«المحكمة الدولية» تدين عياش باغتيال الحريري وتبرئ المتهمين الـ 3 الآخرين

أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حكمها بإدانة المسؤول في حزب الله سليم عياش بقضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه عام 2005 بجميع التهم الموجهة إليه، ووجهت اليه تهمة القتل العمد عن سبق الإصرار وارتكاب عمل إرهابي فيما يتصل بقتل الحريري و21 آخرين.
وقال رئيس المحكمة القاضي ديڤيد راي: «تعلن غرفة الدرجة الأولى عياش مذنبا بما لا يرقى اليه الشك بوصفه مشاركا في تنفيذ القتل المتعمد لرفيق الحريري».
وأضاف انه مذنب بصفته شريكا في المؤامرة وارتكاب عمل إرهابي باستعمال أدوات متفجرة وتهمة قتل رفيق الحريري عمدا وقتل 21 شخصا إضافة إلى رفيق الحريري، وتهمة محاولة قتل 126 شخصا إضافة إلى قتل رفيق الحريري عمدا باستخدام مواد متفجرة. وأضاف أن عياش كان يعلم بهدف المؤامرة ضد الحريري. وان الأدلة تشير إلى ان اغتيال الحريري له ارتباطات سياسية لكنها لا تثبت من وجه لاغتياله.
كما تضمن الحكم تبرئة المتهمين الثلاثة الآخرين في القضية، وهم كل من: حسن حبيب مرعي، وحسين حسن عنيسي، وأسد حسن صبرا، من كل الاتهامات المسندة إليهم المتعلقة بالاشتراك في ارتكاب الجرائم الواردة بقرار الاتهام لعدم كفاية الأدلة.
وأعلنت المحكمة أن حسن مرعي لا يعتبر مذنبا في تنسيق الأنشطة المتعلقة باغتيال الحريري، في حين شارك عنيسي وصبرا في عملية التضليل بعد الاغتيال.
وقالت: إن «أمام الدفاع مدة شهر للرد على منطوق الحكم أو طلب الاستئناف عليه».
وذكرت أن «المحكمة تشتبه بأن لسورية وحزب الله دوافع لاغتيال» الحريري، «لكن ليس هناك دليل على أن قيادة حزب الله كان لها دور في الاغتيال»، وليس هناك دليل مباشر على ضلوع سورية في الأمر.
وتعليقا على الحكم، قال رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري الذي حضر الجلسة: إن العدالة بحق قتلة الشهيد الحريري سيتم تنفيذها. وأضاف من لاهاي : «نقبل حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان».
وقال إن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان كانت مطلبا شعبيا، وقد «أدانت اليوم سليم عياش»، مشيراً إلى أن مصداقية المحكمة جاءت من تبرئة 3 متهمين وإدنة الرابع.
وأضاف الحريري خلال مؤتمر صحافي بعد قليل من إدانة المحكمة لعياش : «نريد القصاص العادل من قتلة الحريري»، مؤكداً أن «زمن ارتكاب الجرائم السياسية دون ثمن انتهى».
وقال : «لا نساوم على دم الحريري أو دماء الضحايا».
على صعيد ردود الفعل الأخرى اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان تحقيق العدالة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه يتجاوب مع رغبة الجميع في كشف ملابسات هذه الجريمة البشعة التي هددت الاستقرار والسلم الأهلي في لبنان، وطالت شخصية وطنية لها محبوها وجمهورها ومشروعها الوطني.
ودعا رئيس الجمهورية اللبنانيين إلى ان يكون الحكم الذي صدر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان مناسبة لاستذكار مواقف الرئيس الشهيد ودعواته الدائمة إلى الوحدة والتضامن وتضافر الجهود من اجل حماية البلاد من أي محاولة تهدف الى اثارة الفتنة، لاسيما أن من ابرز أقوال الشهيد انه «ما من أحد أكبر من بلده».
وأعرب الرئيس عون عن أمله في أن تتحقق العدالة بكثير من الجرائم المماثلة التي استهدفت قيادات لها في قلوب اللبنانيين مكانة كبيرة وترك غيابها عن الساحة السياسية اللبنانية فراغا كبيرا.
وكان القاضي راي قرأ في مستهل جلسة النطق بالحكم ملخص قرار المحكمة الذي جاء في 2600 صفحة: وقال: «ترى المحكمة أن سورية وحزب الله ربما كانت لهما دوافع للقضاء على السيد الحريري وحلفائه السياسيين، لكن ليس هناك دليل على أن قيادة حزب الله كان لها دور في اغتيال السيد الحريري وليس هناك دليل مباشر على ضلوع سورية في الأمر».
ومما جاء في حيثيات الحكم: «المتهمون ينتمون لحزب الله.. وعملية الاغتيال تمت باستخدام أكثر من 2.5 طن من المتفجرات». وأكد أن «المتهم بدر الدين قيادي في حزب الله ومسؤوليته كانت رصد الحريري وتنسيق الاعتداء».
وقالت المحكمة: في مايو 2016 أعلن حزب الله مقتل مصطفى بدر الدين في سورية وأعلن انه قيادي في الحزب، ورغم ذلك بقي اسمه في الادعاء. وفي القرار المذكور بدر الدين باسمه سامي عيسى شارك في العملية لاغتيال الحريري.
ويؤكد القرار انه تولى رصد الحريري وقام بالتنسيق مع عياش تمهيدا للاعتداء. ويتضح وفق المدعي العام مشاركته في العملية حسب هاتفه الخليوي الذي تواصل عبره مع عياش ومرعي لتبادل المعلومات المتعلقة بجميع نواحي الموضوع وكانت الشبكة يستخدمها حصرا هؤلاء الثلاثة.
وأكدت غرفة الدرجة الأولى أنها «مقتنعة بأن المتهم سليم عياش كان يستخدم الهاتف الأحمر المسؤول عن عملية الاغتيال وكان له ارتباطات تنظيمية بحزب الله بحسب الأدلة»، مضيفة أن «هناك أدلة من هاتفين خليويين أثبتت دور المتهم حسن مرعي في الاغتيال».
وأضافت أن الهواتف لم تستخدم بأي يوم بعد اغتيال الحريري، وهوية المشتري كانت مجهولة، والأدلة الوحيدة فيما يخص هذه الهواتف هو تبيان أوقات تشغيلها ومن هنا حاولوا إيجاد مستخدميها.
وتابعت: «تمت مراقبة الحريري بشدة قبل اغتياله من قبل المتهمين سليم عياش وحسن مرعي ومصطفى بدر الدين الذين استخدموا شبكات اتصالات للتنسيق لاغتياله»، مشيرا إلى أن المتهمين حاولوا تغطية عملية الاغتيال بتحميلها لشخصيات وهمية.
وحاول المحققون معرفة ما اذا كان هناك اقتران مكاني في الهواتف الخليوية لمعرفة ان كان شخص واحد يحمل هاتفين. والادعاء قدم أدلة وافية عن الاتصالات التي استخدمت باغتيال الحريري وتم الاعتماد على داتا الاتصالات.
وأضافت: اقتنع القضاة في كل التهم للتوصل عند الضرورة الى استنتاجات معينة وصدر الحكم بالإجماع، وكانت الأدلة ضد المتهمين تكاد تكون ظرفية وتوفر الأنماط أدلة لا يشوبها شك لإصدار حكم الإدانة، وتدرك غرفة الدرجة الأولى لضمان مصداقية الشهود في سياق دولي من خلال تفسير مضمونها.
وأكدت انه «لم تتم حماية مسرح الجريمة، وأزالت القوى الأمنية أدلة مهمة من موقع الجريمة، وتم العبث بمسرح الجريمة، وعملية البحث عن مفقودين لم تكن منسقة، إن بعض الأهالي عثروا على احد المفقودين بعد 17 يوما بالاستعانة بكلاب خاصة على نفقتهم الخاصة».
وتطرقت المحكمة الى الخلفية السياسية للجريمة. واستنتجت المحكمة ان قرار الاغتيال تزامن مع زيارة وليد المعلم إلى منزل الحريري إضافة إلى اجتماع في فندق البرستول لمعارضي الوجود السوري، وقالت انها استمعت الى أجهزة كثيرة عن العنيسي، وقد أدلى مروان حمادة ووليد جنبلاط وفؤاد السنيورة وجميل السيد بشهادات تطرقوا فيها الى احداث قبل الاغتيال.
وأشارت إلى انه لا دور للمحكمة في تصحيح أي رواية للتاريخ، فدورها البت فيما ان كان المتهمون مجرمين، الا ان الاعتداء على الحريري لم يكن منعزلا عن السياق السياسي والتاريخي.
وأشارت الى أن سورية كانت تصر رغم معارضة رفيق الحريري على قبول الوديعة السورية في لائحته الانتخابية، وفضلا عن ذلك كان الحريري يلتقي بانتظام مسؤولين سوريين كرستم غزالة.
لكن الحريري قبل اغتياله بـ11 عاما كان يدفع الملايين في دفعات شهرية لغازي كنعان وآخرها قبل اغتياله بيوم واحد. ونظرت الى الدفعات على انها ابتزاز.
وأكدت أن السوريين فرضوا مرشحين على الحريري في الانتخابات وأرادت سورية أن تمدد ولاية الرئيس ايميل لحود لكن السبيل الوحيد كان تعديل الدستور في مجلس النواب، وفي أغسطس 2004 كان الرئيس السوري قد أمر الحريري بالتمديد للحود وقال ان سورية وحدها من يختار الرئيس في لبنان.
وقبل الاغتيال كان حلفاء الحريري يدعون لإنهاء الهيمنة السورية على لبنان وحصلت في سبتمبر 2004 وعقد الاجتماع الأخير قبل الاغتيال بـ 12 يوما. واعتبرت ان اغتيال الحريري بعد استقالته من رئاسة مجلس الوزراء وقبل خوض الانتخابات النيابية يشرح الخلفية السياسية وسبب الاغتيال، وأظهرت الأدلة ان سورية كانت تهيمن على الحياة في لبنان.
ولفتت الى المعارضة المتزايدة للوجود السوري في لبنان، لذا ربما كان لحزب الله وسورية استفادة من اغتيال الحريري، لكن لا يوجد دليل على مسؤولية قيادة الحزب في اغتيال الحزب وان السيد حسن نصرالله ورفيق الحريري كانا على علاقة طيبة.
وذكرت أنه تمت أيضا محاولة اغتيال مروان حمادة وهو حليف للحريري وصديق له في نهاية عام 2004 ونجا من الانفجار وقتل مرافقه الشخصي.
وأفاد شهود بأنه يمكن تفسير الاعتداء بأنه كان تحذيرا للحريري وجنبلاط بعدم تجاوز حدودهما مع سورية، واستقال من الحكومة في نهاية 2004 وربما كان سيؤيد اقتراح انسحاب القوات السورية في الانتخابات النيابية في مايو 2005.
وحضر عدد من أفراد الأسرة جلسة المحكمة الخاصة بلبنان ومقرها هولندا، ومن بينهم ابنه الرئيس سعد الحريري. وفي بداية الجلسة طلب القاضي الوقوف دقيقة صمت احتراما لضحايا انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في 4 أغسطس