العراق .. أعراق!
هذا البلد المترامي بين عدة حضارات وأديان ومذاهب، ففي شماله الأكراد والتركمان والمسيح وبقية الأديان والأعراق وفي وسطه المزيج السني الشيعي وفي غربه المنارة السنية وفي جنوبه المنارة الشيعية.. يعاني هذا البلد اليوم بسبب راديكالية بعض المنتسبين لهذه الطوائف والأديان والأعراق، في السابق كان المواطن العربي يحذر من انتقال عدوى لبنان إلى الأراضي العربية واليوم لو كانت العراق كلبنان لحمدنا الله كثيراً!
أينما تجد الدين أو العنصرية تسيطر على فئة تأكد حينها بأن الرقعة الجغرافية المحيطة ستصاب بنفس الأذى، وهذا ما حصل مع لبنان سابقاً ويحصل مع العراق اليوم، فالطوائف والأعراق التي لا تؤمن بمواطنة الطرف الآخر وتخوّن الطرف الآخر لا تؤمن بمعنى الدولة الحقيقي؛ لأن الدولة عبارة عن اتحاد طوائف عدة وأديان عدة يخضع بها الجميع للقانون بالعدل دون تفرقة أو تمييز. عندما يشعر المواطن بأنه لا ينتمي لوطنه باحتقاره في وطنه يلجأ لتمزيق وحدة الوطن، وعندما يلجأ لذلك يتفكك الوطن إلى أوطان وينهار!
أي وطن ناجح تجد فيه الدين لله والوطن للجميع، فالوطن ليس دين أو مذهب أو عرق واحد، ولن يسمى بوطن إن كان كذلك، ونحن في أوطاننا نعاني من فوبيا تساؤلية: “كيف يكون الدين لله والوطن للجميع؟” وأقول: ألم تكن المدينة المنورة في عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وطناً للمسلمين واليهود وكل معاهد شريطة ألا يخون وطنه كما فعل اليهود لاحقاً؟ إذن الوطن للجميع والدين لله وهذا ما جبلنا عليه شرعاً وإنسانيةً، والذين يخونون أوطانهم يجب ألا يسيطروا عليها أو يهدموها؛ بل يجب محاكمتهم وفق القوانين واللوائح في الدولة التي تأسست على ذلك، لماذا عندما يعتلي السني منصباً يغضب الشيعي والعكس وعندما يعتلي المسيحي منصباً يغضب المسلم والعكس؟ أليسوا كلهم من وطنٍ واحد ويسعون لخدمة وطنٍ واحد؟ ومن الذي زرع في النفوس هذا المعتقد؟ الوطن الحقيقي لا يقبل المحاصصة لأنه للجميع بالتساوي.
كل عراقي اليوم عراقي أياً كان دينه ومذهبه وعرقه، وآمل كمواطن كويتي بأن يتحقق الاستقرار التام في العراق، فاستقرار العراق من استقرار المنطقة، وأناشد كل عراقي غيور بألا يمزق العراق أكثر من هذا.
في الكويت علمنا صاحب السمو في خطاباته بألا نعادي الدول وأن نتمنى الخير للدول العربية الشقيقة وأن نسعى ولو بالكلمة لإرساء الحق والتضامن والوحدة لكل قطر عربي، فوحدتنا في أوطاننا هي قوتنا، فلا تكسر الشعوب قوتها بحماقة المتعصبين من كل الفئات، والحمد لله.
**
نبرات:
ـ سيمضي الوقت وستموت؛ انهض وافعل شيء!
ـ رسل السلام لا يحبون اللون الأحمر لأن قلوبهم بيضاء، ورسل الحب يعشقون الأحمر لأن الالتقاء لا يكون إلا بعد معركة تسال بها الدماء!
محمد العراده ـ رئيس تحرير صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @malaradah