محلات العند المشهورة بصناعة الحلوى تدفع ثمن الحرب وانقطاع الطرقات وانهيار العملة
عبد الرب الفتاحي – الإرادة:
فقدت محلات الحلويات في منطقة العند حركتها، وضعف الطلب عليها، بعد أن كانت تكتظ بالمسافرين لثلاثة عقود مضت، حبث برزت من خلال اهتمام الناس بالحلويات، وتوافدهم إليها من كل المحافظات اليمنية.
وتقع مدينة العند في محافظة لحج وبلغ عدد المحلات فيها مايصل 40 محل، وتحوي حلويات معروضة بصناديق زجاجية يتم عرضها على الشارع لإبرازها للمسافرين، لكن واقع الحرب وزيادة أسعار المكونات التي تدخل في صناعتها، أدى لقلة بيع الحلوى وركود شل حركتها.
وتتميز مدينة العند التي يوجد فيها كل تلك المحلات، في أنها استطاعت النهوض بالمدينة وانعاشها، وهي ازدهرت في صناعة أشكال متعددة من الحلويات ،والمحلات مجاورة لبعضها بمتدد كبير، وتبرز هذه المحلات من خلال الأسماء التي تحملها واللوحات الإعلانية التي تنتشر في الأعلى.
في السنوات الأخيرة تدهور وضع مالكي المحلات والعاملين في هذه الصناعة، بعد تراجع الواقع الاقتصادي وانهيار سعر العملة اليمنية مع استمرار الحرب.
ضعف حركة المسافرين قلل من شراء الحلويات، حيث كان المسافرين يقومون بشراء عدد كبير من الحلوى، وهذا انعكس سلباً على هذه الصناعة وأضعف انتاج الحلويات.
انقطاع الطرقات الرئيسية الرابطة بين تعز وعدن والطريق التي تربط ين صنعاء وعدن، فاقم من انخفاض حركة الناس وهذا قلل من كميات الحلويات التي يتم بيعها.
التكاليف
رامي عبد الحميد مالك لأحد محلات الحلوى يدرك حجم ما يحيط بصناعته التي تأثرت بعوامل الحرب، لكنه قلق من تراجع صناعتها وبيعها.
يقول رامي: “عملنا يعاني ركود كبير بسبب قلة المسافرين والذين كانوا يقومون بالشراء لهذه السلعة، قبل عقد ونصف والظروف سيئة الآن، كان هناك حركة مستمرة في الماضي، وكان وخط الإسفلت القريب من محلاتنا لا يخلوا من المسافرين لكن وضعنا تغير.
يعزو رامي ذلك لارتفاع لتكاليف المواد التي تشترك في تكوين الحلويات، فالحليب يعد من أهم المكونات في صناعة الحلوى ارتفع سعره كثيراً أضعاف مضاعفة، وكذلك اللوز والسكر والنشاء.
ليست المكونات هي من ارتفع سعرها، يتحدث رامي للبواكت وهي كراتين صغيرة يوضع الحلوى فيها وصل سعرها إلى 24000 ريال بعد أن كان سعرها 12000 ريال.
يتذكر رامي الازدهار الذي كانت عليه صناعة الحلوى في الخمسة عشر عام التي مضت، فالعمل كان جيد ومحلات العمل تضم من سبعة لثمانية عمال، حيث كان هناك بيع متواصل وطلب لا ينقطع على الحلوى.
وبسبب الحرب قامت محلات الحلوى بخفض عدد العاملين إلى ثلاثة عمال وذلك بسبب قلة الإقبال على الشراء، وانخفضت حاجة المحلات للعمال حسب ما تحدث عنه رامي.
قلة الحركة
يضعنا عتيق صالح سعيد وهو مالك لمحل آخر أمام ما تتعرض له الصناعة، من استنزاف وركود في ضعف الإقبال وشراء الحلويات.
حاول عتيق صالح التعرج لما سببه انقطاع خطوط المواصلات بين المحافظات اليمنية، وهذا يعد من أخطر ما تسبب بضعف الناس للشراء حيث كان المسافرين من المناطق الشمالية يشترون كمية كبيرة كهدايا لأقربائهم.
ارتفاع المواد التي تصنع منها الحلويات بشكل مستمر، خلق ظروف صعبت من صناعة هذه الحلويات وزاد من حجم التكاليف المرتبطة بها.
التعقيدات تراكمت وأنتجت صعوبات ويتطرق عتيق صالح لهذه الجوانب، منها انخفاض الدخل بالنسبة لهم ففي السنوات 15 التي مضت كان الإقبال كبير والناس يعبرون كل الوقت والفترات، والبيع لا ينقطع وهناك كميات كبيرة تباع وكميات أخرى تصنع وتعرض.
وأضاف أن فترات العيد كان الشراء للحلوى كبير، وفي كل يوم كانت الحركة للمسافرين تخلق طلب متزايد على الحلويات، وذلك لاستخدامها في الأعياد وتقديمها كهدايا.
وحسب رأي عتيق فإن هناك واقع تغير واحلت أقسى تجربة لهم، حيث لم يعد لديهم القدرة في توفير قيمة المواد التي يتركب منها الحلوى.
لقد أفتقد عتيق للتنافس الذي كان يحدث بين المحلات التي تقوم بصناعة الحلوى في الماضي، والتي كانت متقاربة بجوار بعضها حيث مثل ذلك أحد المحطات الهامة، في توسع المحلات واكتظاظها بالعمال والناس الذين كانت تمتلي بهم الحلويات.
الظروف الصعبة
وسيم القباطي الذي له 17 عام منذ أن قام ببناء محل له في مدينة العند، يقارن كيف صار العمل يعاني من ركود مزمن.
الدور الذي لعبته المحلات من بداية توسعها حسب ما تطرق له وسيم كان لتوفير الطلبات الكبيرة التي نمت في فترة استهلاك الحلوى، وكذلك القيم والعادات التي يعتمدها اليمنيين في استخدامه سواء ما بعد الغداء وفي أوقات الزيارات.
يعتقد وسيم أن الحلوى كانت تجد لها إقبال وكان الشراء من قبل البعض من المسافرين يصل لكميات كبيرة، ويهتم الناس في الحلوى، لوضعها كهدايا وهناك من يظل يحتفظ بكميات كبيرة لاستخدامها لأيام.
في الوقت الحالي تراجع الشراء على الحلويات والسبب حسب رأي وسيم أن ظروف الناس في اليمن صارت صعبة، فالرواتب مقطوعة ومتدنية والناس يهتمون بظروفهم الصعبة، التي تحيط بهم خاصة مع الحرب.
ويضيف وسيم أن الحرب غيرت الكثير في صناعة واستهلاك هذه السلعة، فواقع الشراء متدني والظروف التي يعيشها مالكي المحلات تتعقد، كما أن الحلويات التي كان الطلب عليها مستمر في الليل والنهار، أصبح هناك عدد نادر من الذين يقومون بشرائها.
وقال وسيم: “وصلنا لنكون غير قادرين على توفير فرص عمل، لقد تخلصنا من عمال كنا نقوم بتشغيلهم لأن المحلات وواقع البيع غير كافي، لدفع إيجار العمل لهم، كما أن محلات الحلوى أقفلت لعدم قدرة أصحابها في الاستمرار، نتيجة الخسائر التي يتعرضون لها وارتفاع التكاليف”.
حلويات وبنكهة مختلفة
تتوفر لدى محلات العند العديد من الحلويات التي يتم صنعتها أو ابتكارها، ولكل نوع من الحلويات طلب ومستهلكين، وتسعى المحلات من هذا التنوع، هو لخلق حالة من التجديد في طبيعة عملها لإقناع الناس نحو الشراء.
هناك 18 نوع من الحلويات فالهريس تتوفر بثلاثة أنواع ويوجد الهريس العدني، وهريس الشبك والهريس التعزي.
وكما أن هناك هريس باللوز، وهريس حديدي، وهريس عرائيسي، وهريس عماني، وهريس ملكي بالفراولة والكاك.
تحتوي الصناديق الزجاجية على الحلوى البقري، وحلوى باللبن وحلويات حليب دانو صافي.
في صحون ممتدة في الداخل، يوجد حلويات صافية باللبن وحلويات حليب مع الفراولة، وحلويات مع الشكولاتة، وحلويات بجوز الهند، وهناك حلوى جرد، وهناك خلطة مع اللوز، وحلوى المضروب اللحجي.
كل هذه الحلويات مع كل هذا التجديد، أصبحت تقاوم واقع ما بعد الحرب الذي فرض عليها الركود وتسبب في قلة ما تصنعه من حلوى.