لكل مجتهد نصيب

هذه العبارة (لكل مجتهد نصيب) تداعب مخيلة لكل من يبحث عن المجد والاجتهاد لتحقيق الآمال والأحلام، من الكفاح والمعاناة تكتب الحكايات، قصص النجاح خيالية وأحياناً استثنائية تستحق الوقوف عندها ورفع القبعة لها تقديراً واحتراماً.
حكاية أبوين مهاجرين لبحث عن حياة أفضل في المدينة التي تعرف بالرومانسية عاصمة النور باريس، البحث فيها عن النور وبداية جديدة لهذه الأسرة الكادحة وطفلهم الصغير الذي ولد في هذه المدينة وعمل في طفولته جامع للقمامة وتقديمها للشركات لإعادة تدويرها والحصول منه على مبلغ من المال للمساهمة ومساعدة العائلة لتوفير متطلبات الحياة.
ما زالت للقصة بقية أيها القارئ … هذا اللاعب الكروي لم تمنعه المعاناة من ممارسة هوايته المفضلة وهي لعبة كرة القدم في ضواحي المدينة وانتقل وتدرج في أندية الدرجات الدنيا، وبعدها أتى عرض الحلم من نادي ليستر سيتي الإنجليزي مبلغ يتراوح بين 8-9 مليون يورو إنه الفرنسي من أصول أفريقيه نغولو كانتي، ليلعب موسم واحد وحقق ليستر أحد معجزات العصر بتحقيق لقب بريمرليغ لأول مرة بتاريخه، وكانت المراهنات لفوز الفريق 1_5000 لتحقيق اللقب، لينتقل بعدها إلى لندن مع البلوز تشيلسي.
لاعب المحور صاحب الرئات الثلاث .. سريع كالفراشة .. يلدغ كالنحلة .. يقطع الكرات .. يلتهم المساحات .. صاحب التمريرات الدقيقة .. رمانة ميزان الفريق .. ضابط الإيقاع .. قصير القامة .. ملامح طفولية .. أداء كالرجال .. يعمل بروح وعزيمة المحاربين .. كانتي كالمغناطيس كلما ذهب ألتصقت به الألقاب.
خامة نادرة داخل أرضية الملعب، ختم كرة القدم بإنجازاته ..لقب بريمرليغ مع ليستر وتشيلسي، لقب يورباليغ، بطل كأس العالم 2018 مع الديوك الفرنسية، والآن الشاميونزليغ.
قالوا عن كانتي، المدرب رانييري الذي درب اللاعب في ليستر”لاعب مثل كانتي لايتوقف عن الركض أبداً في المران، حتى أني أعتقدت بأنه يخفي بطاريات في ملابسه”، “مدرب المنتخب الفرنسي ديشامب” لديه مميزات رياضية فوق المستوى الطبيعي، حتى عندما لا يكون جاهز بنسبة 100% ، فإنه فوق العادي دائماً”، أومتيتي مدافع برشلونة” يعمل بأدب ولا يحب الأضواء، حديثه قليل جداً من الخجل، نفعل المستحيل ليشاركنا الرقص ونفشل، ولكنه لا يدع ابتسامته حين ينظر إليك لهذا الجميع يعشقه”.
كانتي وصل لعمر الثلاثين وما زال هناك المزيد من العطاء، الكثيرون يتعاطفون مع هذا الغزال لترشيحه لجائزة الكرة الذهبية، على الأغلب المهاجمون لهم نصيب الأسد في الجائزة ولكن ما يقدمه هذا النجم يفرض نفسه بقوه بأدائه وركن أساسي بالإنجازات، هل سيكون كانتي ثاني أفريقي بعد الليبيري جورج ويا التتويج بالجائزة؟
كانتي مسيرة حافلة بالصعوبات توجت بالنجاحات .. ولكل مجتهد نصيب، وأن بالجد والاجتهاد تحقق الحلم وإن بدا مستحيلاً في البداية.
••
عبد العزيز الدويسان – كاتب في صحيفة الإرادة
Twitter: @aziz_alduwaisan