتحمل دورها الدولي والإقليمي وأشعر أيضاً أنها قادرة على العودة بقوة في ظل هذه السياسة الخارجية الناجحة إلى الآن بشكل مبشر جداً ولكن أظل أقول تبقى الأفعال المعبرة عن تلك الخطابات الممتازة في صياغتها وإلقائها وأتمنى من السيد الرئيس أن يسرع في اتخاذ قرارات من شأنها على الأقل تهدئة الوضع فى سوريا وإيقاف شلال الدم المنهمر على أرض الشام وأيضاً اتخاذ خطوات جادة في القضية الفلسطينية والتي أشعر بأنها سوف يكون لها شأناً في الفترة القادمة.
ويبقى هنا سؤالين وهما هل الأمم المتحدة ما زالت متحدة؟ وهل هذه الهيئة ذات الصبغة الدولية يهمها حقا الشأن والسلام الدوليين أم أنها لديها حسابات أخرى لدول بعينها ولا تهتم بأكثر الدول الاعضاء بها؟
سؤالين لا يملك الإجابة عليهما سوى من يدير هذه الهيئة أو من يتعشم بها خيراً وهم أيضاً كثر فماذا ينتظر العرب من الأمم المتحدة؟ وما هي التحركات التي سوف يتخذها العرب إذ لم تحرك الأمم المتحدة ساكنناً؟ هذا ما سننتظر الإجابة عليه بعد أن تخرج علينا الأمم المتحدة بتوصياتها بعد أن سمعت هذه الخطابات من رؤساء الدول التي تسعى لحلول قريبة وسريعه لهذه المشكلات العميقة القديم منها والحديث.
عموما خطاب السيد الرئيس أعاد لنا ذاكرة الافتخار والكبرياء من جديد بعد أن أفتقدناهما لسنين عديدة وأعاد لمصر مكانتها أمام الدول الأعضاء ونحن في انتظار الأفعال على أرض الواقع.
محمد سمير ـ كاتب مصري
Twitter: @Momo202005