لماذا لم تحضر السعودية والكويت لقمة أبوظبي الأخيرة؟؟
أبرز النقاط التي من المحتمل أن يكون بعضها أو كلها وراء سبب عدم حضور ممثل السعودية لقمة أبوظبي:
• رفض السعودية لمبدأ المساعدات والمنح لأي دولة بما في ذلك مصر والأردن بدون اشتراطات وضمانات اقتصادية، وفي ما يبدو أن أحد أهم أجندة القمة هو دعم مصر والأردن اقتصادياً.
• تعليق الجانب المصري بشكل أحادي تسليم جزيرتي تيران وصنافير واللتان كان من المفترض تسليمهما في شهر 12/2022م، متحجّجين بذلك بأنهم علّقوا اتفاق التسليم لأن أميركا خصمت من مساعدات مصر السنوية ما قيمته 300 مليون دولار، وقد يكون عدم حضور السعودية رسالة امتعاض لمصر نتيجة تعطيل التسليم.
• صفقة بيع 49 % من قناة السويس لشركة موانئ دبي الإماراتية، وما يترتب على هذه الصفقة من تأثير استراتيجي كبير جداً لصالح الإمارات على الخط الملاحي الوحيد الذي تعتمد عليه صادرات المملكة المنقولة بحراً للغرب، علماً بأن السويس ستكون خط ملاحي بديل عن هرمز لو اندلعت حرب مع إيران لا سمح الله.
• صفقة السويس تجعل الإمارات تؤثر على ملاحة مخرج البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط، وهي بنفس الوقت عبر المجلس الجنوبي تؤثر على مدخل البحر الأحمر من بحر العرب (باب المندب) وبذلك تكون الإمارات الأكثر نفوذاً على الحركة الملاحية في البحر الأحمر لتأثيرها على مدخل ومخرج البحر الأحمر.
• نفوذ الإمارات الكبير جداً على حركة الملاحة في البحر الأحمر والذي حصلت عليه بفضل إقدام مصر على صفقتها ببيع 49 % من السويس لشركة موانئ دبي، من المحتمل أن توظفه الإمارات للضغط استراتيجياً بشكل قد يترتب عليه تحقيق مكتسبات مادية لصالح حليف الإمارات في اليمن (المجلس الجنوبي الانفصالي).
• تباين المقاربة الدولية الإماراتية عن المقاربة الدولية السعودية، وفي ما يبدو أن المقاربة الإماراتية لا تتقبل إشراك الصين في معادلة الأمن الإقليمي الخليجي على حساب الجانب الأميركي، وهذا أمر مبرر ومفهوم لاختلاف الظروف الموضوعية للإمارات عن الظروف الموضعية
للسعودية.
• تخفيض التمثيل الإماراتي في القمة الصينية/ الخليجية المنعقدة في الرياض بشكل كبير وغير متوقع، قُرأت كرسالة إماراتية رافضة لمبدأ إشراك الصين في معادلة أمن الخليج/ الإقليمي، لذا محتمل يكون هذا الموقف الإماراتي أحد مسبّبات عدم حضور ممثل السعودية لقمة أبوظبي كرسالة رد دبلوماسية.
• عدم اتّساق الموقف الإماراتي والمصري والأردني مع الموقف السعودي من ناحية طبيعة تعاملهم مع إسرائيل في هذا التوقيت، فالمملكة تضغط على إدارة البيت الأبيض في الوقت الحالي عبر توسيع الفجوة بينها وبين إسرائيل، بينما تقوم الإمارات ومصر والأردن بتقليل الفجوة مع الإدارة الإسرائيلية.
• تبني الإمارات ومصر والأردن لسياسة تقليل الفجوة مع الإدارة الإسرائيلية في الوقت الذي تقوم به السعودية بتوسيع هذه الفجوة للضغط على البيت الأبيض في هذا التوقيت بالذات، يبدو وكأنه محاولة ثلاثية للالتفاف على ورقة الضغط السعودية بشكل قد يُخفّض من تأثيرها على إدارة البيت الأبيض.
• تباين آراء محتمل في سياسة الإنتاج النفطي في المستقبل القريب، وهو نتيجة طبيعية لاختلاف المقاربات الدولية بين السعودية والإمارات، حيث هيكل وظروف الإمارات السياسية لا تسمح لها بالتنقل الاستراتيجي بين المحاور الدولية واستخدام النفط في سياق هذه المناورات الاستراتيجية، بخلاف المملكة العربية السعودية، فهي بلا شك تمتلك القدرة الكاملة والإمكانات اللازمة التي تؤهلها للتنقل الاستراتيجي بين المحاور الدولية واستخدام كل الوسائل التي بيدها في سياق هذا المناورة الاستراتيجية بين المحاور، ولذلك ما تستطيع أن تفعله المملكة، قد لا تستطيع أن تفعله الإمارات هنا.
• مجمل الملاحظات السابقة بشكل أو بآخر تجعل من قمة أبوظبي اجتماع تنسيقي باتجاه يختلف عن الاتجاه الذي تسير فيه الرياض وبالتالي من المنطقي جداً أن لا يكون هناك حضور وتمثيل سعودي في هذه القمة، وبشكل تلقائي على هذا المستوى ترتبط الحسابات الكويتية بشكل كامل مع الحسابات السعودية.
• والجدير بالذكر أن كل ما سبق ذكره لا يعتبر “خلاف” وإنما “اختلافات” أو “تباينات” في المقاربات الدولية بين الدول الشقيقة، وهذا الاختلاف في المقاربات الدولية والإقليمية، نتيجته الطبيعية أن نجد أنفسنا في بعض المواقف معاً، وفي بعض المواقف لسنا معاً.
• المهم هو أن لا نسمح لهذه الاختلافات أن تتحول إلى خلافات مستقبلاً، وأن نوجد آليات وتفاهمات عملية باستطاعتها أن تهضم في إطار منظومة مجلس التعاون هذه التباينات الطبيعية في المقاربات الدولية للدول الأعضاء، هذا التباين طبيعي وصحي في ظل ديناميكية وعدم استقرار مراكز القوى العالمية.
••
عبد الله خالد الغانم – محلل سياسي كويتي
Twitter: @akalghanim11