قلم الإرادة

مسحة طيب

   جاء للفاروق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – مسك وعنبر من البحرين، فبدأ البحث عن من يزن له هذا الطيب حتى يقسمه بين المسلمين بالعدل.

   فقالت له زوجته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل: أنا جيدة الوزن، فهلم أزن لك، فقال: لا، قالت: ولم؟ قال: إني أخشى أنك إذا قسمت أن تتلطخ يداك بالطيب فتمسحي به عنقك، فأصيب فضلاً على المسلمين، قالت: حتى في مسحة الطيب يا أمير المؤمنين؟ قال: حتى في مسحة الطيب، من تساهل بالصغيرة أوشك أن يقع بالكبيرة، وليس لعمر ولا لآل عمر من فضل على المسلمين حتى يصيبوا من مالهم مالم يصيبوه هم!

   ولكنها مسحة طيب، فقال: وإن يكن، وقام بإعطائه امرأة أخرى تقسمه، لأنه أحب إلي أن تصيبه امرأة من المسلمين من أن تصيبه امرأة عمر بن الخطاب، فإذا كان الأمر لا مناص حاصل، فليكن في امرأة من غير آل عمر.

   حكاية من حكايات الفاروق ورع الفاروق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وهذه أحد المواقف إن دلت فهي تدل على الورع والخوف الشديد من الله تعالى، ورع بمعناه الحقيقي، ومثال على الترفع على الدنيا الزائلة والخوف من العقاب يوم لا ينفع مال ولا بنون.

   يا الله ما نسمع في زماننا من التعدي على المال العام وهناك من لا يحل حلال ولا يحرم حرام، هناك من سيفلت من عقاب الدنيا ولكن الآخرة ستكون الفصل والعقاب، تنافس على الدنيا وزخرفها فهي دار ممر وليس مستقر، الدنيا تمتحننا وتحجب عنا حقيقتها الوهمية، هذه هي الدنيا تعظم بعين الصغير، وتصغر في عين العظيم.

   كم من سرق ونهب وعاث في الأرض والبلاد فساداً، كم من تكبر وتجبر وظن أن منصبه سيمنعه من عقاب الآخرة، كم وكم وكم سيرتد عليهم ذل وهوان وضعف ومرض، الدنيا تعطي الدروس والعبر فهل من معتبر؟!

••

عبد العزيز الدويسان – كاتب في صحيفة الإرادة

Twitter: @aziz_alduwaisan

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى